مقالات

الوعي بالحرية لا يعني امتلاك الحرية

عبد العزيز بن محمد الخاطر

وعي الشعوب العربية الحالي بحريتها هو انعكاس لشعورها بحالة العبودية التي تعايشها ضمن الشروط التاريخية الاخرى التي تشكل عائقا كبيرا على امتداد هذا الوعي بحيث لا يشمل جميع أبعاد مفهوم الحرية، لكي أوضح هذه النقطة أشير الى نفس حالة الامة العربية إبان الاستعمار، فثمة حالة وعي بالحرية كانت سائدة حينئذ للتخلص من عبودية الاستعمار وتم لها ذلك، ولكن دخلت في نوع آخر من العبودية للأنظمة العسكرية والنخب التقليدية.

إذن الوعي بالحرية كانعكاس لحالة من العبودية لا يكفي للشعور بالحرية إلا مؤقتا. هذا ما يمكن تلمسه اليوم، فالثورات قامت على وعي جزئي بالحرية لتدخل ربما في عبودية من نوع آخر. الحرية الحقيقية تصوغ شروطها التاريخية ضمن مفهوم الحرية لا العكس أن يصبح مفهوم الحرية ضمن الشرط التاريخي السابق وفي داخل قضبانه وسجنه.

ما يتم الآن وما يجري الحديث عنه من محاولة لسرقة الثورات أو محاولة عدم انتشارها أكثر من قبل الانظمة والنخب دليل قاطع على أن وعي الأمة بالحرية وعي جزئي ضمن شروط تاريخها الاستبدادي فهي حرية داخل إطار الاستبداد ذاته.

الثورات التاريخية هي بناء للذات وليس انتقالها من وضع إلى آخر وهي مكتملة الشروط التاريخية لأن التاريخ مستمر وشروطه كذلك وهي معه كذلك تتطور.

اليوم في الغرب هناك ثورات تتطور معها الذات في مجالات كثيرة علمية وإنسانية وثقافية هذا هو الوعي بالحرية.

الوعي بالعبودية هو وعي بغياب الحرية وليس وعيا بالحرية ذاتها هو ما تستشعره الشعوب اليوم ويحاول المتربصون الوقوف عنده وعدم انتقال الأمر الى الوعي بالحرية التي تفتح الشرط التاريخي ولا تقفله طالما أن التاريخ مستمر والشعوب تتجدد.

إذن شعوبنا بحاجة إلى رؤية فلسفية تخرجها من استمرار بحثها عن حرية هي وعي بالعبودية في الاساس إلى وعي آخر بمفهوم الحرية ينفي العبودية وعودتها تحت أي شكل من الاشكال أو الظروف.

يؤكد هذا كله النظرة الغربية القائلة بأن الشرقي لا يقوى على الفلسفة بل يقف على حافتها لأن كينونته لا تسمح له بذلك.

الشرق القطرية

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى