ثقافة وفن

الناقد المسرحي المغربي عبد الرحمن بن زيدان: “مسرحيون عرب بحثوا في إمكانات تأسيس نظرية للمسرح عمادها العودة إلى التراث”

أرجع الناقد والأكاديمي المسرحي المغربي عبد الرحمن بن زيدان، عدم وجود منهج جاهز لقراءة المسرح، إلى طبيعته التكوينية التي تختلف عن باقي الأجناس الأدبية الأخر، باعتباره يتضمن ما هو أدبي حين يكون نصا قابلا للقراء، ويكون عرضا عندما تتدخل مجموعة من الوسائط الفنية لإنتاج الفرجة،

أوضح الدكتور عبد الرحمن بن زيدان خلال تنشيطه للعدد الـ 40 من منتدى المسرح والذي ناقش خلاله موضوع “النقد المسرحي العربي..بنائية المنهج ودلالة المنجز”، أن المسرح فن مركب يستدعي وجود أدوات تفهم هذا التركيب بعد تفكيكه وإعادة تركيبة لغة دلالاته وبحكم هذا التنوع هناك مناهج رسمت لتاريخ قراءة المسرح طريقة ممارسة القراءة مدعومة بنظرية المسرح والدراما، وقال انه يمكن الرجوع إلى مصادر التنظير المسرحي في الغرب لنجد أن القراءة كانت تركز على بنيات النص المكتوب، فتحيله إلى ثقافة العصر، وثقافة الرؤية إلى المسرح، وأضاف في السياق ذاته أن  حركة النقد في الوطن العربي فإن وجود هذا النقد ظل محكوما بتجريب المناهج لفهم ما يقوله هذا المسرح الذي سيبقى تاريخيا فنا طارئا على الثقافة العربية ذلك أن النقد المسرحي الذي وجد مع مطلع القرن العشرين كان موروثا عن نقد الشعر في تاريخ الإبداع العربي الذي كان ينشط وجود قراءات واجتهادات تريد معرفة أسرار هذا الشعر ومكوناته، لكن عندما ظهر المسرح في الوطن العربي وجدنا أن القراءة كانت انطباعية لا تعرف مكونات المسرح كنص وكعرض، لكن الصيرورة المعرفية بحركية المسرح، والانفتاح على المناهج الغربية، وتكريس البحث الجامعي لقراءة المسرح جعل وعي القراءة يعطي مناحي جديدة في فهم هيئة هذا المسرح واشتغاله اللغوي والفني في بنياته الخاصة.

أما فيما يخص إنتاج أدوات القراء النقدية عند الأكاديميين يضيف المتحدث إن نظريات الآداب والفنون، والفلسفة، والفكر لها كلها بعدها العالمي لكن تطبيق هذه النظريات دون اجترارها هو ما يعطيها صفتها العلمية ويمكن الرجوع إلى المناهج التي تم تجريبها في المقاربات النقدية نجدها قد فعلت مستويات فهم الظاهرة المسرحية العربية إما بالمنهج السوسيولوجي أو البنيوي أو البنيوية التكوينية، أو الأنتروبولجيا ،أو الشعريات التي رافقت تطور النقد الجديد في العالم.

أما المناهج النقدية يقول الدكتور عبد الرحمن بن زيدان تضع  الناقد وجها لوجه أما المعرفة المسرحية، وتساعده على ترتيب قدراته على معرفة الممارسة النقدية لتكون القراءة إبداعا وليست إعادة لما قيل، وعندما نرجع إلى التراكم الذي تحقق في التجربة القرائية نجدها محكومة بالتنوع القرائي الذي خذا خطوات يحكمها الاختلاف، مشيرا إلى أن هناك من المسرحيين العرب الذين صاروا يبحثون عن إمكانات تأسيس نظرية للمسرح العربي عمادها العودة إلى المشهدية الشعبية التراثية لتكون حسبه حافزا على تجديد أدوات الفرجة كما هو الشأن عند المخرج عبد القدر علولة، أو عند الطيب الصديقي، أو عند جماعة المسرح الاحتفالي، في المغرب، والسرادق في مصر، والحكواتي في فلسطين، ولبنان، وغيرها كثير من التجارب التي عملت على ترسيخ الظاهرة المسرحية بالعودة إلى التراث وعصرنته وفق الضرورة الحياتية الراهنة، وهنا من أتجه إلى الدعوة إلى تسييس المسرح كما هو الشأن عند سعد الله ونونس.

وفي رده عن تأثير  اختلاف بين التجارب المسرحية العربية قال بن زيدان “وجود الاختلاف ضروري بين التجربة المسرحية العربية لأن مع الاختلاف تكون الخصوصية ظاهرة في شكل ومضمون التجربة المسرحية، منها نعرف محركات الإبداع والمرجعيات والدلالات التي تبني التجربة في الكتابة النص وفي إبداع العرض مع المخرج”.

وفي رده حول ما كان النقد الفني ومنهجه مرتبط بمعرفة وثقافة الناقد الواسعة والملمة بجميع الفنون والفلسلفة يقول الأكاديمي عبد الرحمن بن زيدان “إن المسرح لا يحكمه الفراغ المعرفي والجهل بكل منظوماته الأدبية والتاريخية والأسطورية والواقعية والفنية، المسرح معرفة تتطلب أن تحيط بالفلسفة وبنظريات الدراما والمسرح والنقود قديمها وجديدة، ثم معرفة نظريات الإخراج في الغرب، لأن المسرح المنغلق على ذاته لا يمكنه أن يستمر لهذا فالتكوين المسرحي ضروري أيضا لتجويد الرؤية إلى كل منظومة تدخل في تكوين المسرح”.

للتذكير، عبد الرحمان بن زيدان، أكاديمي وناقد مسرحي من المملكة المغربية، حاز على دكتوراه الدولة تخصص أدب (مسرح)، وهو حاليا أستاذ التعليم العالي بجامعة المولى إسماعيل، كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس بالمغرب، كرم في كثير من المهرجانات العربية في المغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والكويت… وشارك كرئيس أو كعضو في لجان التحكيم في أكثر من مهرجان مسرحي عربي، نشر أكثر من ثلاثين مصنفا في المسرح والفنون التشكيلية وفي التراجم والأعلام والمذكرات، ألف ونشر أكثر من سبع مسرحيات تجريبية تحت عنوان “ديوان الإيقونات في فرجة المقامات”، قدمت على الركح بعديد الدول العربية، وترجمت إلى لغات وحتى أنجزت حول تجربته النقدية والإبداعية العديد من الأطروحات العلمية والمصنفات النقدية في كثير من جامعات الدول العربية.

نسرين أحمد زواوي

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى