حضرة الرئيس، المطلوب المحافظة على كرامة اللبنانيين
مروان اسكندر
العنوان لا يتعلق بكرامة الرئيس بل بكرامة كل مواطن عادي يأمل في ان يكون هناك تدقيق في إيرادات مختلف الوزارات والوزراء ونفقاتهم، وقد وُضع مرسوم لتحقيق هذا الهدف منذ عام 2001، ثم أُعيد التأكيد على هذا الموجب عام 2006، وندرج نصوص التوصيات التي تقدمت بها الوزارات المختلفة عام 2001، ومن بعد في 25 أيار 2006، وجرى صوغ التوصية الاخيرة بموجب المرسوم الرقم 17053 الذي وقَّع نصوصه الرئيس اميل لحود، ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة ووزير المال جهاد ازعور… الذي هو اليوم الممثل الاقليمي لصندوق النقد الدولي، وقد تأخرت حكومتان في عهدكم في التوجه الى مساعدته من أجل التعجيل في تنفيذ الاجراءات المطلوبة للحصول على دعم صندوق النقد.
ماذا تحقق في عهدكم؟ تأليف حكومة بعد تدفق الموجات الشعبية المناهضة لمسيرة الحكم في 17 تشرين الاول من العام 2019، وكل ما أقدمتم عليه هو تكليف حسان دياب رئاسة حكومة اعتبرتم انها ستُنجز الكثير، وخيّل لكم ولرئيس الوزراء آنذاك – رئيس حكومة تصريف الاعمال اليوم، ان تبنّي الخطة التي وضعتها تلك الحكومة أمر كفيل بتغطية المطالب الشعبية، وهذا الاعتقاد كان خاطئًا لان حكومة دياب كانت عاجزة عن وضع خطة مقنِعة لتجاوز الازمة، بل ساهمت في “جرجرة” الازمة وتفاقمها، مع ادعاء دياب انه حقق 97% من اهداف الخطة، والواقع انه لم يكن هناك خطة ولا تنفيذ لـ1% من اهدافها.
لقد حمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معه الى لبنان خطة جيدة لمحاولة انقاذ الوضع، مفترضاً اقناعكم ورؤساء الكتل النيابية بخطوطها العريضة، وعاد الى لبنان في زيارة ثانية لتأكيد موقف فرنسا، الذي اصبح ايضًا موقف المانيا، والسوق الاوروبية، والإدارة الاميركية بعد أن تأخذ شكلها الجديد مع تسلّم الرئيس المنتخَب جو بايدن مقاليد الحكم.
إن موقف #رئاسة الجمهورية من #تأليف الحكومة يناقض التوصيات الفرنسية والاوروبية والدولية، ولا يمكن اعتبار ما يسمّى الكرامة الوطنية سببًا لتأخير ولادة حكومة اصلاحية، والتذرع بهذا الامر لا يمر على اللبنانيين او على المراقبين الاجانب، والكرامة الوطنية تهدر كل يوم يستمر فيه وجود أفرقاء لا يفكرون الا بالتحكم في ادارة الشأن العام ومخصصات #الإنفاق.
لقد بيّن النائب #ابرهيم كنعان ان #العجز الذي تراكم سنة بعد سنة منذ عام 2010 كان نتيجة تفلّت ارقام الإنفاق على مختلف النشاطات المفيدة وغير المفيدة، والتي كانت نفقاتها من خارج ارقام الموازنة، وهو يعتبر ان العجز تجاوز أضعافاً مضاعفة تقديرات العجز في ارقام الموازنات، وبالتالي هو يقول ان الحكم تجاوز القوانين المرعية لضبط العجز والتجاوزات.
لقد ادرجنا في بداية المقال صورتين عن التوجهات نحو ضبط الانفاق والتحقق من ان شروط عقد النفقات كانت متناقضة مع القوانين القائمة، وانتم اهملتم التقيد بتوجهات المراسيم الموقعة عام 2001 وعام 2006، واليوم اصبحتم مجبرين على الانكماش عن العمل المجدي بسبب احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة وعقم سياساتكم.
العيد الاول عنصره الحيوي التعايش بسلام بين مختلف الفئات، وما تبدونه هو التمسك بحقوق الطوائف، وانكم تمثلون المسيحيين وللرئيس الحقّ في تسمية الوزراء المسيحيين، واساس هذا الافتراض ان “تياره” يمثل غالبية المسيحيين، وهذا الافتراض غير حقيقي. فحزب الرئيس نال من اصوات الناخبين اقل مما حصل عليه مرشحو “القوات اللبنانية”، والطرفان معًا لم يحققا اكتساب نسبة 30% من اصحاب حقوق التصويت بحسب الدستور.
اضافة الى الارقام الاجمالية التي تجلت عام 2018، تجدر الاشارة الى ان 6 نواب انسحبوا من “تكتل لبنان القوي”، وتالياً فإن التمثيل النيابي للتيار لا يتعدى 12 نائبًا يمثلون نسبة ما بين 9 او اقل من 10 في المئة من عدد نواب المجلس الـ 128.
يعرف الرئيس انه لو اجريت انتخابات حرة اليوم لن يحصل التيار على اكثر من 6 نواب، وان المعارضة الرئيسية له ستكون من النواب الذين انسحبوا من تكتل “لبنان القوي”، وبين هؤلاء مَن انجز برامج مفيدة لإنقاذ البلد واستعادة نمّوه.
أيّ برهان على فشل الحكم أفضل من تمنّع الحكومات والبلدان المتطورة عن تقديم اي معونة الى الحكم والعهد والتوجه الى الهيئات الشعبية. ومعلوم ان الالتزامات التي تحصلت للمعونات الانسانية عبر المؤسسات الخيرية غير الحكومية تتجاوز الـ 500 مليون يورو أو 600 مليون دولار بقليل، ولا بد من مرور وقت قبل وضع برامج المساعدات لهيئات تحوز الصدقية.
لقد تجاوز الحكم الدستور في مجالات عدة، منها تعيين سفيرين في أبرز البلدان المؤثّرة، اي الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، ونحن لا نشكك في قدرات الرجلين، لكننا نؤكد ان تعيينهما كان مخالفًا للدستور، فالسفير الى فرنسا هو صديق مقرب من الوزير السابق جبران باسيل وكان من موظفي الخارجية – الفئة الثالثة، فاختار الاستقالة ليصبح باب التعيين مفتوحًا أمامه. والسفير المعيّن في الولايات المتحدة والذي كان يحمل جواز سفر اميركياً، كان ناشطًا في محاولة رأب الصدع في علاقات الرئيس ميشال عون مع سوريا منذ عام 2000.
العهد علَّق الدستور عندما تمنّع الرئيس عن الموافقة على التعيينات القضائية التي هي من صلاحية أعلى هيئة قضائية. والعدالة معلَّقة على توقيع الرئيس الذي لا يحق له التذرع بأي اسباب لاستمرار تمنّعه عن التوقيع.
حضرة الرئيس، نرجو ألا تتوجه لإحياء حكومة حسان دياب. فالرجل كان كارثة على العهد وعلى اللبنانيين، وإنْ لم تشاطر غالبية اللبنانيين هذا الشعور فعليك ان تدرك ان الانتخابات المقبلة عام 2022 مع انتهاء عهدك، لن تمكّن “التيار” من الحصول حتى على 6 مقاعد في المجلس. والسؤال: كيف لنا ان نتحمل سنتين من وتيرة الحكم الحالية وتبقى هناك في لبنان زهرة المعطائين؟
النهار اللبنانية