الإعلامي حميدة العياشي “الثقافة هي أن تجعل الحراك محطة لانطلاق تفكير جديد، وليس لإنتاج كهان جدد”
يرى الكاتب حميدة العياشي أن الحراك الشعبي الذي عرفه الشارع الجزائري منذ 22 فيفري المنصرم، قد أنتج منذ اللحظات الأولى لميلاده مناخا جديدا، تميز بإحداث ثغرة عميقة في العقل الشعبي الجزائري، أفرزت جيلا مختلفا،عن الأجيال السابقة متحررا من ثقل الأيديولوجيا، ما جعل الحراك يندرج ضمن عملية ثورية طويلة النفس ومركبة البناء أكثر من أن يكون مجرد عملية إصلاحية،
كتب الإعلامي حميدة العياشي الذي يعد من المرافقين الأوائل للحراك الشعبي عبر مقال له نشر بموقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” أنه قد ظهرت في الشهور الأولى للحراك عدة محاولات في فضاء التواصل الاجتماعي وفي الفضاءات العامة للتعبير ثقافيا عن لحظة ميلاد الجزائر الجديدة ذات الشكل الجنيني، لكن حسبه بقي ذلك غير كاف، واعتبره نقطة الضعف الثقافية للثورة الديمقراطية التي انطلقت دون الديمقراطيين أو بتعبير أدق بدون الوعي الثقافي للثورة الديمقراطية
وقال انه هناك المثقفون الذين شعروا أنهم أضاعوا فرصتهم في قيادة الثورة إلى مجارات الحراك من الخارج وليس من الداخل،اختطفوا من الشاب سفيان عباراته الشهيرة “يتنحوا قاع” ليتبناها على طريقتهم وداخل لغتهم القديمة،لكن دون القدرة على تمثلها ثقافيا وفلسفيا لآن يخوضوا حراكا داخليا داخل الفكر التقليدي الذي ظل يكبل أسلوبهم في التعاطي مع السياسة والسلطة ومع بعضهم بعض كمستهلكين وبائعين في الوقت ذاته لسلعة خطابية وهذا ما يجعلنا يضيف الكاتب اليوم نطرح هذه المعادلة التي تربط بين الحراك والثقافة. وقال بهذا الصدد “أن تجريد الحراك من بعده الثقافي، يفتح الباب على مصراعيه لانتصار قسم الثورة المضادة التي قد لا تقودها القوى المحافظة داخل النظام لكن أيضا تقودها القوى المحافظة داخل المعارضات التقليدية،فالحراك جاء مدينا لكل الطبقة السياسية والثقافية بأنواعها وأطيافها، ومشككا في لغتها وسلوكاتها ،لكن افتقاد الحراك إلى ممثلين جدد،وخلاقين قد يجعل منه رهينة الفكر القديم الذي ظل رهين سلطة الايدولوجيا” متابعا “بقدر ما افرز الحراك الحالات المرضية للثقافة القديمة،وكشف عن حدود الظواهر التي تمثلت في صور الباريسية النوفمبرية عند اليمين، وظاهرة العدمية الاصطناعية عند مدعي العلمانية والنيو لبرالية الثورية،الذين يمارسون الثورة ومواجهة النظام بالوكالة ،فانه أمام تحد كبير في محال إنتاج الثقافة من قبل القوى التقليدية المهيمنة على المجال الثقافي ومن هنا وجب الالتفات إلى القوى الثقافية الجديدة، التي ازدهرت بعيدا عن الأضواء الرسمية للإعلام ،اختارت فضاءات التواصل الاجتماعي لكن أيضا حلقات المقاهي الأدبية وللقاءات الطرفية.
في السياق ذاته أشار الكاتب إلى إن هذه القوى الجديدة هي من تملك القدرة على التعامل ما جاء به الحراك من قيم جديدة ولغات جديدة لم يتم استيعابها من قبل القوى الثقافية القديمة التي لم تتمكن من الخروج والتحرر من منطق الكسب والخسارة من موقع الريع الظاهر والخفي أن الحديث عن أهمية الثقافة وعلاقتها مع الحراك،ليس بالضرورة الإنتاج عن الحراك، مثلما حدث للكثيرين الذين سارعوا بالكتابة عن الحراك وإنما التعبير من داخل روح الحراك ونقل هذه الروح من خلال الممارسة الإبداعية للشعارات التي طغت على الحراك، مثل شعار السلمية الذي يتجاوز حدود الشعار ليتحول إلى فلسفة بحاجة إلى فلاسفة جدد من طراز مختلف يتخطون حدود الاكتفاء بماتركه غرامشي من مفاهيم عن المثقف العضوي والمثقف التقليدي
وعلق في الأخير، بأن الثقافة اليوم، هي التي تجعل من الحراك محطة لانطلاق تفكير جديد، وليس للعبادة وإنتاج كهان جدد،ولحظة لتأمل الحدود والتفكير في دفعها إلى نقاطها القصوى.
نسرين أحمد زواوي