الغنوشي يتحدث للمرة الأولى عن علاقته بالسبسي: لدينا نقاط تشابه كثيرة والتوافق هو الخيار الأفضل لتونس
حصلت “القدس العربي” على شهادة خاصة لرئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، يتحدث فيها للمرة الأولى عن علاقة المتميزة مع الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل الأخير.
ويقول الغنوشي، في الشهادة المرسلة أساسا لمجلة “ليدرز” العربية (وحصلت “القدس العربي” على نسخة خاصة منها من نجل السبسي): “لا أعتقد أنّ لحظة الكتابة عن صديقي الراحل الباجي قائد السبسي، بعد سنة من وفاته، هي لحظة يسيرة بعد سنوات من تلازم المسارات حتى في المرحلة التي غلب فيها الظن بأنّنا أخذنا طريق القطيعة أو الصدام. من الصعب أن تختزل الكلمات علاقة اختلط فيها الشخصي بالسياسي في خلطة كيمياوية جمعت رجلين قادمين من عالمين مختلفين بل متنافرين، ليصنعا معا عبر ما يعرف “بلقاء الشيخين”، ملحمة التوافق الوطني التي كانت لحظة فاصلة في تاريخ الثورة التونسية، بل الربيع العربي”.
ويضيف: “حين جلسنا معا في منتدى دافوس كان العالم يشاهد وحدة تونس في تنوعها وفي توازنها بين من يمثّل ثقافة الاحتجاج المؤمنة بالدولة وثقافة الدولة المؤمنة بالديمقراطية، الغنوشي كان يرفض الفوضى والاستبداد والدكتاتورية والحقد والانتقام والإقصاء والباجي كان يرفض الفوضى والاستبداد والدكتاتورية والإقصاء، الغنوشي جاءت به الثورة من منفى الخارج، بعد منفى دام 20 سنة والباجي أعادته الثورة من منفى الداخل الذي قضى فيه عشرين سنة، كلاهما التقط اللحظة بأن تونس لا يجب أن تبقى رهينة الماضي وأن الثورة أمانة ومسؤولية”.
ويشير الغنوشي إلى أن لقاء باريس المعروف بلقاء الشيخين “لم يكن لقاء الصدفة أو الصفقة بل كان محطة في مسيرة التقت فيها الهمم على تأكيد الاستثناء التونسي. بعد لقاء باريس الذي أذبنا فيه الجليد واتفقنا على المبادئ العامة أي ضرورة الحوار للخروج من الأزمة وتجنب الإقصاء، زارني سي الباجي في منزلي في النحلي في إشارة واضحة بأنّ الأيادي ممدودة وأنّ طورا جديدا بدأ في علاقتنا التي شهدت 3 أطوار”.
ويضيف: “الأوّل خلال رئاسته للحكومة سنة 2011 وكان طور الاحترام المتبادل والحوار وجمعتني به لقاءات عديدة في مكتبه بالقصبة. وأذكر هنا أنّي زرته في منزله بسكرة يوم 22 أكتوبر عشية الانتخابات التشريعية وأكّد لي أنّ الدولة ستحترم إرادة الشعب. الطور الثاني والذي لم يطل والحمد لله هو طور “الجفوة”. النهضة اختارت الترويكا وهو اختار المعارضة”.
ويتساءل بقوله: “هل كانت أزمة 2013 لتكون لو اخترنا مشهدا سياسيا أساسه تحالف إستراتيجي بين قوى الثورة وقوى النظام القديم بقيادة الباجي قائد السبسي؟ الصفحة طويت بسرعة في أوت (آب) 2013 والدليل حصل على أنّ استقرار تونس سياسيا يحتاج مصالحة شاملة أساسها المصالحة بين الإسلاميين والدساترة”.
ويضيف: “لم يكن من اليسير الإقناع بهذا الخيار في النهضة والنداء بعد انتخابات 2014. ولئن وجدنا الحلّ في البرلمان بتصويت النهضة لمرشح النداء في الرئاسة محمد الناصر وتصويت النداء لعبد الفتاح مورو نائبا له، فقد كان تشكيل الحكومة محنة، وامتحانا في ظلّ إصرار بعض القوى في النداء على إقصاء النهضة حتى لا يخون النداء ناخبيه”.
ويشير الغنوشي إلى أن آخر لقاء جمعه مع الرئيس الراحل في منزله في منطقة سكرة كان “قبل يوم الإعلان عن حكومة الصيد الأولى، حيث كان ثمة صراع بين خياري التوافق والإقصاء وكان سي الباجي مع التوافق بالطبع، وكنت مقتنعا بأنّ المطلوب ليس عدد الوزارات التي ستحصل عليها النهضة بل هزم مشروع الإقصاء والاستئصال”.