التشكيلي فريد بن ياع يستعرض جمال مدينة الجزائر وعمرانها الفريد
يتواصل بقصر الثقافة مفدي زكريا وإلى غاية الخامس والعشرين من شهر جويلية المقبل، المعرض الذي يقيمه الفنان التشكيلي والمهندس المعماري فريد بن ياع الذي يحمل عنوان “خليج الجزائر العاصمة”، ويستعرض من خلاله جمال مدينة الجزائر وعمرانها الفريد من نوعه.
يكتشف الزائر للمعرض، قدرت الفنان فريد بن ياع في الجمع بين تقنيات الفن المعماري وجماليات الفن التشكيلي من خلال اعماله التي تكشف جمال وخصوصيات هذه المدينة العريقة التي يميزها موقعها وتضاريسها، فهي تنغمس جذورها في مياه البحر المتوسط وترتفع بناياتها على أطراف هضبتها لتشكل ديكورا مبهرا.
وفي لوحة ضخمة في مدخل المعرض، تظهر المدينة انطلاقا من البحر في اتجاه أحيائها الشهيرة يتقدمها حي القصبة العتيق بتصميمه المميّز ومعماره الجميل، لتتواصل الرحلة في مختلف الأحياء والعديد من الأنماط العمرانية التي تزخر بها المدينة.
ويقترح الفنان من خلال الصور والبيانات والرسومات إنجاز مسلك خاص يسمح للراجلين بالتوجه انطلاقا من أعالي العاصمة على مستوى رياض الفتح في اتجاه البحر مرورا بأماكن ومعالم منها دار عبداللطيف ومتحف الفنون الجميلة في اتجاه حديقة التجارب ثم في اتجاه البحر.
وتصريح صحافي للفنان أكد أن هذا المشروع الذي شرع في دراسته منذ أكثر من ست سنوات إمكانية بناء عدة مؤسسات ثقافية وتجارية وترفيهية وفضاءات للفنانين وكذلك مسرح في الهواء الطلق، ترافق هذا المسلك وتمنح الزوار إمكانية الترفيه والترويح عن النفس، كما تحدث أيضا عن إمكانية استحداث ميناء للنزهة وتوفير مراكب صغيرة للفسحة من خلال جولات بحرية وكذلك للتنقل بين مختلف الأحياء المتواجدة على ضفاف الخليج العاصمي.
إلى جانب هذا المشروع خصص المعرض تكريمات على شرف الكثير من المعماريين الذين قاموا بعدة إنجازات في العاصمة وكذلك الذين ساهموا في ترميم بعض المعالم، ومن بين هذه الإنجازات صور عن قصر الثقافة ومدرسة الفنون الجميلة وبناية المجلس الشعبي الوطني، كما شمل المعرض أعمالا تبرز الجمال المعماري لمعظم أحياء العاصمة بواجهاتها المميزة وأسطحها تحت عنوان “الجزائر العاصمة شرفات تطل على المتوسط”، وقال بن ياع بخصوص الجمال الخلاّب لمدينة الجزائر إن مدينة الجزائر مخبر في العمران لأنها تضم أكبر عدد من الأنماط العمرانية بين محلية ومشرقية وغربية.
ويعرض أيضا بالمناسبة أعمالا تظهر تنوع وكثرة المعالم الموجودة بالعاصمة التي يفوق عددها الستّين معلما رسمت كلها بالريشة والقلم وهي شيء قليل مما هو موجود، كما قال الفنان، معتبرا أن الغاية من هذا المعرض هي التوعية بجمال وثراء هذه المدينة التي نعيش فيها، بالإضافة إلى العمل على الحفاظ على التراث المعماري للجزائر العاصمة ودعمه بمشاريع ومنشآت تساهم في تطوير حركة الترفيه وتنشيط الحركة الثقافية في العاصمة ومن ثمة في البلاد بأكملها.
والمتأمل في الجزائر، أو حتى الدارس لتاريخ هذا البلد، سيلاحظ تعاقب الكثير من الأمم والحضارات المُختلفة التي وضعت بصمةً مُختلفة وجميلةً في البناء الجزائريّ، فالعمارة الجزائرية هي عمارة إسلامية تمزج بين خصائص فن العمارة الأندلسية، والشرقيّة، والأوروبيّة، والصحراويّة، مما يصنع طابعاً معماريا فريداً ليس له نظيرٌ يُدهش الزائر عند رؤيته.
وتأثرت العمارة الجزائرية بطبيعة التربة وألوانها، والصخور المختلفة والجذابة، ويمكن القول إنّه عندما يذهب الزائر إلى الجزائر سيجد عمارة مشابهة لتلك الموجودة في إسبانيا أيام الأندلس مع الكثير من الجمال، كما يغلب على العمارة الجزائريّة الحديثة تأثُّرها بالطابع المعماريِّ القديم في بناء المساجد والمباني الأخرى، واستمدت مظاهر الفن المعماري الجزائري زخرفة المباني من الزخرفة الإسلامية الموجودة في الشرق، ومزجتها بالزخرفة الأندلسيّة، فصار يغلب عليها استخدام الأشكال الهندسيّة، كما أنّ هناك زخرفة للنباتات والأشجار، والزخرفة الكتابية؛ مثل الكتابة بالخط الكوفي على شكل شريطٍ يُحيط بالعمارة كما يظهر ذلك على جامع تلمسان، ولأن الزخرفة شكلٌ جميل للعمارة، فإنه يغلب على العمارة الجزائرية الترف والإسراف في وضع الزخارف.
وتنتشر الأقواس في الكثير من العمارات الجزائريّة القديمة، فهناك الأقواس التي تُشبه حذوة الفرس الدائريّة، والأقواس المدبّبة والمزخرفة، وكذلك المفصصة التي اشتُهرت بها الأندلس، حيث اعتُمد على الأقواس في رفع السقوف، فتباين بعضها من حيث العدد، حيث ظهر العدد المُبالغ للأقواس التي تحمل السقف في بعض العمارات والمساجد كجامع قرطبة.
نسرين أحمد زواوي