الكاتبة أمل بوشارب: الفساد السائد مسؤولية الجميع وعلينا مكافحته بوعي
قالت الكاتبة الجزائرية أمل بوشارب، أن المبدع هو المسؤول عن الفساد الذي عمم بمختلف الهيئات الثقافية العربية الرسمية التي تعيش اليوم خارج السراب، بعدما اقتنع عقل المبدع العربي بما هو موجود من فساد وأصبح يتعامل بمنطقه، ولم يقم بأي مجهودات جادة من أجل مكافحته.
أوضحت الكاتبة أمل بوشارب أن الفساد الذي نعيشه اليوم هو نتيجة منطق انتشر منذ زمن بعيد ولم تسعى أي جهة لمكافحته وما زاد في انتشاره غياب المثقف الذي لم يعد له تأثير على الساحة السياسية والاجتماعية سواء بالجزائر أو بأي دولة عربية كانت، وترى أن الكاتب العربي لا يزال ينتج في حدود ما تسمح به ظروف الإبداع في بلده، دون يسعى إلى البحث عن الأفكار الخلاقة التي هي بدورها بحاجة إلى بيئة مناسبة للنمو، بالإضافة إلى استعداد نفسي من الكاتب يدفعه دوما نحو تطوير ذاته ويساعده على تجاوز العراقيل وعدم الاستسلام أمام مثبطات الإبداع، بخصوص ردها إن كان الكاتب يؤثر بمجتمعه تقول محدثتنا إن الأمر يتوقف على عمق رسالته ومدى صدقها، مشيرة إلى أنه لا يمكن تقييم ما ينتج إلا بعد مرورها على اختبار الزمن.
وعن المشروع التنويري الذي تبنته مختلف الأقطار العربية لمحاربة التطرف تقول “ان ما هو موجود بالوطن العربي ممارسات فردية لا تضاهي أن تكون مشروع عربي” تضيف”هناك مثقفين يسعون إلى تحقيق أمجاد شخصية، وعليه فمن الطبيعي في ظل الفراغ الثقافي القائم أن تسيطر الأفكار المتطرفة على الساحة، وهي التي تبشر بفكرة مشتركة ومصير واحد، في حين أن المبشرين بالتنوير لا يعِدوننا إلا بتحويل أنفسهم إلى “أيقونات” ثقافية وكأن المواطن العربي بحاجة إلى المزيد من الأوثان عدا عن أصنام السياسة الجاثمة على قلبه”، وفيما يتعلق بدور الهيئات المدنية في ذلك ترد قائلة” في الجزائر ليس هناك لمؤسسات المجتمع المدني أي دور فاعل في الوقت الحالي عدا عن بعض التجارب المحدودة جدا، ذلك أن تراجع القيم والطموحات التسلقية التي أصبحت سائدة، تتنافى أساسا مع فكرة بذل النفس والعطاء غير المشروط والالتفاف حول مشروع لا على شخص كما ينطوي عليه جوهر مؤسسات المجتمع المدني”.
و بالحديث عن مجموعتها القصصية “عليها ثلاثة عشر” التي قاربت من خلالها قضايا المرأة بشكل مغاير وتضمنت مفاهيم جديدة غير التي كانت سائدة قالت أمل بوشارب” في عليها ثلاثة عشر حاولت طرح مقاربة ما بعد نسوية لموضوع بدأ الاهتمام به بالانحسار أدبياً بسبب استهلاك مواضيعه من زاوية شبه أحادية أدت إلى تحويل موضوع المرأة في العالم العربي إلى طريق شبه مسدود إبداعياً. لذلك فالتحدي كان يمكن في طرح مقاربة بسيطة تشبه يومياتنا، من خلال وضع ثلاثة عشر امرأة أمام مرايا “جوانية” تحاول الكشف عن صراعاتهن الداخلية بعيداً عن وضع الضحية المبتذل والمرتبط بالكليشيهات المنتشرة والقوالب المفهوماتية الجاهزة حول هذه القضية. والنتيجة كانت محاولة للإضاءة على مناطق تم التعتيم عليها في خضم حالة الاستقطاب السائدة بين النسوية العربية التي تصطف حالياً في خانة ملتبسة، وممثلي الثقافة الذكورية الذين تم حصرهم ضمن تيار واحد ووحيد، وهي الحالة التي لم تصنع برأيي بيئة صحية للخروج بتشخيص حقيقي يشرح أسباب تدهور وضع المرأة في المنطقة بل ساهم في تشتيت الانتباه عن طبيعة الدور الذي لعبته عناصر تبدو مناصرة للقضية في قلب معادلة القوى الجندرية في منطقة تعد بالأساس من أهم معاقل الباترياركية في تاريخ الحضارة”.
وفي ردها عن سؤال بخصوص النقد وهل أنصفها وقدم أعمالها كما يجب للقارئ، تقول الكاتبة أن معظم أعمالها حظيت بالاهتمام أكاديمي حيث جعل رواية مثل “سكرات نجمة” بعد عام من نشرها أن تصبح محور مواضيع ماستر في جامعات عدة في الجزائر مثل جامعة بسكرة، الجزائر 2، بويرة، قالمة، وجيجل، بالإضافة إلى إدراج “عليها ثلاثة عشر” في مدونات بحث بريطانية تعنى بالأدب الجزائري والعربي على غرار جامعة بورتسماوث، وبرنستون وستانفورد في أمريكا، هذا عدا عن القراءات الجادة والقيمة التي حظي بها العملان في الصحافة العربية والجزائرية. وهو الأمر الذي دفع ناشري الإيطالي إلى إدراج اقتباسات ضمن إصداري الجديد في إيطاليا، لصحفيين قدموا قراءات هامة في “عليها ثلاثة عشر” و”سكرات نجمة” من على منابرهم الإعلامية من داخل الجزائر وخارجها باللغتين العربية والفرنسية”.
للإشارة، أمل بوشارب كاتبة جزائرية درست الترجمة وعملت في التدريس والصحافة ثم توجهت الى عالم الرواية ونالت عدة جوائز وحظيت باهتمام لافت من قبل القرّاء والنقاد على حد سواء، صدر لها مجموعة قصصية واحدة بعنوان (عليها ثلاثة عشر)، وثلاث روايات هي “سكرات نجمة”، “من كل قلبي”و”ثابت الظلمة”.
نسرين أحمد زواوي