ثقافة وفن

الأستاذة سهام نجاري: تجارب رواد المسرح لم تكن ناضجة لكي تؤسس لمسرح عربي

أكدت الباحثة سهام نجاري أن التجارب الأولى لرواد المسرح العربي، أمثال مارون النقاش وأحمد أبو الخليل قباني، لم تكن ناضجة بالقدر الذي يسمح لها استخلاص مقومات مسرح عربي مميز من تراثهم الشعبي الغني بالعناصر الدرامية، إذ جمع بين الخيال والإماء والحركة والحوار.

تحدثت الباحثة سهام نجاري، أستاذة الأدب العربي بجامعة بومرداس، خلال تنشيطها للعدد 32 من منتدى المسرح عن التجريب في المسرح العربي، بين التأسيس والتأصيل، وتساءلت الباحثة في هذا الإطار عن مدى إمكانية اعتبار العودة إلى التراث الشعبي، والبحث عن عناصر درامية قابلة للمساءلة والمسرحة على ضوء الحاضر، نوعا من أنواع التجريب، كما تساءلت عن إمكانية اعتبار غياب دراسات معمقة في مجال التراث العربي، من أسباب تأخر تأسيس مسرح عربي بملامح عربية، واعتبرت الباحثة سهام نجاري أن التجارب الأولى لرواد المسرح العربي، أمثال مارون النقاش وأحمد أبو الخليل قباني، لم تكن ناضجة بالقدر الذي يسمح لها استخلاص مقومات مسرح عربي مميز من تراثهم الشعبي الغني بالعناصر الدرامية، إذ جمع بين الخيال والإماء والحركة والحوار.

وتضيف نجاري أن التجربة العربية استغرقت ما يزيد عن قرن قبل أن تشرع فعلا في استنطاق الموروث الشعبي، من خلال توظيف العناصر التي وجدتها قادرة على التحاور مع قضايا الحاضر، عناصر تملك خاصية التطويع والهدم ثم البناء لتشكل مادة جديدة مرنة قابلة للهدم والبناء مرة أخرى، وتباينت التجارب في هذه المرحلة، وتفاوتت من حيث النجاح والتعثر، هذا الأخير يعزى إلى غياب الوعي الفني وعدم إدراك خصوصية المرحلة، فكل اكتشاف جديد يساعد على التحرّر من التقنية القديمة، ويتجاوز الأدوات المختلفة أو يطوّرها أو يلغيها أو يطرح بديلا عنها لكي يكون ملائما لطبيعة العصر ومقتضيات الحال، فهو تجريب بالضرورة، وبهذا المعنى فالتجريب تعبير عن الإحساس العام بالحاجة إلى أشكال فنيّة جديدة للتعبير عن التجربة الحياتيّة، واستيعابها عبر التجربة الفنية الجمالية، تقول المتحدثة، معتبرة على هذا الأساس أن التجريب تصوّر حداثي أوجده الإنسان يجمع بين الجمالي والمعرفي، اقتضته اللحظة الراهنة التي يعيشها من أجل تجاوز اللحظة السابقة التي لم تعد تمثّله، ما جعل منه بحثا متناهيا في المغامرة وتأكيدا على فاعلية الذات المبدعة.

واعتبرت الباحثة أن المسرح العربي لن يعرف بداية جديدة وقوية إلا إذا فهم عمق أزمته، من خلال المساءلة والاستنطاق والاستحضار على مستوى الفضاء والزمان، ولاحظت أن المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد قد أعلن من خلال احتفاليته ميلاد مشروع فني جديد يسعى نحو تأسيس مسرح عربي يحاور التراث ويسائله وينتقد الذات ويتجاوزها، ولكنها تساءلت بالمقابل: هل يمكن عدّ احتفالية برشيد تجربة رائدة في اتجاه التأسيس لمسرح عربي فهم عمق أزمته؟

كما تساءلت نجاري عن السبب الذي يجعل الذات العربية، التي أنتجت في القديم أشكالا فرجوية كالحلقة وخيال الظل والحكواتي، عاجزة اليوم عن مساءلة واقعها بعمق وإبداع فرجات مسرحية جديدة قريبة من وجدان الأمة العربية المتخبطة في صراعات حضارية وأخرى وجودية.

من جهته، قال الدكتور حبيب بوخليفة بأن ظهور المسرح بمفهومه الأرسطي والعلبة الإيطالية في المجتمعات العربية كان أساسا نتيجة الاستعمار الاستيطاني، ما يجعل منه فنا مستعارا، وأضاف بأن الجزائر من الدول العربية الأولى التي اهتمت بالفن المسرحي مبكرا، وكانت المراحل التأسيسية عبارة عن مزج الشكل المسرحي الدرامي بمحتويات شعبية، من مواضيع اجتماعية أخلاقية في نوع كوميدي يبحث عن الفرجة والمتعة، ولم تكن هناك اهتمامات فلسفية وجودية وجمالية، ومن أسباب ذلك المراقبة الشديدة على التعبير المسرحي، وأكد المتحدث على أن أول عناصر التأصيل والتأسيس كانت لغة الحوار العامية والتمثيل الحيوي الكوميدي الغنائي، حيث كانت الكتابة استعجالية ذهنية منطوقة متأثرة بالاحتفاظ بالبناء الدرامي لمسرحيات موليير، وبعدها عدد من النصوص الكلاسيكية خصوصا بعد الاستقلال، حيث أن معظم النصوص كانت مقتبسة من المسرحيات الكلاسيكية.

وتساءل بوخليفة عمّا إذا كنّا قد حققنا التأصيل أم أننا ما زلنا في مرحلة التأسيس؟ وهل أبدعنا في تكوين رصيد معرفي مسرحي نظري بما فيها النصوص المسرحية الدرامية الكافي لكي نتحدث عن التأصيل؟ وخلص بوخليفة إلى أن الحديث عن التأصيل ما يزال مبكرا لأسباب لها علاقة مباشرة بطبيعة المجتمع.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى