مقالات

كنت في الجزائر أرض المليون شهيد

د. محمد صالح المسفر
اهتمامي بالجزائر يعود الى خمسينات القرن الماضي عندما انطلقت الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، ومكان وعيي بالجزائر يعود الى النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي، وكنت مهتما بمتابعة كل ما يجري على ارض الجزائر، وكان اول لقاء مع احد ابرز نساء الثورة الجزائرية هي المناضلة جميلة بو حيرد في نوفمبر عام 1962 بعد الاستقلال عندما زارت جامعة القاهرة، وتوالت لقاءاتي بقيادات الثورة كان في مقدمتهم الرئيس احمد بن بلا رحمه الله، في منزل نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة عبد الحميد السراج في معية وزير البترول والثروة المعدنية الأسبق الشيخ عبدالله الطريقي في عام 1964 ابان انعقاد مؤتمر القمة العربية في القاهرة. وتوالت لقاءاتي بقيادات جزائرية منهم الرئيس هواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة عام 1976 في العاصمة الجزائرية واخرين ليس هذا مكان تعدادهم.
ما دفعني لذكر ما اتيت عليه أعلاه هو مناسبة مشاركتي في وقائع مؤتمر “حركة البناء الوطني” الذي يتزعمها الصديق العزيز عبد القادر بن قرينة في مطلع شهر مايو 2023. والحق انها مناسبة هامة بالنسبة لي لكي اطلع عن قرب على المشروع السياسي والاجتماعي لحركة البناء الاجتماعي في الظروف الراهنة التي تحيط بالجزائر خاصة والعالم العربي عامة. وقد استوقفني منذ البداية خطاب رئيس الحركة الأستاذ عبد القادر بن قرينة وهو يردد شعار مؤتمر حركة البناء واهتمامها الاستراتيجي والذي يرتكز على أربعة محاور وهي “المواطن الفاعل، الوطن السيد، المجتمع المتماسك، الدولة المحورية” فالمواطن عنده يجسد انسان الواجبات نحو الوطن قبل الحقوق، والمجتمع المتماسك هو احياء لقيم طلائع الفتح والتحرير، وتجاوز الجزائريين ما يفرقهم والالتفاف نحو ما يوحدهم، ويعني بالوطن السيد، الوطن المحمي وفي عقيدته وقراراته، وفي اخلاقه ومواقفه واستقلاله. والمحورية في فكر الحركة يجسدها في الرأي بأن الجزائر كانت قبلة للثوار ومصدر الهام لأحرار العالم وهي اليوم مصممة على استرجاع مكانتها في الإقليم كقوة استقرار ودعم الاشقاء وفي العالم بصناعة الأفكار والمبادرات.
وانا اتابع هذا الشعار الخالد أستدعي الى الذهن ما تقوم به دولة قطر بقيادة سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني فهو يدعو الى جعل الوطن سيدا للمواطن والمقيم العربي، وهو مجتمع متماسك فلا حزبية ولا طائفية تعمل من اجل تحقيق مصالحها وانما مصلحة الوطن فوق الجميع، وفي مشروع حكومتنا ان المواطن الفاعل يجسد انسان الواجب قبل الحقوق، كما ذكر سموه في اكثر من مناسبة. ومحورية دولتنا كما قال المؤسس انها “ديرة المضيوم” وكانت قبلة كل من ينشد سعة في الرزق وبحثا عن الامن والاستقرار واليوم تحقق القيادة السياسية القطرية إنجازات على كل الصعد، اعلام متميز لا ينافسه احد، وتعليم واعد، واقتصاد جامح رغم بعض العثرات اسوة باقتصاديات العالم، ومحراب للرياضة العالمية والرياضيين على امتداد العالم وتجربة مونديال 2022 خير دليل على ما أقول.
يؤكد الأستاذ عبد القادر بن قرينة رئيس “حركة البناء الوطني” في خطابه امام اكثر من أربعة آلاف مشارك القول: “ان الجزائر بسبب اصالة خياراتها المبدئية قد أصبحت مستهدفة من طرف قوى معادية تريد ان تختلق الازمات، وتحيك المؤامرات والدسائس، بقصد عرقلة مسار بناء الدولة الجزائرية المحورية” وهنا اجد التشابه والتماثل بين الدولتين الشقيقتين الجزائر وقطر، فبسبب اصالة ووطنية خياراتنا المبدئية في قطر ومواقفنا المشرفة من قضايا امتنا العربية حيكت ضدنا المؤامرات وتشعبت الدسائس ومحاولة تشوية مسيرتنا الوطنية تجاه امتنا العربية، وقوّلت قيادتنا السياسية عام 2017 ما لم تقل بهدف النيل من قطر واستعداء العالم ضدنا بل وراح البعض يحرض العالم بمقاطعة مونديال عام 2022، وذهب بهم الامر الى استخدام المثليين في حملة عالمية لتشويه سمعة قطر ومكانتها بهدف عرقلة تحقيق الحلم العربي في ان تعقد دورة كأس العالم لكرة القدم في قطر اول دولة عربية تنال شرف تنظيم تلك التظاهرة الرياضية العالمية وقد نالت قطر اعجاب العالم بما قدمت دولتنا الحبيبة.
لقد أوضح المناضل عبد القادر بن قرينة رئيس الحركة في بيانه امام حشد جماهيري “ان التنمية الشاملة وسعادة المواطن ورفاهية المجتمع هي اليوم الرهان الحقيقي للمحافظة على مكاسب الامن والاستقرار والإصلاح من اجل الخروج من ضيق التبعية والريع الى سعة التنوع الاقتصادي والمبادرة الوطنية التي يشترك فيها رجال الاعمال الجادون وتتناغم فيها جهود القطاع العام والخاص المدعومة بمنظومة مالية فعالة وناجعة بإصلاح عميق لمنظومتنا البنكية وعصرنة الإدارة ورقمنتها “استدعي من الذاكرة خطابات سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امام مجلس الشورى هذا العام والاعوام التي خلت وهو يردد الدعوة ويحض على التنوع الاقتصادي وأعمال المبادرات الوطنية لتنويع مصادر الدخل كي نخرج من ربقة وهيمنة “السلعة الواحدة” ان دعوة سموه لرجال الاعمال للنهوض بالقطاع الخاص ولكن ليس بمعزل عن تنمية وتطوير مؤسسات القطاع العام وانما بالتوازي وكذلك حض الموطن والمقيم على حد سواء للمشاركة الفعلية بالاندماج في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من اجل بناء وطن يعتمد في معظم حاجاته على الإنتاج الوطني في مجالات الزراعة والصناعة وغير ذلك من عوامل الإنتاج.
يشدد رئيس “حركة البناء الوطني” عبد القادر بن قرينة في خطابه امام المؤتمر المشار اليه اعلاه على ان “الاسرة والمسجد والمدرسة والجامعة هي الحصون الحصينة والتي تشكل لنا حجر الزاوية، ومطلق الحضارة ومرجع المجتمع لحفظ قيمة وثوابته، وتمجيد تاريخه وبطولات وتنمية ابداع أبنائه وتعميق الولاء والانتماء، وهي رهان الدولة في التربية والتكوين والتقدم والعصرنة” وهنا وانا استعرض من الذاكرة خطابات سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على امتداد فترة حكمه ومن بعده أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد فأجد التشابه والتماثل بين قيادتنا الرشيدة وقيادة “حركة البناء الوطني” في الجزائر رغم البعد الجغرافي في المبادئ والاهداف.
اخر الدعاء: اللهم انصر قطر والجزائر وامتنا العربية عموما على من يعاديهم.
الشرق القطرية

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى