
أكد عزالدين ميهوبي، المترشح لرئاسيات 12 ديسمبر، أنّ استمرار المسيرات الشعبية السلميّة وضعٌ صحيٌّ وطبيعيٌّ جدّا بالنظر التراكم الذي عرفته البلاد في السنوات الأخيرة، داعيا الجميع إلى التعاملَ مع شباب الحراك على أنَّه المحكّ الحقيقيّ الذي يمكّنُ كل أطراف المشهد السياسيّ من بذل جهود أكبر لتكون في مستوى تطلعات الشعب في دولة قوية يسودها العدل والإنصاف وتكافؤ الفرص.
في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري أمس، وفي خضم حديثه عن المشهد السياسيّ الجديد الذي بدأ يتشكل، الأمين العام بالنيابة للارندي بأنه “لا يجبُ أن يكونَ أبدا مساحة لصراعِ وتطاحنِ قوى وإيديولوجيّاتٍ دخيلةٍ وغريبةٍ عن الجسدِ الجزائريِّ، بل سيكونُ تتويجا للرأي الوطنيِّ المحليّ لبناء دولته الوطنية وتعزيز مؤسسات الجمهورية، بعيدا عن أيّة تأثيرات إقليميّة أو دوليّة، لذلك فمن المهمّ أنْ تتحوّل الجزائرُ في المرحلة المقبلة من وضع المتأثّر إلى وضع المؤثّر.. ومن حالة التلقيّ إلى حالة الفعل، ومن المهمّ أنْ تعتمد السياسة الخارجيّة في هذا الظرف على الحذر الدبلوماسي السياسيّ، والتركيز على الدبلوماسية الاقتصادية والثقافيّة”.
وفي المقابل نبّه عزالدين ميهوبي، الشعب الجزائريّ إلى ضرورة التزام أقصى حالات الحيطة والحذر، محذرا من أن “سقوط جدار الخوف لا يجب أن ينتج عنه سقوط مشاعر الخوف” وألا يركنَ إلى الثقة المطلقة في الوضع الدوليّ والاقليميّ.
اقترح ميهوبي جعل من الـ 22 فيفري المقبل، موعدا لتحيّة كلِّ الشرفاء ويوما لتأكيد سيادته الشعبيّة، وليس من حقٍّ أيٍّ كان أن يسرق هذا التاريخ من الشعب وجيشه. وتابع “أرفعُ أنبل مشاعر الثناء وأجزل عبارات الشّكر إلى الشّعب الجزائريّ العظيم، الذّي أثبت ولاءه للثوابت الوطنيّة وأكّد التزامه بالمصلحة العليا وقدّمها قبل أيّ مصلحة حزبيّة أو فئويّة أو شخصيّة، لقد كان الـ 12 ديسمبر وفاءً حقيقيّا من الشعب الجزائريّ لبيان أوّل نوفمبر المجيد. لقد انتزع الشعب الجزائريّ الاستقلال الوطني عام 1962بدعم ومساندة جيش التحرير الوطني.. وجسّدَ السيادة الشعبيّة في 22 فيفري 2019 بدعم ومساندة الجيش الوطنيّ الشعبيّ”.
وشدد مرشح الأرندي للرئاسيات إنَّ هذا الوفاء الذّي تجلّى واضحا لدى أغلبية الشّعب الجزائريّ، يعدّ حصانة حقيقيّة للمجتمع الجزائريّ من أيّ تهديد داخليّ أو خارجيّ، ويعدُّ أيضا أملا قويّا للمشهد السياسيّ الجديد الذّي تشكّل في الأشهر الماضية، هذا الأملُ يسمح لنا جميعا، كلٌّ من موقعه وموقفه، في المساهمة الجادّة والفاعلة في أنْ يكونَ الـ 22 فيفري المقبل، موعدا سنويّا لتضامن الشعب مع الجيش، وفرصة حقيقيّة للوقوف على ما تحقّق للجزائريين من مكاسب كبيرة وقويّة في ظرف زمنيّ قصير.
وعاد ميهوبي إلى التذكير بيوم تزكيته أمينا عاما بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي شهر جويلية الماضي، وجدد التأكيد انه أنه قد دعا يومها الجميع “إلى ضرورة أنْ تقدّم كلّ مكوّنات المجتمع السياسي والمدني تنازلاتٍ تسمح للجميع للالتقاء في مساحة مشتركة تجمعنا كلّنا، وهو ما تحقّق من خلال هيئة الحوار الوطنيّ التّي أسفرت عن إنشاء سلطة وطنيّة مستقلة للانتخابات لأوّل مرّة في تاريخ الجزائر المستقلّة”.
ويضيف قائلا “هذه الهيئة التي واجهت ظرفا سياسيا صعبا جدا غير مسبوق، نجحت في تنظيم هذه الانتخابات بكلّ وعيٍ ومسؤوليّة، وبكلّ شجاعة وجرأة، وقد تأكّد لكلّ الأطراف اليوم نبلُ نيّات السلطة المستقلة وصدقُ مسارها، وتأكّد أيضا أنّ مجموع الاتهامات التّي طالت عملها كانت باطلة في الأساس.
وعاد وزير الثقافة الأسبق إلى إبراز دور الجيش الوطنيّ الشعبيّ منذ بداية الحراك الشعبي إلى اليوم، واعتبره “من ضمن أعظم وأكبر الاستراتيجيات الأمنيّة الصادقة في تاريخ الشعوب، وهو ما يؤكد للجميع كما قلت سابقا، أنّ الجيش الوطني الشعبي تمكّن من تحقيق مستوى غير مسبوق في امتلاك أهمّ سلاح حديث، ألا وهو سلاح المعرفة والوعي، وهو السلاح المطلوب في الوضع الصعب الذي نعيشه ويحيطنا من كلّ الجوانب، ذلك أنّ المشكلة الحقيقيّة التّي تتهدّدنا ليست من الداخل بقدر ما هي من الخارج، ولا يمكنُ لعاقل أن ينكرَ أو ينفي النيّات الخبيثة لبعض المجموعات التي تنشط خارج الشرعية والقانون لإحداث الأزمات والفتن”.
وعن ترشحه للرئاسيات وتنشيطه للحملة الانتخابية، قال المتحدث “تقدّمتُ للشعب الجزائريّ واضعا كلّ رصيدي الثقافيّ والمعرفيّ والوطنيّ في خدمته، التزمت بألا أكون شعبويّا وأن أرفع من مستوى النقاش السياسيّ، وإنْ لم أنل ثقة كلّ الشعب فقد نلت ثقة جزءٍ منه، وإنّ الواجب الوطنيّ يفرضُ عليَّ أنْ أكون في مستوى كلّ من اقتنع ببرنامجي وآمن بمجموع الالتزامات التّي قدّمتها للشعب الجزائريّ ضمن برنامج طموح وواقعيّ يشهد الله والتاريخ أنّي خاطبت فيه وعي المواطن واحترمت ذكاءه وقدّرتُ فطنته، وإن لم أوفق في نيل ثقة أغلبية الشعب الجزائريّ فقد وفّقت ــ رفقة زملائي المترشحين الأربعة ــ في المساهمة في إنجاح الانتخابات الرئاسيّات، والتّي مهما كان اسم الرئيس المنتخب فإنّ إجراءها في وقتها يعدّ حصانة حقيقيّة للجزائر حكومة وشعبا”.
وتابع “من هنا فإنّي أؤكّد لكل مناضلي التجمع الوطنيّ الديمقراطيّ، ومجموع الأحزاب والشخصيات الوطنيّة التّي أبدت دعمها وتأييدها لبرنامجي، وإلى عموم المواطنين الرائعين الذين التقيت بهم في مختلف الشوارع والفضاءات، والأعيان والشخصيات والنخب والنساء والشباب.. أنّي ألتزم بأنْ أكملَ ترميم المشروع الوطنيّ الذي تعرّض لهزّات كثيرة في السنوات الماضية، وأدعو كلّ شرفاء القطب الوطنيّ إلى التفكير من الآن في العمل على تقديم النخب والكفاءات الوطنيّة، لتتصدر المشهد السياسيّ المقبل ويكون لها الدور الأهم في دعم وتأكيد الالتفاف الشعبي الكبير حول بيان أول نوفمبر”.
وختم الرسالة بإنّ الـ 12 ديسمبر لم يكن أبدا نهاية لمجموع الالتزامات التّي تقدّمت بها أمام الشعب الجزائري، بل إنّ هذا التاريخ هو البداية الفعلية لتنفيذ هذه الالتزامات.
م.ج