الأخيرة

إرفع رأسك أنت في عفر

الأسير المحرر: أكرم نعيم بني عودة

ليلة مظلمة سوداء كقلب ذلك المحتل الغاصب ، لن انسى تلك الليلة ولا ذلك اليوم 16/4/2003 .. ما زلت في صدمة كبيرة من اعتقال اخي الكبير همام قبل يوم فقط حين عاثوا في البيت تخريبا وفي قلبي فراغا ، لا زلت في صدمة من اعتقالات متتالية لاخوة الكفاح والنضال المتتالية وما زالت دماء خمسة من شهداء الحرية لم تجف بعد

يوم صعب في الليلة الأولى تستيقظ وانت لم تنم بعد .. ينادي عليك عدو مجرم افتح الباب قوات جيش الدفاع ، لم يتركوا زاوية في البيت إلا جعلوها خرابا …يعتقلوا اخي .. وليلة أخرى يأتي “رفيف الصهيونى” وهو مسؤول المنطقة في ذلك الوقت لزيارة غير مرغوب فيها ويسلبني حريتي … في مسار يمتد عبر سنوات في وطن لم أكن أستطيع أن أراه بسبب ذلك المحتل ارقبه من أسفل تلك العصبة التي وضعوها على عيني لكي لا أرى وطني المسلوب وإذا انا برفقة أخ عزيز آخر لم نكن نستطيع تبادل الحديث إلا أن ذلك المحتل أراد أن يؤخذ استراحة في مستعمرة أخرى على أرض وطني أظنها (الحديدية) قبل أن يكمل المسير في رحلة شاقة معصوب الأعين ومقيد اليدين والقدمين ولا تخلوا من الركلات والشتائم إلى عوفر ، معتقل عوفر وأول طريق الدخول بين تلك الأسلاك الشائكة يحاول العدو ان يكسر إرادتنا وان يخفض رؤوسنا اذلالا لكرامتنا لكن ما تضع قدمك على مقربة من اول قسم حتى تسمع ثورة من الكبرياء والعز والشموخ يعلو صوت الحرية وتنتفض فيك كل معاني الثورة وترى سَجّانك قزما ذليلا مترهلا يمشي على استحياء بين جموع عشاق الحرية … تعلوا الأصوات… ارفع رأسك أنت بعوفر ثم يتسابقون إليك تهليلا وتسليما حتى تدخل إحدى الاقسام ومن ثم تبدأ مسيرة الايام جولة هنا وجولات هناك …

..عوفر كان اول معتقل أدخله بعمري الثامن عشر والنصف من عام 2003 …

عوفر ذلك المعتقل مدرسة في صناعة المعجزات ، تعلمت فيه الكثير من تلك المدرسة المحمدية الجهادية وتعانقت مع اخي و وأخوة آخرين من بلدي ..

في عوفر كانت هناك صداقات لا تنسى ، ومحطات تاريخية لا تطوى ، هناك في عوفر أكبر وأكثر عمليات الهروب التي تمت من السجون إلى الحرية … كنت شاهدا عل تلك المعجزة في صباح يوم 12 مايو من العام 2003م تمكن الشهيد رياض خليفة مع الأسير المحرر أمجد دار الديك والشهيد المجاهد خالد شنايطة أن يحفروا نفقاً تحت الأرض يخترق به جدران السجن، وتمكنوا من تحرير أنفسهم من ظُلمة السجن ليستمروا في رحلة الجهاد ومقاومة الاحتلال. حرروا أنفسهم من السجن ومن الدنيا بعد مسيرة من الجهاد والنضال بعد تحررهم رغم انف السجان … في عوفر يكفيك مدارس عميقة في الفكر والوعي والثورة تنهل منها وتبكي ألما عند الرحيل عنها الشيخ المجاهد عزام شويكي ابو العبد والشيخ المجاهد عبد الناصر صويص ابو ثائر والشيخ المجاهد رياض ابو صفية من مبعدي مرج الزهور وثلة من الشهداء التي ما زالت كل سكناتهم وحركاتهم تنعش قلوبنا بالأمل.. الشهداء بإذن الله رياض خليفة والشهيد عقلة شنايطة والشهيد خالد شنايطة طوبى لارواحكم الطاهرة …

عوفر عظيمة ليست سجنا إلا للعجز والفشل … عوفر تُعلمك ان تحلق عاليا ان تنتمي أكثر وان تكون قريبا من الحرية وان تبقى على موعد …

عوفر اولى المحطات وما زلنا نمتطي صهوة الجواد لنكمل لكم أكثر وأكثر…

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى