الكاتب إبراهيم سعدي “الروائي الجزائري لا يزال يحتاج إلى تزكية من الخارج ليسلط عليه الضوء محليا”

يرى الروائي الجزائري إبراهيم سعدي أن أهم ما يميز السرد الجزائري عن السرد العربي هو ازدواجية اللغة في ما يخص الرواية الجزائرية وأحاديتها في المشرق، غير أن هذه الازدواجية حسبه أصبحت تشكل مأساة لأنه يفقد بها نصف القراء إذا كتبت بالفرنسية ونصف القراء أيضا إذا كتبت باللغة العربية.
قال الروائي الجزائري إبراهيم سعدي في حوار له مع جريدة “العرب” إن ما يصل من النص الروائي الجزائري إلى القارئ العربي عموما هو فقط جزء ضيق من المتن الروائي الجزائري، ذلك المكتوب باللغة العربية، ولهذا فإن الأدب الجزائري يصل ناقصا إلى القارئ العربي، أعني مبتورا ربما من جزئه الأهم، لأن الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية أكثر نضجا، من وجهة نظري على الأقل، من الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، وإن كانت أيضا (الرواية الفرنكفونية) أكثر استلابا من الناحية الأيديولوجية نظرا بالأساس لتوجهها إلى القارئ الأوروبي بحكم لغتها وبحكم مكان النشر باريس.
كما أضاف في ذات السياق أن المتن الروائي المكتوب بالعربية هو في أفضل أيامه، مرجعا ذلك لتخلصه من سطوة الأيديولوجيا التي كانت تطبع على العموم نص في الفترة الاشتراكية، مشيرا إلى أن انتشار ظاهرة النشر على نفقة المؤلف أدى إلى طفرة في الكم أكثر من النوعية، وأعتقد أن أهم ما يميز السرد الجزائري عن السرد العربي هو ازدواجية اللغة في ما يخص الرواية عندنا وأحاديتها في المشرق.
أما فيما يتعلق بالنقد يقول الروائي سعدي “أن تطور الرواية متقدم على النقد، والمؤسف أن الروائي الجزائري لا يزال يحتاج إلى تزكية من باريس أو من المشرق ليسلط عليه الضوء محليا، ولا يزال الحصول على جائزة، خصوصا إذا كانت مشرقية أو فرنسية”، ومن جهة أخرى يرجع سبب الموات النقدي إلى كون الأقسام الثقافية التي حسبه تأتي إعلاميا في ذيل الترتيب من حيث الأهمية، فنادرا يقول المتحدث ما تجد في هذه الأقسام عارفين حقيقة وبالشأن الثقافي ومتابعين له.
وبخصوص الواقع الثقافي في الجزائر يقول الكاتب الجزائري إبراهيم سعدي أنه لا يبشر بالخير، وقال بهذا السياق “بالنظر إلى فترة السبعينات من القرن الماضي هناك تقهقر ثقافي كبير، خصوصا في المجالين المسرحي والسينمائي”مضيفا “العشرية السوداء كانت وبالا أيضا على الثقافة، فرغم حالة السلم لم تسترجع الثقافة في بلادنا حيويتها السابقة، أعني أيام أن كان القطاع الثقافي تحت رعاية الدولة”.
وذات السياق تأسف الكاتب إلى تحول باريس عاصمة للثقافة الجزائرية بعد أن هجر إليها الكتاب والجامعيون والسينمائيون والفنانون وكل من وجد سبيلا إلى ذلك من أهل الثقافة والمعرفة، وأفرغت الجزائر من طاقاتها الإبداعية، فصارت تقدم إضافة بالأساس إلى الثقافة في فرنسا.
أما فيما يتعلق بالحراك الشعبي وموقف المثقف منه قال سعدي “الحقيقة أنني تمنيته، وإلى حد اليأس أحيانا، أكثر من أن أكون قد تنبأت به، في روايتي “الأعظم” التي صدرت في أكتوبر 2010، وفي عام 2011 قامت ثورة في تونس ثم في مصر وبعدها في ليبيا واليمن، وفي ملف خصصته مجلة “الجديد” سنة 2015، العدد 1، حول الربيع العربي، وعن دور النخب يستطرد قائلا “أن هذا الحراك هو حراك شامل لكل فئات المجتمع، بما في ذلك المثقفين، وإن كان هناك عدد لا يستهان به من هؤلاء آثروا الصمت ولم يتخذوا موقفا، أو استمروا في الخوض في مواضيع وقضايا لا تخدم الحراك، رغم أهميتها في سياق تاريخي مغاير” مضيفا “لا شك أن النخب يمكن بالطبع أن تساهم، ويجب أن تساهم، لكن لن تستطيع أداء الدور القيادي إلا إذا اكتسبت الشرعية من خلال الانخراط التام في الحراك، لا الوقوف موقف المتفرج أو مسك العصا من الوسط، كما يفعل البعض منا للأسف، وعلى كل فإن الفاعل الرئيس في ثورة 22 فيفري إلى حد الآن هو الشعب ذاته من خلال مليونياته الأسبوعية”.
للتذكير، يعتبر إبراهيم سعدي من الروائيين الذين يتشغلون بصمت، طور متنه الروائي بالكثير من البحث والحفر في الجزائر العميقة، ونقل هواجسها وتفاصيل حياتها اليومية، كتب وترجم ونشط وعمل في العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية، يشتغل حاليا أستاذ جامعي، من أعماله الروائية “فتاوى زمن الموت”، و”بوح الرجل القادم من الظلام” الفائزة بجائزة مالك حداد للرواية سنة 2001، و”بحثا عن آمال الغبريني”، و”كتاب الأسرار”، و”الأعظم”، وأصدر في مجال النقد والفكر “دراسات ومقالات في الرواية”، و”دراسات في المجتمع العربي وثقافته”، كما له في الترجمة “منطقة القبائل والأعراف القبائلية” لهانوتو ولوتورنو.
نسرين أحمد زواوي