الأخيرة

الأسير كميل أبو حنيش الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة

بقلم: حسن عبادى

تعرّفتُ إلى الأسير كميل أبو حنيش عبر رواياته وتناولت بعضها، هاتفني من سجنه، تحادثنا وتعارفنا والتقيته المرّة الأولى يوم الاثنين 03.06.2019 في سجن ريمون الصحراوي، عشيّة عيد الفطر، أعدّت زوجتي سميرة علبة كعك وطلبت توصيلها له لكنّها بقيت يتيمة على بوابّته.

بعث كميل برسالة جاء فيها: “أعدّي الكعك وهيّئيه في كل عيد، فربما تتحقّق معجزة حريّتنا من بعد هذا الضباب الكثيف، وقد تكون رشوة لأقدار مخبّأة في سديم الزمن، وتتحقّق نبوءتك بأن نأكل الكعك ونحن نتأمّل أمواج بحر حيفا. خبّئي هذا الوعد، واتركيه مدفوناً في بستان قلبك، فربما ينمو ويأتي مثل هذا اليوم، وإن لم يأتِ أو يتأخّر قليلاً أو كثيراً عندها يكفينا شرف المحاولة في الحلم وصناعة الفرح، فقد يكون الطريق إلى الحلم وهو ينطوي على هذا القدر من المتاعب.” توطّدت العلاقة وزرته بعدها عدّة مرّات، صار يتصّل بي هاتفيًا كلّما سنحت له الفرصة، واليوم عيد ميلاده السابع عشر خلف القضبان ويبدأ عامه الثامن عشر. أهو فعلًا “عيد”?!? نعم، أعددنا الكعك لنضيء شمعة أخرى من شمعات العزيمة والأمل، دحر الشعور بالهزيمة وانتصار الحياة. يحلم كميل بجنّته في مزرعة الغور، كنّا هناك والتقينا والديه: ربحيّة وسعيد أبو حنيش، لقاءً عابرًا استمرّ ساعات طويلة بين مزارع البندورة والفلفل، بيّارات البرتقال والليمون والكلمنتينا، وروح كميل، الحاضر/الغائب، في سماء الغور. يشعّ كميل انبعاثًا وأملًا بالحريّة القادمة لا محالة رغم محكوميّته بتسعة مؤبّدات…هاتفني نهاية الأسبوع الفائت ورفعنا معًا كأس الحريّة علّنا نطفئ اليوم آخر شمعة من شمعات الظلام! تواعدنا أن نحتفل بعناقه شمس الحريّة في حيفا وبقي السؤال عالقًا: هل سيكون عشاء الحريّة منسف ولّا مسخّن؟!؟لك عزيزي كميل أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة، على أمل أن يكون عشاء الحريّة قريبًا.

حيفا 15 نيسان 2020

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى