القطيعة بين الجزائر والرباط تقلق مزدوجي الجنسية والعمال المغاربة في الجزائر

لوموند الفرنسية:

تحت عنوان: “القطيعة بين الجزائر والرباط تقلق مزدوجي الجنسية والعمال المغاربة في الجزائر”؛ قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن هناك ما لا يقل عن 50 ألف مواطن مغربي يعملون في الجزائر بشكل رسمي، ولا سيما في وهران والجزائر العاصمة، وعقدت الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كوفيد- 19 حياتهم، ثم جاء قطع الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب وغلق السفارة المغربية لدى الجزائر، ليزيد الطينة بلة عليهم.

وذلك هو حال إسماعيل فريح، الذي يعيش في بلدة بوروبة جنوب شرق العاصمة الجزائرية، والقادم من مدينة فاس بشمال شرق المغرب للعمل في مجال الجبس والتصميم الداخلي. يظل هذا الأخير مع صديقه أيوب -وهو مغربي يعمل أيضا في مجال البناء- حذرا بشأن العلاقات المتوترة بين الجزائر والمغرب.

يوضح أيوب مازحاً: “لو أفهم في السياسة، لما كنت أعمل في مواقع البناء. سأكون مرتدياً بدلة وربطة عنق، وسيكون لدي حزبي الخاص أو مقعد في البرلمان. لكن صحيح أنه منذ إعلان الجزائر عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، أصبحت أخرج قليلاً وأخشى من أن يتم اعتقالي أو ترحيلي”، كما تنقل صحيفة “لوموند”.

لفهم هذه المخاوف،  يجب أن نعود إلى الخلافات بين البلدين في سبعينات القرن الماضي: تظلمات أو شكاوى تشمل “نزع ملكية أراضي الجزائريين المقيمين في المغرب” عام 1973 والتي تذكرها الصحافة الجزائرية بانتظام. ثم قيام الجزائر عام 1975 بطرد آلاف المواطنين المغاربة إثر فتور العلاقات المرتبط بمسألة الصحراء الغربية.

ووعد رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، بأن قرار بلاده لن “يؤثر سلبا على الجزائريين المقيمين في المغرب والمغاربة المقيمين في الجزائر”، وما تزال القنصليات المغربية في وهران وسيدي بلعباس غربي الجزائر، مفتوحة. لكن بين العديد من العمال المغاربة، هناك قلق ملموس بشأن عواقب هذا التمزق، خاصة أن وضعهم الإداري حساس أصلاً، كما توضح “لوموند”.

وتنقل الصحيفة مجددا عن المغربي أيوب قوله: “لدي فريق من العمال المؤهلين ولدي بعثات في عدة مدن بالبلاد، لكن لا يمكنني فتح شركة. بفضل راتبي وانخفاض تكلفة المعيشة هنا، تمكنت من شراء منزل في فاس وسيارة في الجزائر. أود الحصول على بطاقة إقامة أو ربما جنسية، إذا أمكنني ذلك. ويعيش أيوب في الجزائر منذ 11 عاما، وأصبح قائد فريق بناء، وكان يخطط لإحضار زوجته وابنته إلى الجزائر قبل أن تؤدي الأزمة الصحية إلى توقف خطته. لم ير أيوب عائلته في المغرب منذ عامين، والانهيار الدبلوماسي يزيد الطينة بلّة عليه.

حالة أيوب بعيدة كل البعد عن كونها معزولة، كما تؤكد “لوموند”، مشيرة في هذا الصدد نقلا عن الباحث في علم الاجتماع عيسى قادري، إلى أن “المغاربة يشكلون أول جالية مغاربية تعيش في الجزائر مع 45109 شخصا مسجلين في 2014”. واليوم، من المحتمل أن يكون عددهم أعلى “خاصة إذا أضفنا غير المسجلين والعمال الموسميين”، كما يقول الباحث.

علاوة على مخاوف العمال القادمين من المغرب من تداعيات الأزمة الدبلوماسية على معيشتهم؛ فإن المراطنين مزدوجي الجنسية يجدون أنفسهم كذلك أمام تحد كبير جراء هذا التوتر الحاصل بين البلدين. وذلك هو حال الطالبة الجامعية (وهيبة) التي تنقل عنها “لوموند” قولها: “من المؤلم أن أرى بلديّ في مثل هذه الظروف. هذه القطيعة لا تؤدي إلا إلى تفاقم الاستياء بين الشعبين”. وهذه الطالبة الجزائرية- المغربية، في سنتها الثانية من الصيدلة بوهران. وتكاد قصتها الشخصية المليئة بالأحداث أن تكون مثل العلاقات السياسية بين البلدين المغاربيين.

فقد ولدت في وهران لأب جزائري وأم مغربية، وأمضت حياتها كلها في الرباط، حيث ذهبت والدتها للعيش هناك بعد طلاقها. منذ عامين، تدرس وهيبة في وهران؛ لأنه في الجزائر “الوصول إلى الجامعات أسهل وهناك معادلة الشهادات”، بحسب ما تقول الشابة.

“كنا نتمنى فتح الحدود البرية (المغلقة منذ 1994 بين البلدين) ، لكن العكس هو الصحيح”، تتابع الشابة البالغة من العمر 22 عاما، “خاصة جراء الحرب التي يشنها مستخدمو الإنترنت الجزائريون والمغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي. لا يمكن رؤية هذه الضغينة إلا على الإنترنت. الجميع يحترمني هنا، والجزائريون الآخرون يرحبون بي، الأكثر ضراوة هم أولئك الذين لم يغادروا الجزائر أو المغرب قط ”.

Exit mobile version