الأخيرةثقافة وفنفي الواجهة

الكاتب الطيب صياد “يُشرِّح” أزمة سوق الكتاب في الجزائر

اتهم دور النشر بالتقصير وتأسف لقلة المعارض وغياب النقد الأكاديمي

أرجع الروائي الطيب صياد الوضعية التي يعرفها سوق الكتاب في وقتنا الراهن، إلى تقصير دور النشر في توزيع الأعمال التي تنشرها وتتراخى في تقديمها إلى القارئ، إلى جانب الإعلام الثقافي وقلة المعارض والعزوف عن استعمال الوسائط الرقمية، مشيرا أيضا إلى غياب النقد الذي أكد بشأنه أنه الحلقة المهمة في سوق الكتاب.

قال الروائي الطيب صياد في مقال له حول الوضعية المتأزمة التي يعرفها سوق الكتاب في الجزائر، إن الكاتب لا يلام في هذه الوضعية بل هناك عدة أسباب أدت لما يعيشه اليوم الكاتب والكتاب على حد سواء، أهمها تقصير دور النشر في تقديم الكتاب إلى القارئ، وعدم قيام الإعلام الثقافي بدوره، وقلة المعارض، والعزوف عن استعمال الوسائط الرقمية في الترويج للكتاب، مستدلا في كلامه عن روايته “العثمانية” التي صدرت طبعتها الرابعة مؤخرا، بعد أول طبعة صدرت في 2017، وفي كل طبعة 500 نسخة أو ألف فقط، وهذا يدل حسبه على غياب الكتاب وعلى ضعف المقروئية إذا ما قورنت بعدد سكان الجزائر الذي يتجاوز 40 مليون نسمة.

ويرى الكاتب أن أغلب الاتهامات الموجهة للنقد الأدبي في الوطن العربي وأن العديد من الأدباء والروائيين يُحمّلون النقاد ما لا يحتملون من اتهامات بالمجاملات على حساب الحقيقة، والمحاباة لأقرانهم ومعارفهم مما يؤثر بدوره على مصداقية ما يقومون به من نقد، فضلا عن الاتهامات بتقليد المدارس الغربية في النقد، وإحلال الثقافة الغربية كبديل عن الثقافة العربية وأصول النقد العربي.

ويبدو أن غياب النقد الأكاديمي في الصحافة واقتصاره على أروقة الجامعات بنسبة ما -يضيف الكاتب- ساهم في ترويج نوع من التسطيح والتمييع لمفهوم النقد الأدبي، الروائي أو الشعري أو المسرحي، ذلك أن كثيرا من الأدباء باتوا يطلقون صفة النقد على كل ما يكتب عن أعمالهم، سواء أكان عرضا لها أم تلخيصا صحافيا بطريقة خبرية أم استعراضية ترويجية، وهذا من مذموم الخلط وتتويه البوصلة النقدية والأدبية.

وعن إشكالية النقد في الجزائر، يقول صياد “إذا كانت الكتابة تجري فالنقد يمشي، بمعنى أن وتيرة الكتابة لا ينبغي أن تكون بمستوى النقد، وإذا كنا نكتب عشر روايات فالنقد سيأتي على واحدة منها فقط أو اثنتين، وهذا ما جعلنا نعيش فوضى كتابية، وفي النشر وحتى في النقد، الأمر الذي أدى إلى أن يكون نجاح أي عمل أدبي خاضعا لضربات الحظ، خاصة إذا تعلق الأمر بالكتاب الشباب”.

وبخصوص منصة “جزائريون من أجل الثقافات” الافتراضية التي يشرف عليها، يقول الكاتب الطيب صياد إن هذا الفضاء كان يسير منذ انطلاقه بخطوات بطيئة لغياب الدعم، وسبق لهذا الفضاء أن استضاف الكاتب الجزائري – الأميركي المعروف جلول مبروك، كما نظم العديد من النقاشات بين الشباب في القراءة والنقد قبل إطلاق مبادرة نقاش واسع حول الثقافة والرواية باستضافة نقاد وأدباء جزائريين.

وبالعودة إلى روايته التي صدرت نسختها الرابعة مؤخرا “العثمانية”، يكشف صياد أن الرواية جاءت نتيجة بحث في تخصصه الأكاديمي في اللغة العربية والحضارة الإسلامية الذي يتضمن التراث العربي الإسلامي بكل إشكالياته خاصة تلك التي تتعلق بجوانب الاهتمام به، وإعادة نشره، ومواقف المثقفين منه، وكيف ننهل منه، وكيف نعيد له مكانته من دون نظرة التعصب أو التجني، ويجمع هذا العمل السردي عددا من الشخصيات الروائية التي تحاول البحث عن مخطوطة أندلسية قديمة جدا ضاعت منذ قرون، وهي كتاب بقي بن مخلد الأندلسي الذي كان آخر من رآه هو المؤرخ شمس الدين الذهبي (673 – 748 هـ).

ويشير الكاتب إلى أن عنوان “العثمانية” لا يحمل معنى واضحا ووحيدا، وهو يحتوي على مستويات عدة، ويشتمل على معان متنوعة، أحدها أن بطلة الرواية تنحدر من أصول عثمانية، وإنْ كانت جزائرية، كذلك فإن الرواية تتناول إحدى مراحل تاريخ الجزائر المتعلقة بالعهد العثماني، وإنْ كانت لا تعالج المستوى التاريخي تماما؛ لأن الموضوع يتعلق بمفهوم حضاري ثقافي وهو الكتب التراثية.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى