ثقافة وفنفي الواجهة

المغربي عبد الكريم برشيد للحياة العربية: “حان الوقت لتأسيس مسرح عربي ..بمقومات ومبادئ عربية”

دعا المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد رائد المسرح الاحتفالي إلى ضرورة التأسيس لمسرح عربي، مبني على مقومات ومبادئ عربية من خلال توظيف الذاكرة الشعبية والتراث وعصرنته، والمزاوجة بين الأصالة والمعاصرة، كما دعا إلى خلق مستجدات فنية جديدة يمكن من خلالها إحداث ثورة على القالب الأرسطي والخشبة الإيطالية، واستبدال كلمة عرض مسرحي بالحفل المسرحي.

جدد الدكتور عبد الكريم برشيد دعوته للمسرحيين العرب إلى الضرورة إعادة النظر في المسرح العربي بداية من تقنياته الفنية المعتمدة إلى رسالته وأسلوبه، وقال انه حان الوقت ليصبح للمسرح العربي مسرحه الخاص، يطرح فيه قضاياه ويناقشها بعيدا عن القالب الأرسطي والعلبة الإيطالية، في الفضاء المفتوح، وبالاعتماد على المسرح الفقير، واستخدام تقنيات سينوغرافية بسيطة وموحية، توظيف قوالب الذاكرة الشعبية كالراوي وخيال الظل والحلقة وغيرها، وتحدث الدكتور برشيد خلال حديث جمعه بـ “الحياة العربية” عن تجربته المسرحية التي امتدت منذ سبعينات القرن الماضي، وقدم خلالها العديد من العروض والأبحاث المسرحية، التي حاول من خلالها إنشاء وترسيخ مفهوم مسرحي خاص متوافق مع طبيعة الإنسان العربي ومع همومه ومشاكله وآماله،وهو “المسرح الاحتفالي” قائلا في هذا الصدد”عندما دخلت إلى عوالم المسرح، وجدت نفسي أنا الإنسان العربي المغربي الإفريقي الأمازيغي، أمام مسرح غربي الطابع والشكل والمضمون، وتساءلت فيما إذا كانت شروط المسرح الغربي تناسب شكل حياتنا وبيئتنا ومفاهيمنا وتراثنا، وبين برشيد في سياق حديثه أن المسرح احتفال شعبي قائم على التلاقي، إذا ضيّع طابعه الاحتفالي والإنساني سيفقد كثيراً من روحه، وفي المسرح ليس المهم أن نتفرّج، بل أن نتفاعل، لذا يجب التأكيد دائماً على ضرورة وجود مسرح حيّ يقوم على التفاعل والمشاركة، ومن هنا يؤكد برشيد: يجب تأسيس عدة مرتكزات في مسرحنا العربي، كتوظيف الذاكرة الشعبية أو الأشكال ما قبل المسرحية، وتشغيل التراث إضافة للتأكيد على جملة من التغييرات الفنية، بداية بتكسير الجدار الرابع، والثورة على القالب الأرسطي والخشبة الإيطالية، والثورة على الكواليس والدقات الثلاثة التقليدية، موضحا أن المسرح الاحتفالي” هو رؤية فكرية وجمالية، وإرث معرفي وحضاري، وإضافة نوعية إلى رصيد المتخيّل الإنساني، تقوم على تمجيد قيم الحياة والحريّة والجمال والعدالة والتعدد والديمقراطية”.

في سياق أخر يرى رائد الاحتفالية أن المسرح أكثر حقيقة من الواقع، ويعلل قوله “الظلم والقبح واقع، لكن الحقيقة هي الجمال، الحق والمساواة والعدالة والتسامح هي الحقيقة، والواقع لا يرتفع إلا بسلطة الفن، لذلك يكون الخيال عند المبدعين أكثر حقيقة من الواقع”، ويعتبر وظيفة المسرح أن يتجاوز الواقع ليبدع ويقترب من العالم المثالي، لا أن يكون اجتراراً لواقع يعرفه الجميع.

وعن مستقبل المسرح العربي، أكد برشيد أن العالم العربي كله يجتاز الآن مناطق اضطرابات، لكنه يعتبرها مرحلة عابرة تقتضي الكثير من الهدوء والتريث، وقال بهذا الصدد “هذا العبور قد يكون شاقاً ومتعباً ومكلفاً روحياً ونفسياً، لذلك فهو يتطلب نوعاً من الحكمة كي نجتاز المرحلة بأقل ما يمكن من الخسائر”.

نسرين أحمد زواوي

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى