ثقافة وفن

الفنان عبد الحميد رابية لـ “الحياة العربية”.. الصراعات الإيديولوجية بين الفنانين أثرت سلبا على مستوى الفن بالجزائر

شدد الممثل المسرحي والتلفزيوني عبد الحميد رابية على ضرورة إدراج المسرح ضمن المناهج التربوية في مدارسنا التعليمية، وذلك من اجل احياء الحركة المسرحية في الجزائر، ومن أجل أيضا  خلق جمهورا مسرحيا يتذوق الفن و يهوى المسرح ويفهم في معطياته وحيثياته وجمالياته ورسائله.

قال الفنان عبد الحميد رابية في مستهل حديثه مع “الحياة العربية” أن المسرح الجزائري الذي كان له شأن وسط المسرح العربية بفضل رواده وصناعه الذين ابدعوا في خلق شبكة مسرحية رفيعة المستوى من حيث الكتابة والتمثيل والإخراج، هو اليوم يعاني من تراجع وتقهقر يدعونا للبحث المستعجل عن حلول تنتشله من واقعه الراهن، ويرى أن أهم ما يجب البداية به هو إدراج المسرح كمادة تعليمية ضمن البرامج التربوية في المدارس بمختلف أطوارها وذلك من أجل صناعة جمهور مسرحي، الذي سيبحث عن قاعات المسرح مستقبلا، وقال بهذا الصدد “في الحقيقة ثقافة المسرح كانت أثناء الثورة التحريرية، حافلة بنشاط مسرحي كبير أين حقق الانجازات الكبرى من خلال الجوائز الذي ظفر بها المسرح الجزائري، فمثلا الموسم المسرحي العربي الذي كان يترأسه «محي الدين باشطارزي» لمس ثقافة المسرح حتى عند النساء أين خصص لهم يوم الجمعة ويمنع من ذلك دخول الرجال فكانت «قاعة الأوبرا» تكتسي حلة بيضاء نظرا للباس التقليدي للمرأة «للحايك» أن ذاك، بالإضافة إلى أن المسرح كان يتماشى مع مشاكل المجتمع والجمهور يتفاعل مع العروض المسرحية التي كانت تقدم أثناء الثورة ليمرر من خلالها رسائل للجمهور الذي كان يفهم بالإشارة، وبعد الاستقلال كون المسرح نخبة خاصة به من المثقفين، نقاد، ممارسين ومحبين، كما تبنى هو الآخر النظام الاشتراكي لمواكبة مسار المجتمع الجزائري أين كان يتمتع الفن الرابع بحرية التعبير، جمالية فنية، أداء جيد وغزارة في الإنتاج وتوزيع للمسرحيات أين شارك في العديد من المسرحيات وحقق الكثير من النجاحات” ، وستطرد قايلا ” أن الجمهور المسرحي تغير وتغير كثيرا بفعل المسرح نفسه لأن الجمهور أصبح لا يرى نفسه، فأقول أن للمسرح وجودية في المجتمع لكن هو آخر اهتمامات الدولة الجزائرية، فأصبح للجزائر بعد نصف قرن من تعاطي المسرح 15 مسرحا في إطار اللامركزية ولكنها تقريبا هي عبارة عن جدران فارغة، حيث يجد الفنان بعد تخرجه من التكوين المسرحي نفسه في ميدان العمل بالأجر القاعدي هذا أن وجد عملا، كما أشير إلى نقطة مهمة أن المنولوج الذي غالبا ما يدور نصه نحو نفس الموضوع ونفس الأداء بحكم متباعتي له أين تم تفضيله على المسرح الكبير  فالجمهور هنا يجد غياب الفرجة وكان الفنان كي يصل لأداء المونولوج يتطلب منه خبرة 30 سنة على الأقل من العمل المسرحي أما اليوم أصبح العكس”.

أما فيما يتعلق بالسيناريو الذي مازال يشكل عقبة أمام صناع المسرح اليوم يقول محدثنا “أن المسرح في العالم بدأ بالاقتباس والترجمة لأنه دخيل على الوطن العربي ولكن هناك مؤلفين يبدعون نصوص مسرحية أمثال «كاتب ياسين»، «محي الدين باشطارزي»، «مولود معمري» الذين كتبوا منهم بالعربية أو بالفرنسية لتبقى الروح الوطنية حاضرة في نصوصهم، لكن ما يؤسف هو غياب  المبدعين في الكتابة المسرحية داخل اتحاد الكتاب بكامله وهذا راجع ربما لعدم وجود أماكن مخصصة للقاء الفنانين.

وعن حقوق الفنان يقول رابية “منذ ما يقارب خمسين سنة ونحن ننادي بقانون الفنان نقدم ملفات في كل مرة للتنظيم والعمل تحت إطار قانوني، ولا نخفي حقيقة أن الوزيرة السابقة خليدة تومي قامت بمجهودات في ترسيم مختلف المهرجانات والعديد من  اللقاءات وللأسف الشديد الأموال تذهب لكل الزوايا ولا يستفيد منها الممارسون المسرحيون. بخصوص واقع المسرح الجزائري اليوم وما يشهده من صراعات بين صناعه يتحدث عبد الحميد رابية “لا أحد ينكر أن الساحة المسرحية باتت تعرف انحطاطا وتقهقرا، يظهر للعيان، أصبح المسرح لا يؤدي رسالته تجاه المجتمع، ما أدى إلى ظاهرة عزوف الجمهور، مضمون العروض بات لايعكس الواقع المعيش، فضلا عن ذلك فإن الصراعات الايديولوجية أثرت سلبا على المشهد ككل.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى