الفنان التشكيلي عبد الحق جلاب: “أستلهم أعمالي من التراث الجزائري وأستعمل الحرف كأداة جمالية “

تلتقي في أعمال الفنان التشكيلي عبد الحق جلاب، العديد من المدارس الفنيّة العالمية، والمؤثّرات المحلية التي تعود إلى ظروف تنشئته في بيئة أمازيغية مشبعة بالفنون، وذلك ما يبدو جليًّا من خلال الألوان والرموز المستخدمة في لوحاته.
ويؤكد جلاب أن الألوان استهوته منذ الصغر، حيث كانت الأنشطة اليومية لنساء القرية كلّها عبارة عن فنون مثل صناعة الأواني الفخارية، والأغطية والمفروشات التي كانت تنسج يدويا، فضلًا عن كلّ الأنشطة التي يقوم بها الرجال، مثل بناء البيوت، وجمع المحاصيل الزراعية، والأعراس واحتفالات الأعياد المختلفة التي تتميّز بالموسيقى، والغناء، والرقص، وارتداء الملابس والحلي زاهية الألوان، وهي كلُّها أعمال تنطوي على جوانب فنيّة كان الكاتب يستمتع بها في صباه، وقامت بدور كبير في تكوين رؤيته الفنيّة، وفضلًا عن ذلك، كان للخط العربي دورٌ في تشكيل ذائقته الفنيّة، إذ ارتبط بتحضير لوح الكتابة، وتحضير الأحبار والأقلام المصنوعة من القصب في كُتّاب القرية على يد الشيخ الذي كان يشرف على تعليم الصبية أبجديات الكتابة وحفظ القرآن الكريم.
ويقول الفنان الجزائري يستهويني الحرف العربي من الناحية التجريبية الفنيّة والروحية الصوفيّة، فأنا لا أكتب نصوصا، وإنما أستعمل الحرف كعنصر وأداة جمالية فنيّة، ويضيف أستلهم حروفي من التراث الجزائري، والعربي الإسلامي، والأفريقي، وأنا أشتغل على الحرف بحرية، وتأثّرتُ بالكتابة الصينية وكتابة الشرق الأقصى، وأسلوب الأكشن بانتينغ، ولكن باستعمال الحرف العربي، ولم تتوقف التجربة الفنيّة لهذا التشكيلي عند هذا الحد، بل تعمّقت أكثر مع متابعته سنة 1985 لدراسات فنيّة أكثر عمقًا في المدرسة العليا لتكوين كوادر الشباب بقسنطينة، ثم التحاقه بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، ومع منسوب النضج الفنّي الذي تحقق لديه، يشير الفنان إلى أنّ أهم المواضيع التي بدأت تستهويه وتؤثر فيه، وتستفزّه فنيا، هو موضوع الترحال، خاصة لدى البدو، إضافة إلى موضوع المرأة، والطبيعة الجزائرية.
أمّا عن تعامله مع الألوان، فيقول جلاب اللّون بالنسبة إلي هو انطباع وحالة نفسية، ولهذا لا يجب أن يوظف اللّون كعنصر زخرفة وتزيين للعمل الفني فقط، وإنما على الفنان أن يستخدمه لإظهار الإحساس والعاطفة، وتبيان مدى تأثيره على نفسيته ليؤدي دوره بعد ذلك في التأثير على المتلقّي، ويعترف جلاب أنّه تأثّر خلال مرحلة تكوينه الأكاديمي ودراسته لتاريخ الفن كغيره من الفنانين المبتدئين، بأساطين الفن النهضوي في إيطاليا، أمثال ليوناردو دافنشي، ورافائيل، ومايكل أنجلو، والانطباعيين الفرنسيين، ورواد المدرسة التعبيرية على غرار كلود موني، وفان غوخ، إضافة إلى تأثُّره بكبار التشكيليين الجزائريين أمثال إسياخم ومحمد خدة، ويقول “لا يهمني اليوم الانتماء إلى مدرسة بعينها، فأنا أشتغل على الأسلوب، لأنني أعتقد أنّ زمن المدارس والمذاهب والاتجاهات الفنيّة قد ولى، ونحن في زمن الأسلوب الخاص بكل فنان.
للإشارة، أن الفنان التشكيلي عبد الحق جلاب قد شارك في الكثير من المعارض داخل الجزائر، كما شارك في معارض دولية في تونس، ومصر، ولبنان، وفرنسا، والهند وبلجيكا.
ق.ث




