
قال الناقد والكاتب عز الدين جلاوجي، أن الجوائز ليست معيارا على جودة أي عمل إبداعي، لأنها تقدم على حسب اذواق أعضاء لجنة التحكيم، وليس على معيار نقدي علمي معين، مشيرا إلى أن نجاح أي عمل إبداعي مرتبط بالصدى الذي يحققه عند القارئ أو المتلقي.
قال الناقد عز الدين جلاوجي أن الجوائز العربية التي يتحصل عليها عدد من المبدعين العرب لا تعني أنهم صفوة المبدعين او أن أعمالهم لا تتقبل نقد علمي، وقال في حديث جمعه مع الحياة العربية أنه على اطلاع على عدد من الروايات العربية التي نالت جوائز لكن أغلبها لم ترق لي كقاريء، أو على الأقل لم تكن بذات المستوى الذي يمكن أن ينال الجائزة، مشيرا إلى أن نجاح الأعمال الأدبية دليلها مدى تقبلها عند الجمهور ومدى انشغال النقاد والباحثين بها.
بخصوص ما تقدم من نصوص وما مدى تأثيرها في صناعة الرأي العام، يقول محدثنا “أمران ساهما في خلق ذلك النوع من المثقفين الرافضين ليس على مستوى الوطن العربي فحسب ولكن على مستوى العالم، الأمر الأول هو وجود قطب يناهض الغرب، ووجود فلسفة تختلف عن المركزية الغربية التي مثلت الاستعمار، الأمر الثاني هو وجود أنظمة في الوطن العربي شجعت هذا التيار الرافض والثائر، وتبنت أفكاره وطروحاته، نحن الآن يضيف محدثنا “في عصر أحادية القطب عصر العولمة والصوت الواحد، عصر تكميم الأفواه، ورغم ذلك مازال المثقف العضوي دوره الفاعل والقوي في نشر الوعي وتحريك الجماهير التي أصبحت اليوم أكثر وعياً”.
وعن هيمنة هاجس الماضي والحاضر في روايته الادبية وفي نصوصه المسرحية قال محدثنا “لا يمكن للإنسان أينما كان أن يتخلص من ماضيه، فهو حاضر عنده بشكل أو بآخر، وفي الكتابات العربية المعاصرة نجد حضور الماضي البعيد والماضي القريب، الشعر العربي حافل بحضور أبي ذر وخالد والأندلس وزرقاء اليمامة وطارق والمتنبي وصلاح الدين وقرطبة وهارون الرشيد، كما يحضر جمال عبد الناصر وجميلة بوحيرد والقسام وغيرهم، واقرأ نزار والبياتي وعبد الصبور والفيتوري والبردوني والسياب ونازك” مستطردا قوله “نحن أمة مجروحة في حاضرها بما فعل فيها الغرب وما فعل بها بعض أبنائها رغم تاريخها الحافل بالأمجاد، ماذا تنتظر من أديب يرى الإنسان العربي والمسلم يذبح في فلسطين والعراق والبوسنة وكوسوفو ولا ذنب له، وهو يرى حكاما يعيثون بثرواته الضخمة وهو يموت جوعا سوى أن يكتب عن حاضره مرتبطا بماضيه”مضيفا” لابد للأديب أن يكتب عن المجد الذهب حتى وهو يكتب عن الحاضر، فالمجتمع في صيرورته غير منفصل عن الماضي القريب والبعيد، ولا عجب فالأوربيون ما زالوا يسمون اكتشافاتهم ومخترعاتهم بأسماء آلهتهم، وما زالوا يعلقون الصليب على رقابهم في مناسباتهم العظيمة”.
وفي رده عن انتصاره للنص المسرحي على حساب خشبة المسرح، يقول محدثنا “فعلا في أغلب ندوات ودراسات ادعوا للانتصار للنص لكن ليس على حساب الخشبة أبدا، النص إبداع مكتمل قائم بذاته، أما العرض فلا يتحقق إلا بتضافر جملة من الفنون، مما جعلني في إحدى كتبي النقدية أقلب الشائع من أن المسرح أب الفنون، لأقول المسرح نجل الفنون، هو ابن مدلل يولد نتيجة تزاوج طائفة من الفنون القولية والسمعية والبصرية وغيرها، ومعلوم أن هناك حركة عملت على اغتيال النص والحط من قيمته، مما أزرى به للأسف الشديد، وضيعنا آلاف النصوص مع العروض التى ضاعت أيضا، مع أن هذه النصوص هي أيضا أدب راق، وهو ما شوه الصورة لدى المتلقين، فلا يتلقون هذه النصوص إلا مرتبطة بالخشبة، واسأل عن شكسبير وبرخت وشو والمسعدي والحكيم وونوس والمدني برشيد وفرج غيرهم، يعرفهم الكثيرون وقراءهم نادرون، في وقت يتهافت فيه القراء على نصوص روائية وقصصية أقل قيمة وإبداعا، ولا سبب إلا طريقة كتابة النص، مما جعلني أعيد كتابة مسرحياتي كتابة جديدة مختلفة تشبه الرواية إلى حد ما، وأطلقت على النص اسم”مسردية”، وأكون بذلك قد وفرت للقارئ نصا يمكن أن يقرأه براحة تامة، دون أن أخدش حقه فى “التمسرح”، وللمخرج أن يأخذ بيده بيسر إلى الخشبة متى ما أراد، مع إيماني الراسخ من أن نهاية فن المسرح قد اقتربت، مع ظهور وسائط سمعية بصرية مختلفة، لم يعد المسرح اليوم مطلبا جماهيريا، وحتى السينما أيضا، وهو ليس عيبا أبدا، الفنون كائنات حية لها أعمار محددة بعضها قد يكون قصيرا، ولنا في فن الملحمة والمقامة والشعر التعليمي عبرة”.
نسرين أحمد زواوي