ولايات

أدرار: تثمين جلود أضحية العيد ….عادة راسخة لدى سكان توات

 

تعد عملية تثمين الجلود المسترجعة من أضاحي عيد الأضحى المبارك واستغلالها في أغراض منزلية وأخرى حرفية عادة راسخة لدى سكان منطقة توات (أدرار) الذين توارثوها عبر الأجيال المتعاقبة.

فبالرغم من التحولات الاجتماعية و الاقتصادية التي تشهدها حياة السكان وما رافقها من تطور في أنماط الاستهلاك و طبيعة الوسائل المستعملة،  إلا أنها لم تتمكن من ”القضاء” على بعض العادات الاجتماعية التراثية المتوارثة،  على غرار عادة استغلال جلود أضاحي عيد الأضحى المبارك التي قاومت تلك التحولات الاجتماعية و واكبتها لتحافظ على وجودها كجزئية بارزة في حياة السكان ذات بعد اجتماعي و اقتصادي.

وفي هذا الجانب ذكرت خالتي أمباركة (70 سنة) من بلدية رقان (جنوب أدرار) ”أن جل العائلات بالمنطقة لا تزال حريصة على عدم الاستغناء عن جلد أضحية العيد،  أو ما يعرف محليا ب +فروة الخروف+ نظرا لأهميتها في الاستعمال لعدة أغراض”.

وأضافت أن ”استعمال فروة أضحية العيد يختلف حسب صنف الماشية،  حيث عادة ما تستعمل جلود الخرفان في غالب الأحيان للافتراش (بطانيات للجلوس)،  بعد دباغتها من خلال ترقيدها في وعاء مملوء بالماء الممزوج ببذور الدبغ المستخرجة من إحدى الأشجار الغابية والتي تستعمل في ترطيب الجلد و جعله طريا و طيعا لمختلف الاستعمالات”.

وبدورها أشارت الحاجة فاطمة (60 سنة) من بلدية تيمي،  بضواحي عاصمة الولاية،  ”أن التعامل مع جلود الماشية لازال يكتسي أهمية لدى السكان والعائلات،  حيث يلجأ البعض إلى سلخ الذبائح من فصيلة الماعز بعناية و دقة للحصول على جلد الذبيحة في شكل جوربي متكامل و تجنب إحداث أي ثقب فيها للتمكن من استعمالها كقربة (وعاء من الجلد)،  أو ما يعرف ب ”الشكوة ” لتخزين الماء أو الحليب،  وهذا بعد دباغتها وطليها بمادة القطران وربطها بمسدات محكمة من مختلف الأطراف لضمان عدم سيلان محتواها وإبقاء فتحة للجلد من ناحية الرقبة التي تستعمل للتعبئة وصب الماء”.

وأوضحت خالتي فاطمة أن هذه القرب عادة ما يتم الطلب عليها من طرف البدو الرحل و المسافرين لمسافات طويلة بالمناطق المعزولة بأعماق الصحراء،  خاصة المسافرين إلى منطقة برج باجي مختار الحدودية من ممتهني النشاط الرعوي و حتى العائلات بالقصور القديمة و الأرياف التي لا تزال تفضل استعمالها في تبريد و شرب الماء بدل الثلاجات. جلود الأضاحي … مصدر هام في صناعة المنتجات التقليدية .

 

وفي السياق ذاته،  أوضح مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية أدرار،  موساوي عبد الرحمن،  ‘أن جلود المواشي “تعد رافدا هاما لنشاط حرفيي الصناعات التقليدية في مجال صناعة الجلود التي تستقطب العديد من المنخرطين في الغرفة نظرا للإقبال الملحوظ الذي يكثر على هذا الصنف من المنتجات التقليدية من طرف الزبائن و السياح،  سيما في المعارض التي تقام خلال المواسم السياحية و مختلف المناسبات”.

وفي هذا الصدد،  ذكرت الحرفية لنصاري مريم ( بلدية أدرار) ”أن جمع جلود أضاحي العيد تشكل حلقة هامة في توفير المادة الأولية لصناعة الجلود و استخراج العديد من المنتجات التقليدية التي تلقى رواجا و طلبا باستمرار على غرار الأحذية و الحقائب و الديكور المنزلي”.

ودعت ذات الحرفية بالمناسبة إلى ضرورة توفير بعض العوامل اللوجستية التي تؤدي دورا هاما في تسهيل عملية استغلال الجلود محليا بدل نقلها إلى خارج الولاية لتعود إليها في شكل مادة أولية مكلفة للحرفيين.

وأبرزت السيدة لنصاري في هذا الشأن ضرورة استحداث مدبغة للجلود بالولاية لتمكين الحرفيين في هذا المجال من جلب جلودهم إلى هذه المدبغة و توفير المادة الأولية في ظرف قصير و بتكلفة أقل،  خاصة و أن بعض حرف الجلود تتطلب كميات كبيرة منها على غرار صناعة الخيم التي تستهلك الخيمة الواحدة منها أكثر من 40 وحدة جلود المواشي،  إلى جانب الأحذية و الحقائب و الديكور و تزيين الغرف.

وبدوره ثمن حرفي صناعة الأحذية الجلدية بأدرار،  بابا سليمان،  الحملة التحسيسية التي أطلقت لتجميع جلود أضاحي العيد بدل رميها في مكبات النفايات مما يساهم،  كما قال،  في الحفاظ على البيئة و إعطاء قيمة اقتصادية مضافة لقطاع الصناعات التقليدية والحرف بالمنطقة من خلال توفير المادة الأولية لمنتجاتها.

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى