أحمد صالح بارة يعبر عن المرأة وحضورها في المجتمع في معرضه الفن

يحاول الفنان التشكيلي الجزائري أحمد صالح بارة التنويع في موضوعات معارضه الفنية، لكنه يرى أنه لا بدّ من موضوع واحد لكل معرض، يكون هو الأساس الذي تدور في فلكه كل اللوحات مهما تنوعت المدارس الفنية التي اشتغل عليها.

واختار الفنان لآخر معارضه، الذي تحتضنه دار عبد اللطيف بالعاصمة إلى غاية 12 أوت الجاري، المرأة كتيمة رئيسية بكل رموزها ودلالاتها، وليس كل امرأة، وإنما هي المرأة الجزائرية بهويتها الأمازيغية وبتفاصيلها اليومية والتاريخية والتقليدية التي تميزها عن الكثير من النساء في الدول العربية وحتى العالم، وتحضر إلى جانبها نساء ورموز لنساء من دول عربية، ذكرتهن الأعمال الفنية والتاريخية كقائدات ورائدات أو حتى كمجرمات منحرفات.

تهيمن المرأة بكل حضورها الجسدي والاجتماعي والروحي على أعمال هذا الفنان العصامي، وهو من مواليد 1970 بسوق أهراس، بما يقدمه من إبداع فني راق ولمسة جمالية عالية تبرز مكانة وحضور المرأة الجزائرية والعربية والأفريقية ومساهمتها في حفظ ونقل التراث والثقافة، بجمالية وحساسية كبيرة.

يقدم الفنان 54 عملا زيتيا من الحجم الكبير والمتوسط، أنجزها بين عامي 2015 و2022، تتيح للزوار الولوج إلى عوالم المرأة في بيئتها الأصلية، إذ يأخذ الزائر من خلالها إلى عالم بديع يعج بالحياة والألوان وحكايا النساء، من الجزائر إلى تونس ومن الصحراء الغربية إلى مصر وصولا إلى هاواي، يضم المعرض بورتريهات معبرة عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن، وهن في ملابسهن التقليدية ومحيطهن الطبيعي، تنبعث منها رائحة التراث والثقافة المحلية والحب والإحساس الأنثوي، فمن خلال وضعيات النساء وكيفيات تجمعهن وهن في فضاءات عائلية أو خاصة يرتدين أبهى الأزياء التقليدية والحلي التي تعكس موروثاتهن الثقافية وكذلك طريقة إسدال شعورهن، استطاع بارة بحسه الفني أن يوجد شاعرية خاصة لتلك الأجواء التي تعج بالحياة والأحاسيس النفسية.

وقد تحيل تلك اللوحات إلى تيارات فنية مختلفة كالتكعيبية والمنمنمات والفن الساذج، كما قد يراها العديد من الزوار، إلا أن الفنان يؤكد أن أعماله “جاءت في لحظات عفوية عبّر من خلالها عن أحاسيس فنية تجاه المرأة”، التي يعتبرها “الحامل الأكبر للتراث والثقافة والعادات والتقاليد..”.

وليس من الصعب في هذا المعرض تمييز أعمال تعبّر عن الانتماءات الجغرافية والثقافية والعرقية لأولئك النساء، إذ منحت ريشة بارة بعدا أنثروبولوجيا كبيرا لأعماله التي ترصد أجواء متنوعة من الممارسات اليومية للنساء في محيطهن العائلي وخارجه، وفي مناسبات مختلفة كالأعراس والزيارات وجلسات الدردشة، ويظهر ذلك جليا من خلال بورتريهات على غرار “امرأتان من الطوارق” و”ثلاث مصريات” وامرأة شاوية تحضر الشاي و”توانسة” و”امرأتان من الصحراء” و”امرأتان إفريقيتان” و”امرأتان من هاواي”، المعرض يضم بورتريهات عن المرأة التارقية والعاصمية والشاوية والقبائلية والتونسية والمصرية وغيرهن

ويبدو واضحا تأثر الفنان بعالم الفن السابع، إذ تحضر مثلا لوحة بعنوان “ريا وسكينة”، في إشارة إلى قصة المصريتين ريا وسكينة التي تقول المرويات الشعبية إنهما كانتا مجرمتين دمويتين تسببتا في قتل العديد من النساء بمدينة الإسكندرية، وكذا “باية، امرأة من جربة” التي استوحى شكلها من الممثلة المصرية شادية في فيلمها “شيء من الخوف’.

وبدأ الفنان أحمد صالح بارة مساره في الفن التشكيلي في التسعينات لمّا كان في الجامعة، حيث أقام أول معرض له بجامعة عنابة ثم بنادي الجامعة في سنة 1994، ثم توقف لفترة طويلة وعاد من جديد في 2002 بمعرض فردي له بجمعية الجاحظية بالجزائر العاصمة، وليشارك بعدها في العديد من المعارض الجماعية عبر مختلف الولايات، والفنان المتخرج من جامعة عنابة، في تخصص البيولوجيا، يقول إنه درس تخصصه الجامعي رغما عنه، حيث كان من المفروض أن يوجه قدراته العلمية والفنية لدراسة الفن التشكيلي.

 

Exit mobile version