عكس وجهة القطار المتوقف على سكتي الاندماج السياسي والاقتصادي، يواصل الفنانون المغاربيون، وبخاصة منهم صناع السينما، وبحماس أكبر، حمل شعلة الحلم الوحدوي كبرهان قوي على واجهة الثقافة والإبداع لإذكاء الشرارة لدى أجيال لم تعش بالملموس حقيقة شعوب ناضلت على جبهة موحدة ضد الاستعمار وتطلعت إلى بناء المغرب الكبير.
بهذه القناعة، وفية لموعدها السنوي الذي يتجدد في دورته السابعة (23 إلى 27 جوان ) استقبلت مدينة وجدة المغربية ضيوف المهرجان المغاربي للفيلم بحضور كوكبة من نجوم ومهنيي الفن السابع وباقة من الأفلام الطويلة والقصيرة من بلدان المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، تحت أفق مشترك: الصورة فرصة المغاربيين للتبادل والتلاقح، لأنها تقفز على الحدود بلا حاجة إلى تأشيرة.
وبصوت إحدى أيقونات الفن السابع في المغرب العربي، يؤمن المخرج الجزائري أحمد راشدي بأن السينما واجهة مهمة في اتجاه بناء مغرب الشعوب الذي تلتئم في إطاره الطاقات الإبداعية للبلدان الخمسة فـ “الفن هو القلعة الأخيرة التي نكون قد ارتكبنا جريمة في حق الوطن المغاربي إن لم نحافظ عليها”. ويستعيد راشدي زمنا بعيدا قريبا فـ “لقد عاصرت زمن الكفاح المشترك من أجل دحر الاستعمار. ليس لدينا كسينمائيين سلاح للضغط على السياسيين من أجل إطلاق الفضاء المغاربي المفتوح والحاضن لأبناء الشعوب، لكن علينا استثمار قوة وحيوية الفن السينمائي الذي ينتج صورا عابرة للحدود، وتخاطب العقول والنفوس مباشرة”.
وأعرب المخرج المخضرم عن أسفه لكون التجارب السينمائية المغاربية “لم تلعب الدور المنتظر في صيانة الذاكرة المشتركة وتوثيق ملاحم العصر الذهبي للتضامن والعمل الوحدوي بين الشعوب المغاربية. ذلك أن النفس الوحدوي الذي عاشه أجدادنا أثناء مقاومة الاستعمار لم ينعكس على الشاشة الكبرى”. وبنبرة حزن مشوبة بروح عناد وتفاؤل، يخلص راشدي إلى القول “إننا نشعر أحيانا بالعجز عن تغيير الأوضاع. لكن ينبغي أن نضطلع بمسؤوليتنا في تغذية الذاكرة التي سيحملها جيل صاعد لا يعرف بما فيه الكفاية فصول الماضي التي جمعتنا، وهو ما يقتضي الانخراط في إنجاز مشاريع سينمائية مشتركة تراود الحلم الاندماجي وتبقيه حيا مطروحا على الطاولة”.
ل.ن