تلمسان.. تاريخ عريق، إرث تراثي ووجهة سياحية بامتياز
مازالت مدينة تلمسان، عاصمة الزيانيين، سابقا، تحتفظ بتراث تاريخي استثنائي يتضمن معالم بارزة تعود إلى حقب تاريخية مختلفة، مما يجعلها أكثر المدن جاذبية فيما يخص السياحة الثقافية والدينية عبر الوطن وهي الوجهة التي ينصح بها أكثر السياح لاكتشاف كل هذه الكنوز.
وقد صنفت هذه المدينة من قبل المؤرخين وعلماء الآثار والمؤلفين باسم “لؤلؤة المغرب العربي” و”غرناطة إفريقيا”، لما تزخر به من معالم ومواقع تاريخية وأثرية ذات جمال خلاب، جعلها تستقطب السياح المحليين والأجانب على حد سواء حيث يمنحها هذا الإرث التراثي طابع وجهة سياحية أساسية.
ومن بين كنوز الفن الإسلامي بتلمسان المسجد الكبير الواقع بوسط المدينة والذي يعد تحفة معمارية حقيقية، وقد تم تشييده من طرف المرابطين في القرن الحادي عشر، ثم قام الزيانيون ببناء مئذنته. ويعتبر المسجد الكبير، إلى جانب جامع سيدي بلحسن التنسي (القرن الثالث عشر) ومسجد سيدي بومدين (القرن الحادي عشر) ومسجد سيدي الحلوي من بين أهم المعالم الدينية التي لا تزال قائمة وشاهدة على العصر الذهبي لمدينة تلمسان. وتحتوي هذه المساجد ولاسيما المسجد الكبير وجامع سيدي بلحسن على محراب مزين بدقة فائقة فريدة من نوعها.
كما يوجد بتلمسان العديد من الأضرحة لعلماء تركوا بصمتهم وميزوا زمانهم مثل سيدي يعقوب وسيدي بومدين الذي يعتبر الولي الصالح للمدينة وسيدي الداودي أول عالم مسلم يشرح “صحيح البخاري” وكذلك سيدي إبراهيم وسيدي أحفيف، ولالا ستي وعلماء آخرون ورجال دين عاشوا في تلمسان.
هذه المؤهلات ذات الصلة بالمعالم والشخصيات الدينية تشكل موضوع مسار سياحي طوره قطاع الثقافة والفنون لفائدة ضيوف الجزائر الذين سيشاركون في ألعاب البحر الأبيض المتوسط المقررة في وهران ابتداء من 25 يونيوالجاري، حسب مدير القطاع، أمين بودفلة. وستتاح للزوار والسياح سواء كانوا مواطنين أوأجانب الفرصة لاكتشاف أوإعادة اكتشاف التاريخ الروحي لمدينة تلمسان.
وسيسمح هذا البرنامج السياحي بالاطلاع على المعالم الأثرية والطبيعية لتلمسان مثل أثار المنصورة وكهوف عين بني عاد وهي من أهم العجائب الطبيعية في الجزائر والعالم بالإضافة إلى هضبة لالة ستي المطلة على مدينة تلمسان والتي تتميز بجمال استثنائي لا سيما الغابة الترفيهية “الحجل الصغير” التي تعد مقصد العائلات التلمسانية للراحة والاستجمام.
..برنامج متنوع لفائدة وفود ألعاب البحر الأبيض المتوسط
سطرت مديرية الثقافة والفنون لولاية تلمسان برنامجا ترفيهيا بمناسبة ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران-2022 يشمل سهرات موسيقية في الطابع الأندلسي الذي تشتهر به المنطقة من خلال روادها مثل العربي بن ساري وابنه رضوان وعبد الكريم دالي، والشيخة طيطمة وغيرهم من المطربون الذين برزوا في هذا الفن.
وستقام معارض متنوعة لمنتجات الصناعة التقليدية واللوحات والصور الفوتوغرافية على مستوى المرافق الثقافية لتلمسان على غرار قصر الثقافة ومركز الدراسات الأندلسية وقصر المشور والتي أصبحت منذ تظاهرة “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية” 2011 مراكز حقيقية للإشعاع الثقافي والفني وأيضا وجهات شهيرة جدا للسياح.
بالإضافة إلى هذه المواقع، هناك فضاءات وسط المدينة مثل الساحة المركزية للمدينة وساحة الموقع التاريخي “الحوض الكبير” ومتنزه لالة ستي والمشور. وذكر المسؤول أن هذه الأماكن ستحتضن عروضا فنية في الشوارع مثل الرقص والمسرح ورواية القصص فضلا عن الفضاءات المخصصة للقراءة والثقافة.
كما تم تخصيص مسارا آخرا لأماكن شهيرة حيث بدأ بعض الكتاب مسيرتهم الأدبية مثل المرحوم محمد ديب الذي خطى خطواته الأولى في مقهى “الرمانة” وهوفندق قديم يقع في تلمسان.
وسيتم دعوة الضيوف الى زيارة الأماكن التي ذكرها مؤلف الثلاثية “الحريق” و”النساج” و”الدار الكبرى” مثل قرية بني بوبلان التاريخية ودار السبيطار وغيرها من المواقع الأخرى. وتدعو مدينة تلمسان بتراثها المادي وغير المادي زوارها في رحلة عبر الزمن يطلع من خلالها على تاريخ قرونا كاملة كانت ثرية بالعلوم وكذا علوم الدين والحرف والزخرفة وفن الطبخ واللباس التقليدي.. وهو ماضي يؤكد تسميتها بـ “لؤلؤة المغرب العربي”.
خ.ب