دولي

أزمة جوازي بنعلا: يبرئ نفسه ويتعهد بإعادتهما للخارجية الفرنسية

 

يبدو أن قضية ألكسندر بنعلا، المساعد الأمني السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كلما اقتربت من الخفوت الإعلامي والسياسي عادت وتفجرت من جديد، إذ عاد الأحد للدفاع عن نفسه عقب انكشاف قصة جوازي السفر الدبلوماسيين اللذين استعمل أحدهما في “زيارة خاصة” رغم تأكيده سابقا أمام لجنة تحقيق بمجلس الشيوخ إعادتهما إثر تسريحه.

وكشفت صحيفة “لوموند”، الأسبوع الماضي، عن قيام بنعلا بـ”زيارة اقتصادية” إلى دولة تشاد، “الحليف العسكري الوفي” لفرنسا.  من جهته، أكد موقع “ميديا بارت” الإخباري أن المساعد الأسبق للرئيس ماكرون في القضايا الأمنية، والذي تم تسريحه يوم 23 جويلية، بعد ضلوعه في ممارسة العنف على ثلاثة متظاهرين، على الأقل، في عيد العمال 1 ماي الماضي، مستغلا حضوره كمراقب مع قوات الأمن، سافر مستخدما جوازه الدبلوماسي، إذ يملك اثنين مازالا بحوزته.

وعلى الرغم من تأكيده، أمام لجنة التحقيق التابعة لمجلس الشيوخ، وتحت القسَم، أنه تخلى عن الجوازَين في مكتبه السابق في الإيليزيه، إلا أن وزارة الشؤون الخارجية، التي بادر الوزير المكلف بمسؤوليتها إلى اللجوء للقضاء لاستعادة الجوازَين، تؤكد أنها لم تتسلمهما، وهو نفس تأكيد الإيليزيه، الذي يعترف بنعلا، في نوع من التباهي، بأنه لا يزال يحتفظ في أرجائه ببعض المعَارف. وأكدت الخارجية، في نوع من تبرئة الذمة وإعفائها من المسؤولية، أن هذه الوثائق لا تمنح صاحبها أي امتيازات.

ولا يبدو أن الرئيس إمانويل ماكرون قد تخلص بشكل نهائي من كابوس بنعلا، فقد عادت الانتقادات من كل أحزاب المعارضة، التي تتساءل عن أسباب تساهل السلطات مع هذا الشخص، الذي ورّط الرئيس في أسوأ أزمة سياسية يعيشها منذ توليه الرئاسة، وعن الأشياء التي دفعت الرئيس للدفاع عن حارسه الشخصي لدرجة التصريح بأنه لا وجود لأي علاقة حب بينهما، ومخاطبة خصومه السياسيين الذين يحاولون استغلال قضية ألكسندر بنعلا بأن عليهم أن يأتوا إلى الإيليزيه للبحث عنه، إن شاؤوا.

وتفاجأ بعض ممثلي المعارضة من قدرة شخص وجَّهَتْ إليه العدالة تُهَماً، ليست بالهينة، على السفر إلى الخارج، وباستخدام جواز سفر دبلوماسي. وفي آخر المستجدات، ما طمأنت به صحيفة “لوجورنال دي ديمانش”، المقربة من الإيليزيه، الأحد، قرّاءَها، من أن ألكسندر بنعلا “سوف يعيد الجوازين إلى وزارة الشؤون الخارجية” في الأيام القادمة.

وكشفت الصحيفة أن بنعلا اعترف باستخدامه لهذه الوثائق الرسمية، من أجل “رفاهيته الشخصية”. وعبر عن ارتياحه لأن القضية، الآن، بين يدي القضاء، الذي فتح تحقيقا أوليا، و”الذي سيضع حدا لكل الإشاعات والاتهامات التي تطاوله”.

وفي نوع من الطيش، ومن عدم الوعي بالمسؤولية وبالجدل الذي أثاره، وبالأضرار التي يمكن أن يُلحقها برئيس جمهورية، يحس بأنه محاصر في قصره، ويوجد في أسوأ حالاته، مع انهيار غير مسبوق لشعبيته، يعترف بنعلا للصحيفة، وهو يتواجد في بلد أجنبي: “ربما أخطأت في استخدام هذين الجوازين. ولكني أشدد على القول إن الغرض لم يكن سوى رفاهيتي الشخصية، من أجل تسهيل مروري في المطارات، ولم أستخدمهما بأي حال من الأحوال في أي صفقات”، قبل أن يختم ساخرا: “ولست أدري في أي شيء كانا سيساعداني”.  

وفي نوع من اللغز، يعترف بأنه أعاد هذين الجوازين إلى مصالح الإيليزيه في نهاية شهر أوت، ولكنه تمت إعادتهما مع أشياء شخصية في كيس في بداية أكتوبر ، من طرف شخص في الرئاسة. وهنا لم ير ألكسندر بنعلا مانعا من استخدامهما.

وحول اعترافاته تحت القسَم (وهو ما يعرضه لعقوبات شديدة في حال الكذب) أمام اللجنة البرلمانية، أكد بنعلا أنه كان صادقا حين أكد أن وثائقه توجد في مكتبه بالإيليزيه. وأضاف أن وزارة الشؤون الخارجية، التي طالبته بإعادة الوثائق، لم تجدد طلبها حين استعاد الجوازَين.

 

وتؤكد الصحيفة الفرنسية المقربة من الإيليزيه أن بنعلا كان يحمل أحد جوازي سفره الدبلوماسي أثناء اعتقاله في 20 جويلية  الماضي، في إطار التحقيق حول استخدامه للعنف في 1 ماي ، وهو ما جعل المحققين يطلبون رأي الخارجية، التي ردّت بأن الجواز الدبلوماسي “ما هو سوى وثيقة سفر كغيرها لا يمنح صاحبها أي حصانة، سواء تواجد في الداخل أم في الخارج”.

ولا أحد يستطيع بعد هذه الاعترافات لألكسندر بنعلا، الذي تجمع قيادات معارضة، يمينية ويسارية، على أنه يتنفس الكذب، أن يعرف إن كانت الأمور قد استقرت على شيء، أو أن ثمة أشياء أخرى جديدة ستخرج من جعبة هذا الحارس الشخصي غير العادي لرئيس الجمهورية الفرنسي، خاصة أنه يزعم احتفاظه بعلاقات ومراسلات منتظمة مع بعض أعضاء الرئاسة الفرنسية. الأمر الوحيد المؤكد أن الحارس الشخصي أزعج الرئيس والحكومة، من جديد، وقدّم للمعارضة، التي تحاول أن تقتات على موائد السترات الصفراء، بعض الأجنحة، وقبل هذا ساهم في زيادة مقروئية ومشاهدة وسائل الإعلام. ​

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى