ثقافة وفنفي الواجهة

المخرج محمد شرشال ينتقد الأعمال الرمضانية ويوجه أصابع الاتهام إلى الرقابة

أرجع المخرج الجزائري محمد شرشال فشل الشبكة البرمجية الرمضانية المقترحة هذه السنة من طرف التلفزيون الجزائري أو القنوات الخاصة إلى الفساد السائد في هذا القطاع، والذي يشمل حسبه جميع النواحي المنتجين والممثلين وحتى الرقابة التي وجهت بوصلتها نحو قمع حرية التعبير خلال منع الأعمال التي تنتقد جهات معينة، في حين تسمح بأعمال تستهزئ بالذوق العام، وتتعدي على حرمة وأخلاق المشاهد.

أوضح المخرج محمد شرشال صاحب عدة أعمال درامية وسلسلات فكاهية على غرار سلسلة “جمعي فاميلي”, و”دار البهجة” و الكاميرا الخفية “واش أداني”، في منشور له عبر صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك أن الأغلبية الأعمال المعروضة خلال هذا الموسم الرمضاني لا ترقى لمستوى وطموحات المشاهد الجزائري، بل تجاوزت حدها إلى الاستهتار بذوقه، والتعدي على ذكاءه من خلال مسلسلات ساذجة لا طرح ولا فكر ولا شخصية ولا حتى تقنية، وسلسلات سطحية مستهلكة و مستنسخة، بالإضافة إلى سكاتشات بالية قديمة وبرنامج كاميرات خفية التي تعتمد غالبيتها على العنف بكل أشكاله من اجل الإضحاك، وهنا تساءل عن دور سلطة الضبط في الحد من انتشار مثل هذه الاعمال.

وعن الأسباب التي أدت إلى هذا المستوى من الانحدار يقول شرشال جشع المنتجين المنفذين الذي في تقع في ايادهم سلطة المال، ولان معظمهم  لا يهمهم العمل بحد ذاته فيعتمدون على طاقم اقل معرفة لاستغلالهم ولا يهم مستواهم، كما يعتمد هذا المنتج بالتواطؤ مع المخرج أحيانا، على معارفهم و أصدقاءهم في إنتاج العمل في كل مراحله، كما يحاولون الاقتصاد في أماكن التصوير وقد تصل إلى الاكتفاء بمكان أو مكانين على الأكثر،

بالإضافة إلى الإسراع في انجاز العمل، وتضخيم الفواتير لتبرير سرقته لأكبر نسبة من ميزانية المنتوج، بالإضافة إلى التعدي على حقوق الفنانين والتقنيين، حيث شهدنا في كثير التجارب شكوى هؤلاء من عدم تلقي مستحقاتهم حتى بعد بث أعمالهم، ضف إلى ذلك التسرع في الإنجاز حيث ينتظر هؤلاء المنتجون قرب حلول شهر رمضان لبداية العمل، مما يجعلهم يسقطون في التسرع، الاستسهال و التنازلات الفنية في كثير الأحيان. هذا إلى جانب الاعتماد على الدخلاء من المنتجين والمخرجين، وبهذا الصدد قال” لقد شهد القطاع هجوما كاسحا لأشباه المخرجين، وأنصاف السيناريست، من عارضي الأزياء و المطربين الذين انقلبوا دون تمكن إلى مهنة التمثيل التلفزيوني لا لشيء إلا لكونهم يمتلكون وجوه جميلة ومقبولة في شاشات التلفزيون وذو قوام فتان بالنسبة لعارضات الأزياء

ظاهرة أخرى تفشت في الوسط التلفزيوني يقول محمد شرشال، وهي ظاهرة تفشي البودكاستر الذين غزو التلفزيون، فالقنوات أصبحت تغازل الجمهور من خلال استغلال شعبية هؤلاء البودكاست،فيستدرجون محبيهم من خلال منحهم فضاء التلفزيون يعبثون فيه كيفما شاءوا،على حساب المتكونين في الميدان ومختصيه، فالمنتج هنا و بدل أن يبحث عن أهل الاختصاص ليصنع جمهورا، أصبح يجري وراء من لهم شعبية في اليوتيوب أو الأنستغرام أو السنابشات ليكسب جمهورا جاهزا على طبق من لايكات.

مشكل آخر، تطرق له محمد شرشال وهو الاعتماد على النجوم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أعمال، وقال بهذا الصدد أن هناك العديد من التجارب يعتمد فيها المنتجين لإنقاذ ماء الوجه على نجوم معروفة ومستهلكة، فيضعونهم في الواجهة، متحايلين على الجمهور وهم يستغلون حبه وتعاطفه مع هؤلاء النجوم” مضيفا “إن احتكار هؤلاء النجوم للمشهد التلفزيوني وعدم منح الفرص لنجوم جدد مشكلة أخرى، خاصة وأن أغلبهم ممثلون نمطيون يكررون أنفسهم في كل مرة، إلى درجة أنهم أصبحوا مملين، هذا زيادة على كثافة تواجدهم، حيث تجدهم في كل الأعمال ، في المسلسلات والسلسلات والحصص والكاميرا الخفية وحتى في الإشهارات”.

من جهة أخرى، تأسف محمد شرشال عن قبول الأكاديميين وأهل الاختصاص في أعمال هزيلة وقال بهذا الصدد “يدهشني رضوخ بعض الوجوه المحترمة، الأكاديمية، المتمكنة والمعروفة ، والمشاركة في أعمال لا ترقى إلى مستواهم، بل تسيء إلى سمعتهم فنهم”.

وفي الأخير، شدد المتحدث على دور الرقابة التي أصبحت –حسبه- شريكة في هذا الفساد، بعد أن أصبح اهتمامها موجه إلى قمع حرية التعبير المكفولة دستوريا من خلال منع الأعمال التي تنتقد السلطة، أو هيئة نظامية أو حتى مسؤول سامي، في حين تغض البصر وتقف صامتة أمام انتهاكات اهرى أكثر خطورة يقول شرشال كالاستهزاء بالذوق العام، وتمييع قيم المجتمع، والتعدي على حرماته وأخلاقه، واستغباء المشاهد واحتقاره في كثير الأحيان.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى