ثقافة وفن

الرسم بألوان الزجاج على السيراميك.. حرفة جديدة في الجزائر

 

الجزائر ليست غنية فقط بمواردها الطبيعية، بل أيضا بموروثها الثقافي المستمد من تاريخها الممتد لآلاف السنين، والذي نجح أبناؤها في ترجمته باستخدام الحرف التقليدية الكثيرة والممتدة من جنوب إلى شمال البلاد، ومن شرقها إلى غربها، وساعدهم في ذلك سعي الحرفيين في الأعوام الأخيرة لمحاولة إعادة إحياء ما اندثر من هذه الحرف.

غير أن عمار بن زين فضَّل أن يخلق حرفة جديدة في الجزائر، يعشقها ويمارسها في أغلب الأوقات، بل ويمنح “ألوان الزجاج على السيراميك” مكانة خاصة في منزله. الفنان الجزائري لا يشغله شيء عن حرفته الجديدة، عيناه لا ترى إلا قطعة السيراميك والألوان ومختلف المعدات وهو يتفنن في رسم “الزربية” الجزائرية الأصيلة، الخاصة بمحافظة غرداية أو زربية تيزيوزو، أو رسومات أخرى تعتمد على الزخرفة أو الرموز القبائلية الأمازيغية.

وحاول الفنان عمار، حسب حديثه لـ”العين الإخبارية”، المزج بين ما يشبه الفن التشكيلي والحرفة التقليدية، من خلال رسم الزربية الجزائرية على قطع مستطيلة أو دائرية من السيراميك، موظفا مختلف الألوان التي يشتهر بها السجاد الجزائري، لكن يبقى “قلم الرصاص” هو الأساس لإخراج تحف يعرضها للبيع وتلقى إقبالا لافتا من الجزائريين.

وقال الحرفي عمار بن زين إن تلك التحف الجميلة التي يصنعها لا تتطلب “إلا البساطة”، وذكر أن التقنية التي يعتمد عليها في الرسم هي الألوان الزجاجية على السيراميك، والمادة الأولية المستعملة هي “الكريستالين”. وتابع: “الألوان الزجاجية الشفافة هي الوحيدة التي يمكن استعمالها في السيراميك، وعند التعامل مع قاعدة بيضاء فإن النتائج تكون رائعة خاصة بالنسبة للشخص الذي يحسن التعامل مع الألوان بطريقة مدروسة”.

  “لا أحب تقليد الآخرين”، يقول عمار، موضحا: “قد يكون هذا أحد أسباب نجاحي، ورغم استعمالي قلم الرصاص فإني لا أعتمد على الورق الشفاف، كما يفعل كثير من الفنانين”.

أحضر عمار قطعة مستطيلة من السيراميك ليؤكد لـ”العين الإخبارية”، التي التقاها في الجزائر، بساطة وسهولة هذا الفن، وأنه لا يقلد الآخرين، وشرع في شرح سر مهنته، وهو يرسم بقلم رصاص خطوطا متوازية ومتقاطعة مرئية دون أن يستعمل مسطرة.  

مسطرة عمار لم تكن إلا تقنية خاصة به تعتمد على الدقة، من خلال وضع الخنصر عند حواف السيراميك، لتخرج تلك الخطوط مستقيمة، من خلال “نموذج عفوي” كما قال، ويعتمد في عملية الرسم على قلم رصاص من نوع “B6” و”B5” الذي يحتوي على مادة شمعية؛ لتظهر فيما بعد أشكال مثلثات متقابلة من خلال تغيير وضعية القلم في كل مرة، وهي المرحلة الأولى من تصميم الفنان عمار.

أما المرحلة الثانية، فاعتمد فيها الفنان على اللون الأسود لإظهار تلك الخطوط بشكل أوضح، لكنه لم يعتمد على خطوط مستقيمة، بل على خطوط متموجة لإعطاء طابع جمالي للشكل النهائي.  وعلى عكس المرحلة الأولى، يبدأ عمار بإعادة رسم المثلثات ومن ثم الخطوط المتوازية والمتقاطعة. وعن سر استعماله اللون الأسود، قال عمار إن ذلك يسمح بإحداث تفاوت في الدرجات اللونية والتفرقة بين الألوان الزجاجية التي يستعملها فيما بعد.  أما عن أسعار التحف الفنية والتقليدية التي وضعها عمار بن زين، فتتراوح بين 16 و20 دولارا للقطعة الواحدة، وقد تصل إلى أكثر من ذلك حسب حجم قطعة السيراميك ودقة وصعوبة الأشكال والرموز والرسوم.

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى