بشارات للمؤمنين
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، ووفقه لصالح العمل، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63].
ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى في كلامهم على هذه الآية عدة بشارات للمؤمن، منها:
– 1التوفيق للعلم النافع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»، وقال عليه الصلاة والسلام: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»، فإذا جعل الله تعالى في قلب العبد الرغبة في العلم الشرعي، ويسر له سبيله كانت تلك من البشارات المعجلة.
– 2تحقيق العلم بالعمل والثبات عليه مع الإخلاص فيه لله عز وجل، لما في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عسله». قيل: عسله يا رسول الله؟ قال: «يفتح له بين يدي موته باب عمل صالح حتى يتوفاه إليه». فإذا استقام العبد على أداء الفرائض واجتناب المنكرات والتوبة النصوح إلى الله من الخطيئات كان ذلك من البشارات المعجلة في الحياة الدنيا.
– 3المودة في قلوب صالحي العباد، والثناء عليه ممن يعرفه ومن لا يعرفه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنتم شهداء الله في أرضه، من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة..الخ»، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، وحديث: «إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل: إني أحب فلانًا فأحبه فيحبه جبرائيل، ثم ينادي في أهل السـماوات إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماوات ثم يوضع له القبول في الأرض».
– 4إذا حضر المؤمن أجله بُشر بمقعده من الجنة، كما في الحديث: «أنه يرى مقعده من النار ومقعده من الجنة ثم يقال له: هذا مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدًا من الجنة، فلا يكون غائب أحب إليه من الموت».
– 5الرؤيا الصالحة يراها المؤمن في حياته أو تُرى له في حياته أو بعد مماته، وهي من أجزاء النبوة الباقية في الأمة، وهي من المبشرات.
– 6تثبيت الله للعبد عند السؤال في قبره، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فيقال: نم. قد علمنا إن كنت لموقنًا، ثم يُفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من رَوحها وريحانها ونعيمها، فيقول فرحًا: ربي أقم الساعة، شوقًا إلى منزله في الجنة.
– 7تلقي الملائكة للمؤمن يوم القيامة البشارات والتهاني، كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].
– 8في الجنة تلقى الملائكة المؤمنين بالبشارات والتهاني والتحيات، كما قال الله تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].
فتلك أخي المسلم سلسلة من البشارات متصلة الحلقات، مفتاحها العناية بالفقه في الدين والعمل به.
فكن أخي المسلم من أولئك الذين فازوا بأوفر الحظوظ، وأعظم الهبات بأن تتعب بدنك في طلب العلم الشرعي، وتلزم أهله وتسأل الله أن يزيدك منه، وتعمل به وتدعو إليه وتصبر لله تعالى في سبيله.