سلبيات “كان” الكاميرون تسيء لسمعة الكرة الإفريقية

شهدت بطولة كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، في نسختها الحالية بالكاميرون، ظهور عدد كبير من السلبيات والعيوب والنقائص التي جعلت الصحافة العالمية المتابعة لهذا العرس الإفريقي الكروي تصف البطولة بأنها الأسوأ في تاريخ مسابقات “الكاف”.

وواجهت معظم المنتخبات الـ24 المشاركة في البطولة مواقف محرجة بسبب التخبط وسوء التنظيم والعشوائية، ولا يكاد يمر يوم إلا وتطل مفاجأة غير سارة، مثل إعلان أحد الحكام عن نهاية المباراة قبل انتهاء الوقت الأصلي بدقيقة مع عدم احتساب الوقت بدل الضائع، والأخطاء التي حدثت في عزف النشيد الوطني لبعض الدول، وإقامة المنتخبات المشاركة في فنادق غير لائقة.

وتجري هذه الأحداث والمواقف على مرأى ومسمع من الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” السلطة الأولى التي تحكم إمبراطورية كرة القدم في العالم، والتي لم تحرك ساكنا إزاء ما يحدث، وطفت على السطح الخلافات بين رئيس الاتحاد الكاميروني، النجم السابق صامويل إيتو، ورئيس الاتحاد الدولي، جياني إنفانتينو، وبدا رئيس الاتحاد الإفريقي “الكاف”، باتريس موتسيبي، عاجزا عن إيجاد حلول للمشاكل التي تتراكم يوما بعد يوم.

السؤال الذي يتردد حاليا بقوة ولا يجد له جوابا هو: هل أصاب “الكاف” بإقرار إقامة النسخة الحالية في الكاميرون رغم عدم استيفائها جميع الشروط التنظيمية؟ كان “الكاف” مصرا على إقامة البطولة في الكاميرون رغم اقتناعه بأنها لم تكن جاهزة ولا تمتلك البنية التحتية اللازمة لتوفير وسائل الراحة للمنتخبات الـ 24 المشاركة، وها هو الآن يدفع ثمن ذلك.

..مؤشرات سلبية منذ انطلاق المسابقة

كانت المؤشرات تنذر بكل هذه السلبيات قبل انطلاق البطولة التي أصرت الكاميرون على استضافتها رغم عدم استعدادها لها بالشكل الأمثل، وسيؤدي استمرار ظهور مثل هذه السلبيات في منافسات البطولة إلى فشلها الذريع، وقد يجعل نسخة 2021 الأسوأ في تاريخ كأس الأمم الإفريقية منذ انطلاقها عام 1957.

وتفتقد الكاميرون إلى البنية التحتية والمنشآت الجيدة، ولعل العديد من المتابعين شاهدوا فندق منتخب مصر ذا السور الذي لا يتعدى 10 أمتار، ما جعل من السهل على الجماهير تسلقه وتصوير النجم المصري محمد صلاح، في خرق واضح لخصوصيات  بعثات المنتخبات، ولا يخفى عن أحد ما حدث في فندق إقامة منتخب تونس الذي ظهرت حشرات وحيوانات زاحفة في الغرف والحمامات الخاصة به.

..كرات غير صالحة للعب!

من السلبيات المشينة في هذه النسخة استخدام كرات غير صالحة للعب؛ إذ شهدت مباراة مصر ونيجيريا استبدال كرة المباراة 3 مرات في أول 22 دقيقة من عمر اللقاء، في مشهد يشير إلى أن “الاتحاد الإفريقي” يبرم تعاقدات مع شركات تهدر حقوق منتخبات القارة وتضر بمصالحها.

…تقصير في توفير المواصلات

فى موقف مؤسف آخر، اضطر المنتخب الجزائري لنقل لاعبيه في “ميكروباصات” على دفعات إلى مقر إقامتهم عقب نهاية تدريباتهم بسبب عدم وجود الحافلة المخصصة لهم. ولم يمر يوم الجمعة (14 يناير/ كانون الثاني) بهدوء على المنظمين في الكاميرون، وانتهى بشكل عاصف عندما أعلنت الحكومة الكاميرونية عن وجود تهديد إرهابي في مدينة ليمبي التي توجد فيها منتخبات المجموعة السادسة (تونس، مالي، غامبيا، موريتانيا).

..أرضيات الملاعب متردية

رفعت المنتخبات المشاركة شكوى بشأن تردي أرضيات الملاعب التي تقام عليها المباريات، وكذلك ملاعب التدريبات التي تشبه الفناءات المدرسية، وهذا من شأنه أن ينعكس على اللاعبين ويسبب لهم أضرارا وإصابات وكدمات  خطيرة قد تبعدهم عن الملاعب فترات طويلة.

…غياب الإجراءات الأمنية

جاءت حادثة تعرُّض عدد من الإعلاميين الجزائريين إلى عملية اعتداء بالسلاح الأبيض وسرقة هواتفهم النقالة ومبالغ مالية، لتؤكد أن السلطات الأمنية أهملت واجبها في توفير الحماية للصحفيين في محيط فندق الإقامة، رغم إدراكها أن مقرات البعثات الإعلامية تمثل “غنيمة” لهذه العصابات المتخصصة في السطو والسرقة.

ولم تبادر السلطات الأمنية الكاميرونية لتشديد الحراسة إلا بعد أن “فاحت” عملية الاعتداء على الإعلاميين الجزائريين وانتشرت أصداؤها في الصحافة العالمية بشكل عام وشكلت مادة دسمة للصحافة الأوروبية بشكل خاص، رغم محاولة “الكاف” التخفيف من حدة الانتقادات بإصدار بيان استنكر فيه الحادثة وطالب بفتح تحقيق.

…قصة النشيد الوطني

ازداد سوء التنظيم فجاجة في مباراة موريتانيا وغامبيا التي شهدت أخطاء في عزف النشيد الوطني للمنتخبين، ليضطر اللاعبون إلى ترديد النشيد الوطني من دون تسجيل موسيقى كالمعتاد في مثل هذه المحافل الدولية، وشهدت المباراة نفسها حدوث عطل فني في تطبيق تقنية الفيديو “VAR”.

وكانت حادثة عزف النشيد الوطني حديث الصحافة العالمية، وذهب كثيرون إلى المقارنة بين تنظيم النسخة الحالية وبين نسخة عام 2019 في مصر رغم أن الأخيرة كلفت بتنظيم البطولة قبل ثلاثة أشهر فقط من انطلاقها.

ولا شك أن حدوث مثل هذه السلبيات واحتمال تكرارها يقلل، بشكل كبير، من القيمة التسويقية والفنية لبطولة كأس الأمم الإفريقية التي واجهت نسختها الأخيرة اعتراضا على إقامتها من إنفانتينو، وتحفظا من بعض أندية أوروبا التي كانت ترفض التخلي عن لاعبيها المحترفين للمشاركة مع منتخبات بلدانهم.

..نقاط استفهام بشأن التحكيم الإفريقي

أثار الخطأ الذي ارتكبه الحكم الزامبي سيكازوي في مباراة المنتخب التونسي ومالي جدلا كبيرا؛ إذ أطلق سيكازوي صافرة النهاية مرتين، الأولى في الدقيقة 85، والثانية في الدقيقة 89 متجاهلا احتساب الوقت بدل الضائع، ورفض “الكاف” الاحتجاج الذي قدمه منتخب “نسور قرطاج”، رغم وجود خطأ واضح في تطبيق القانون.

وقررت اللجنة المنظمة لبطولة كأس أمم إفريقيا عدم إعادة مباراة تونس ضد مالي، واعتماد النتيجة التي كانت عندما أطلق الحكم صافرته للمرة الثانية (تقدم مالي 1-0) نتيجة نهائية للمباراة.

..هل من مفاجآت أخرى؟

تمثل المباريات المقبلة في كأس الأمم الإفريقية تحديات كبيرة للـ”كاف” ولدولة الكاميرون ممثلة في اتحاد الكرة المحلي، الساعي إلى وضع حد لهذه السلبيات.

وكانت بطولة كأس الأمم الإفريقية المقامة حاليا في الكاميرون مهددة بالإلغاء أو التأجيل على مدار الأشهر الماضية، وسط شكوك كبيرة بشأن قدرة البلد المنظم على الاستضافة، ويبدو أن هذه الشكوك كانت في محلها.

وبصرف النظر عن الفقر الفني والتهديفي في الجولة الأولى التي شهدت إحراز 12 هدفا فقط في 12 مباراة، لم يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتتحول بعض المخاوف الأمنية والتنظيمية إلى حقيقة، إضافة إلى حدوث فضيحة تحكيمية ربما لم تشهدها ملاعب كرة القدم من قبل.

ومن الممكن أن تمنح هذه السلبيات ذريعة للفيفا وأندية أوروبا لإيجاد مبررات وحجج أقوى لعدم إقامة النسخ القادمة في مواعيدها المحددة أو عدم ضم جميع لاعبي الأندية الأوروبية للمنتخبات أو حتى عدم ضمهم مطلقا.

Exit mobile version