الفنان عبد الحميد رابية لـ “الحياة العربية”: “ذاكرة المسرح الجزائري مشروعي القادم”

أكد الفنان المسرحي عبد الحميد رابية أنه انتهى من أعداد مشروعه الجديد المتمثل في انجاز سلسلة من الكتب حول عمالقة الفن الرابع بالجزائر الذي شرع فيه منذ سنتين، مشيرا أن هذه الكتب ستكون متبوعة بكتابة مذكرته التي سيقدم فيها تاريخه الفني وتاريخ من عاصره من فنانين.

قال المسرحي عبد الحميد رابية في لقاء خاص جمعه بـ”الحياة العربية” انه انتهى من كتابة سلسلة الكتب التي شرع في أنجازها منذ سنتين تقريبا، حول عمالقة الفن والمسرح في الجزائر الذين أسهموا في تأسيس ذاكرة المسرح الجزائري، مشيرا انه مشيرا انه كتب هذه السلسلة بأسلوب “قصائد بيوغرافية” مزج فيها بين المسار الفني للشخصية وعلاقتها بأحداث حرب التحرير، وذلك حسبه حتى يقدم المادة التاريخية في شكل مبسط، خاصة بالنسبة للشباب المسرحي غير محيطين بما يكفي بتاريخ رواد الفن في الجزائر، مؤكدا في ذات السياق أن مادة الكتاب في اغلبها شهادات حية ومحاضرات قدمها في تظاهرات ثقافية مختلفة  والتكريمات التي تقدم لعدد من الوجوه الرائدة، كما أشار إلى أن الكتب الثلاثة التي ستصدر قريبا عن وزارة الثقافة تتناول التاريخ للشخصيات المسرحية التي عاشت قبل 1920 والفترة التي تلت 1945 وصولا إلى الأسماء المعاصرة.

.. شباح المكي كان مناضلا وفنانا

وعن اختياره للشخصية “شباح المكي” يقول رابية إن الشيخ المسرحي شباح المكي من بين الشخصيات التي كانت لها مسار سياسي وفني فذّ، وقال إن مساره المسرحي امتزج ما بين نضاله في الثورة التحريرية الذي استمر إلى ما بعد الاستقلال، والفن حيث شارك مع الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني آنذاك ، مضيفا انه شارك مع أحمد رضا حوحو في تأسيس أول فرقة مسرحية، ثم ترأس فرقة الكوكب التمثيلي الجزائري المسرحية التي أسسها سنة 1937 بعد أن أنشأ في سنة 1936 بمسقط رأسه فرقة الشباب العقبي المسرحية وكان شباح المكي مناضلا سياسيا ومناضلا شيوعيا وعضوا في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وساهم في إنشاء حزب نجم شمال إفريقيا في عشرينات القرن الماضي وأيضا في حزب الشعب الجزائري.

.. المسرح الجزائري كان حافلا في سنوات السبعينات

وبخصوص المسرح بالجزائر يحدثنا رابية ويقول: “في الحقيقة ثقافة المسرح كانت أثناء الثورة التحريرية، حافلة بنشاط مسرحي كبير أين حقق الانجازات الكبرى من خلال الجوائز الذي ظفر بها المسرح الجزائري، فمثلا الموسم المسرحي العربي الذي كان يترأسه “محي الدين بشطارزي” لمس ثقافة المسرح حتى عند النساء أين خصص لهم يوم الجمعة ويمنع من ذلك دخول الرجال فكانت “قاعة الأوبرا” تكتسي حلة بيضاء نظرا للباس التقليدي للمرأة “للحايك” أن ذاك، بالإضافة إلى أن المسرح كان يتماشى مع مشاكل المجتمع والجمهور يتفاعل مع العروض المسرحية التي كانت تقدم أثناء الثورة ليمرر من خلالها رسائل للجمهور الذي كان يفهم بالإشارة، وبعد الاستقلال كون المسرح نخبة خاصة به من المثقفين، نقاد، ممارسين ومحبين، كما تبنى هو الآخر النظام الاشتراكي لمواكبة مسار المجتمع الجزائري أين كان يتمتع الفن الرابع بحرية التعبير، جمالية فنية، أداء جيد وغزارة في الإنتاج وتوزيع للمسرحيات أين شارك في العديد من المسرحيات وحقق الكثير من النجاحات”.

وبخصوص القطيعة التي خلفتها العشرية السوداء بالنسبة للجمهور، قال محدثنا  “حتى ننعش الحركة المسرحية ككل ونخلق جمهورا مسرحيا، يجب أولا وأساسا إدخال المسرح في البرامج الدراسية والسعي إلى تعليم هذه الهواية وهذا الفن  منذ الصغر  والاهتمام أكثر بالثقافة على العموم، فعجبا أن يفتح مؤخرا والي كبير 3 منشآت ثقافية كقاعة ابن خلدون، إفريقيا والكازينو على الساعة السابعة صباحا بدون حضور الفنانين ولا رجال الإعلام “.

.. قانون الفنان مازال لا يخدم المبدعين

يقول رابية عن قانون الفنان وما قدمه كخدمة للمبدعين “منذ ما يقارب خمسين سنة ونحن ننادي بقانون الفنان نقدم ملفات في كل مرة للتنظيم والعمل تحت إطار قانوني، حقيقتا ما قامت به الوزارة بإنشاء مجلس وطني للفنون والثقافة يعد شيء مهم لكن في رأيي لا يخدم الفنان بصفة مباشرة” مضيفا “لا نخفي حقيقة أن الوزيرة السابقة للثقافة خليدة تومي قامت بمجهودات في ترسيم مختلف المهرجانات والعديد من اللقاءات وللأسف الشديد الأموال تذهب لكل الزوايا ولا يستفيد منها الممارسون المسرحيون، فأنا مثلا كفنان سأبلغ نصف قرن من العطاء للفن ومازلت أتقاضى الراتب القاعدي الوطني الأدنى، أتساءل هل العنصر المهم في الفن هو الفنان أساس الإبداع أو الإداري الذي أخذ مكانه؟ فهذه إشكالية يجب النظر إليها لانقلاب سلم القيم في المؤسسات الثقافية فننادي من منبركم الإعلامي بتسوية وضعية الفنانين من ناحية الأجور، فأفقر إنسان في الجزائر هو الفنان والشيء الذي كسبته في حياتي الفنية حب واحترام الجمهور الذي أعتبره الثروة الكبير التي حققتها”.

..الاقتباس ضروري بالمسرح

فيما يتعلق بالاقتباس والتأليف المسرحي، يؤكد رابية بأن المسرح في العالم بدأ بالاقتباس والترجمة لأنه دخيل على الوطن العربي ويقول هناك مؤلفين أبدعوا نصوصا مسرحية أمثال “كاتب ياسين”، “محي الدين بشطارزي”، “مولود معمري” الذين كتبوا منهم بالعربية أو بالفرنسية حتى تبقى الروح الوطنية حاضرة في نصوصهم، لكن ما يؤسف هو غياب  المبدعين في الكتابة المسرحية داخل اتحاد الكتاب بكامله وهذا راجع ربما لعدم وجود أماكن مخصصة للقاء الفنانين، وأنا شخصيا بالإضافة إلى التمثيل أردت التأليف فكانت بدايتي الاقتباس غير أنه يبقى الجوهر في ذلك النص الذي يستوجب إسقاطه على الواقع المعاش في مجتمعنا نتكلم مثلا عن “الحراقة” وعن العمل وغيرها من المواضيع التي تهم مجتمعنا الراهن.

نسرين أحمد زواوي

 

Exit mobile version