ثقافة وفن

المسرحي عمر فطموش للحياة العربية: المسرح الجزائري مازال يسير بتقاليد مسرح الخمسينات

دعا المخرج المسرحي عمر فطموش إلى ضرورة إدراج المسرح ضمن البرامج التعليمية في الجزائر، والتركيز على التكوين المسرحي في شتى المجالات، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على أساتذة مختصون عرب وأجانب للاحتكاك بهم والتعرف على تجاربهم المختلفة.
عمر فطموش الذي مثل الجزائر مؤخرا في مهرجان المسرح العربي في دورته 11 التي احتضنتها القاهرة العاصمة المصرية شهر جانفي المنصرم، كرئيس لجنة تحكيم المهرجان، قال في مستهل حديث جمعه مع الحياة العربية دور أن فكرة   “مسار الذاكرة ” انطلقت من الحديث عن مسار المسرح العالمي بصفة عامة ، وأمام موجة التطور حثنا الواقع للبحث في كيفية خلق  فرجة واحتفال عن طريق المسرح والشعر والغناء فانطلقنا من هذه الفكرة لصنع الفرجة المسرحية، وإذا أردنا أن نقوم بهذا النوع من المسرح يجب أن نقتحم الفضاء أولا وأن نفتح الفجوى والأوركاسترية وكذلك اقتحام آخر فضاء للمسرح الوطني من أجل أن يرى الجمهور مدى عمق هذه الخشبة الغريبة.
بخصوص ضرورة استحضار أعلام الجزائر قال “استحضارنا لعلالو و دحمون  وكاتب ياسين وعلولة وغيرهم هذه الأسماء التي أعطت كل ماهو جميل للجزائر في أتعس الأيام وواكبت الثورة الجزائرية، يأتي بهدف  تعرف شباب اليوم على إعلام المسرح، فمن غير الممكن أن نتحدث عن المسرح دون ذكر كاكي، علولة، بشطارزي الذين صنعوا الفرجة وأقول لا للنسيان ونفتح الباب لمستقبل زاهر لبلد بدونه لن نعيش”، مضيفا” أحسن طريقة أننا ننتج أعمالهم المسرحية، أولا نكتب أعمالهم ونصدرها في كتب، ليتعرف عليها شبابنا حتى تدخل هذه الأعمال المؤسسات التربوية”.
وقال بخصوص وضع المسرح اليوم “المسرح اليوم لا يستطيع أن يعيش وحده، يجب أن يتعرف أبناؤنا على هاته الأسماء، وإلى غاية اليوم لم أفهم لماذا المدرسة تغلق أبوابها على تعليم الفن الرابع، كل بلدان العالم ينطلقوا من المسرح أدب وفن، وفي بلادنا شبابنا لا يعرفون مجوبي، علولة، وهذا عيب كبير لهذا يجب فتح برامج خصوصية وبرامج عادية عن المسرح الجزائري في المدارس، ثم إعداد كتب عن كل المسرحيات سواء بالعربية الفصحى أو العامية ولما لا الفرنسية، وهذا في اعتقادي أحسن تكريم لهؤلاء”.
ويقول بخصوص المسرح الجزائري “أنه  رغم كل المشاكل التي يعيشها، هناك بنايات وشباب مبدع لكن لا يملك الآليات التي يعمل بها وحان الوقت لنعيد النظر في المعهد الوطني للفنون الدرامية والسمعي البصري، وإنشاء أكاديمية كبيرة للتكوين، مع فتح معاهد جوارية أخرى في مختلف ولايات الوطن من أجل تكوين الشباب، فتح الباب للتكوين للأشقاء العرب الذين برزوا في هذا الميدان، على شبابنا أن يستوعب هذا”.من جهة أخرى تأسف محدثنا عن عدم استغلال التراث الثقافي في أعمالهم المسرحية قائلا” الموجة  الجديدة من المسرحيين الجزائريين لم يطلعوا بعد على تراثهم الثقافي  كما أن  نسبة كبيرة من المسرحيين لا تقرأ وليس لديها إطلاع على عديد التجارب وهو إشكال كبير، لكن ذلك يعود للوضع العام وهو غياب ثقافة المسرح في الحياة اليومية،خاصة غيابها عن المناهج التعليمية فتلاميذ المدارس يستطرد فطموش  لا يمارسون المسرح ولا يقرأون النصوص المسرحية، حتى أنهم لا يشاهدون السينما .هذه إشكالية كبيرة في مناهج التعليم وهو ما انعكس على المسرحيين الذين لا يمكنهم التعرف على النصوص الجزائرية التي هي نصوص مسرحية بحتة، لذلك لا يزال المسرح في الجزائر على شكله الهش ومازلنا نسير بتقاليد مسرح الخمسينات، حتى بعض من حاولوا الارتقاء بالفكر الأكاديمي، فإنهم ما زالوا في ممارسات الفكر الهش والفكر البدائي في الممارسة المسرحية، في غياب أصول أكاديمية يتم الاستناد إليها والانطلاق منها.
وفيما يتعلق بالاقتباس والكتابة المسرحية قال “هناك محاولات لكن ” لا يقتبس من يقتبس” ،فإن مقتبس المسرح اليوم الذي يحاول أن ينطلق من الرواية إلى المسرح، عليه أن يكون فنانا متخصصا في الدراما واسع الإطلاع، لأن المتخصص في الدراما وحده يمكنه كتابة النص المسرحي أسسه الفنية الصحيحة، بكل بساطة يجب أن يملك الفن و الموهبة، لأن تحويل الرواية إلى مسرحية ليست مهمة سهلة، فالاقتباسات لم تنجح نظرا لغياب الآليات الدرامية للتحليل الروائي،و مؤهلات اختزال النص الطويل إلى مسرحية لا تتجاوز 30 صفحة.

وحول غياب الجمهور يرى فطموش أن الجمهور يعود للمسرح  حين تكون برمجة جادة ومنتظمة، فمسارحنا يضيف عمر فطموش لم تقدم عرضا واحدا في الشهر، في تاريخ غير مضبوط مسبقا، وهو ما يجعل الجمهور لا يألف البرمجة، فالمسارح الجهوية تعمل بشكل عشوائي وفق برنامج غير مدروس. وأضاف في ذات الصدد” ما يؤسف له كثيرا هو أن الجمهور يأتي إلى المسرح فيجده مغلقا، كما أنه لا يجد برنامجا، ان المسارح لا تعمل على خلق جماهير وفية للمسرح، من خلال استقطابها وتحفيزها بخلق آلية تعمل ضمن برنامج سنوي، أنا من خلال عملي في بجاية، استطعت تعويد الجمهور على المسرح، حيث أنه أصبح يحتج حاليا إذ لم يجد برمجة يومية للمسرحيات فاضطررنا لضبط برمجة تتماشى مع رغبة هذا الجمهور”.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى