آلاف الطلاب يطالبون ببناء جزائر جديدة ومحاسبة “العصابة”
تظاهر آلاف الطلاب، صبيحة أمس، الثلاثاء، في الجزائر العاصمة، بدعم من أبرز رموز الثورة التحريرية، المجاهدة جميلة بوحيرد، مطالبين برحيل النظام، وبناء جزائر جديدة، ومحاسبة “العصابة”، وذلك بعد يوم واحد من حبس رجال أعمال مهمين ومسؤولين سابقين في الجيش بتهم فساد.
وفي مظاهرة أمس،، التي تنظم كل ثلاثاء منذ فيفري الفارط، أصبح شعار “ارحل” الأكثر ترديدا في مسيرة الطلاب الذي تجمعوا في ساحة البريد المركزي، ثم احتلوا الشوارع المحيطة، وخاصة شارع ديدوش مراد حيث تقع جامعة الجزائر. وابتعدت شاحنات الشرطة عن مكان التظاهرة، وتمركزت خصوصا على الطريق المؤدية إلى مقر البرلمان على بعد 500 متر، وكذلك في شارع باستور المحاذي لشارع ديدوش مراد، حيث منعت الطلاب من إغلاق الطريق في وجه السير، باستخدام المرشات اليدوية للغاز المسيل للدموع. وتحت شعار “يا احنا يا نتوما ارحلي يا حكومة”، أي “إما نحن وإما أنتم.. ارحلي يا حكومة”، سار الطلاب بشكل منظم بحسب اختصاصاتهم. فطلاب الهندسة المعمارية وضعوا قبعات بيضاء، فيما وضع زملاؤهم في الهندسة المدنية قبعات صفراء، رافعين لافتة كبيرة كتبوا عليها بالفرنسية “لنبن جزائر جديدة”. أما طلاب الطب والصيدلة فارتدوا مآزرهم البيضاء، وساروا تتقدمهم لافتة “الصيادلة ضد هذا النظام المتعفن”.
ورفض الطلاب إجراء الانتخابات في الرابع جويلية، الأمر الذي يصر عليه رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح المطالب هو أيضا بالرحيل. ولقي الطلاب دعما قويا عبر حضور أحد أبرز الرموز الحية لحرب التحرير، جميلة بوحيرد (84 سنة)، التي توسطت للتفاوض بين الشرطة لعدم استخدام القوة والمربع الأول للمتظاهرين حتى لا يعطلوا حركة المرور. وفي السياق نفسه، ردد المتظاهرون شعار “عصابة يا عصابة جاء وقت المحاسبة”.
وجاءت تظاهرة الطلاب غداة سجن أربعة رجال أعمال من عائلة كونيناف ذات النفوذ الواسع والمرتبطة ببوتفليقة، وكذلك رئيس ومدير عام مجموعة “سيفيتال” يسعد ربراب، الذي يعتبر أغنى رجل في الجزائر. وقبلها، سجن القضاء العسكري اللواء سعيد باي القائد السابق للناحية العسكرية الثانية التي مقرها وهران، وتضم كل الجهة الشمالية الغربية للجزائر حتى الحدود مع المغرب. كما أمر النائب العام العسكري بالقبض على اللواء حبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى التي مقرها الجزائر العاصمة وتضم كل المنطقة الشمالية الوسطى.
وقالت الطالبة صفية (21 سنة) وهي تحمل لافتة كتبت عليها “لا لانتخابات جويلية.. نعم لحكومة تكنوقراطية”: “لا يمكن أن تجري الانتخابات في هذه الظروف. نحن نحو مليوني طالب ولن نشارك في الانتخابات”. وفي السياق نفسه، ردد المتظاهرون شعار “عصابة يا عصابة جاء وقت المحاسبة”. وقال حمزة (22 سنة) الطالب في الهندسة المدنية: “نطالب برحيل كل العصابة التي ورثناها من نظام بوتفليقة: كل المسؤولين الكبار بمن فيهم بن صالح وبدوي”، وذلك بعد استقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز قبل أسبوع.
مسيرات للطلبة في عدة ولايات
وفي مستغانم، شارك آلاف الطلبة في مسيرة ضخمة جابت شوارع المدينة، رفضا للنظام وبقاء رموزه، مطالبين برحيل الباءات الثلاثة (بن صالح، بدوي وبوشارب)، كما حملوا لافتة كبيرة مكتوب عليها “يا بن صالح عيب عليك الجزائر كبيرة عليك”، و”بدوي ديقاج حكومة بريكولاج”. وفي تيزي وزو، خرج صبيحة أمس طلبة جامعة مولود معمري في مسيرة احتجاجية سلمية للمطالبة برحيل النظام. المسيرة انطلقت من جامعة تيزي وزو جابت شوارع المدينة مرورا بشارع احمد لعمالي وصولا الى ساحة 200 الف شهيد.
المتظاهرون رفعوا خلال المسيرة شعارات منددة بتمسك النظام بمقعد الرئاسة وإصرارهم الذهاب للانتخابات الراسية 4 جويلية متناسين بذلك رغبة الشعب ومطالبهم الرافضين أن تقام الانتخابات من طرف أعضاء الحكومة الحالية، كما رفع الطلبة شعارات رافضة لتغيير الوجوه بدل تغيير النظام، مؤكدين ان الحراك الشعبي سيتواصل الى غاية تحقيق رغبة الشعب وتأسيس جمهورية ثانية ديمقراطية بأشخاص نزهاء وشرفاء يختارهم الشعب كما طالبوا قائد الأركان والجيش القايد صالح بتنفيذ وعوده. وكان الطلبة على موعد مع المسيرات في قسنطينة ، مطالبين برحيل النظام، لا سيما بن صالح وحكومة بدوي.
البروفيسور بوجمعة يحذر من سنة جامعية بيضاء
حذر البروفيسور رضوان بوجمعة، أستاذ العلوم والاتصال بجامعة الجزائر، السلطة من أي محاولة للالتفاف على الحراك، بالحلول الترقيعية التي تعيد إنتاج المنظومة بتغيير الوجوه، داعيا الأسرة الجامعية إلى لعب دورها وتوسيع النقاش داخل المؤسسات الجامعية، وعدم السقوط في فخ السنة البيضاء، والاكتفاء بإضراب الثلاثاء رمزيا.
وقال بوجمعة لدى حلوله ضيفا على القناة الإذاعية الأولى ضمن برنامج “ضيف الصباح” إن “أزمة الجامعة الجزائرية هي امتداد لأمراض السلطة، التي تحول دون مساهمة النخب الجامعية في إنتاج المعنى، واقصاء وتهميش الكفاءات، واستنساخ أمراض السلطة من عبادة الأشخاص وتحويل القوى الحية داخل الجامعة من نقابات وتنظيمات طلابية إلى لجان مساندة ومناصرة للمسؤولين”، محذرا من دور التنظيمات الطلابية التي كانت مستغلة من قبل السلطة في “الدفع إلى تعفين الأوضاع”، داعيا الطلبة إلى إبداع أشكال تعبيرية جديدة، دون تعطيل الدراسة، طيلة أيام الأسبوع، مؤكدا أن تعطيل الجامعة لا يخدم حاليا إلا السلطة الحالية.
الطلبة: سندعم الحراك وأعيننا على مقاعد الدراسة
ويقوم الطلبة بدور استراتيجي في دعم الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في الجزائر، حيث تساهم النخبة في اعادة هيكلة المشهد السياسي بانخراطها في الحراك، وخروج الطلبة في المسيرات كل ثلاثاء دليل كبير على وعي هذه الفئة، غير أن المعادلة التي لا بد ان تتحقق هي الاستمرار في الحراك دون الاضرار بالمسار الدراسي للطلبة والذهاب الى السنة البيضاء.
وأوضح أستاذ الاعلام والاتصال كريم دواجي خلال مروره في برنامج “تربية وتعليم” بالقناة الأولى أنه “كان للجامعة الدور الفعال في الحراك لا سيما فيما يتعلق برفع سقف المطالب بالنسبة للحراك الشعبي لان نسبة كبيرة من الشباب اليوم هم من الطلبة، ونشاهد أن كل الجامعات الوطنية تقدم مطالب تخص الحراك بصفة عامة والجامعة بصفة خاصة”، والح على ضرورة التفريق بين الاضراب الشامل والنضال في قضية الحراك من اجل تفادي شبح السنة البيضاء ” صحيح ان الظرف الحالي لا يساعد على الاضراب، لأننا اذا اردنا اليوم أن نغير، فلا نغير بالجهل بل بالعلم، وبالتالي يجب ان نكون يدا واحدة من اجل ان لا نخرج بسنة بيضاء قد تؤثر على مستقبل الطلبة الدراسي “.
وقد أكد الطلبة بدورهم تمسكهم بمواصلة المشاركة في الحراك والاخذ بعين الاعتبار مستقبلهم العلمي وهوما تحدث عنه بعض الطلبة في ميكروفون القناة الثانية حيث قال احدهم إن”الطلبة مستعدون للتضحية من اجل البلد، لكن لابد ان يجتمع الطلبة من اجل ايجاد حل ازاء الاضراب، لدينا تأخر دراسي لا يقل عن الشهر ونصف”، وقالت طالبة أخرى “سنخرج كل ثلاثاء وجمعة، لكن الاضراب الشامل والتوقف عن الدراسة ليسا بالأمر الجيد لا للطلبة ولا للمسار الدراسي، قد نسير نحو سداسي ابيض وهذا امر سيء “، فيما استبعدت طالبة ثالثة اعلان سنة بيضاء قائلة ” اقرار سنة بيضاء سيكون مستحيلا بالنظر الى المشاكل التي ستنجر عن ذلك لا سيما بالنسبة لحاملي البكالوريا الجدد”.
ولا شك أن وراء اللجوء الى التظاهر والتعبير عن رفض الواقع السياسي عدة اساليب تمكن الطالب من الدراسة والتعبير عن موقفه دون المساس بمستقبله- يقول استاذ الاعلام والاتصال مصطفى بورزة في برنامج تربية وتعليم للقناة الاولى – وأن “مشاركة الطلبة في الحراك امر صحي لان الجامعة هي من يجب ان تقود الحراك لأنها هي من تحوي النخب.. وقد بدأت تتضح الرؤى بالنسبة للطالب والأستاذ الجامعي على حد السواء ويمكن لنا ان نقود الحراك كما يمكننا ان ندرس وندرس ونعبر عن امختلجات السياسية وغيرها “.
رضا. ب