وطن

بعد رفع السرية عن الأرشيف: مؤرخون يشكون من تلكؤ فرنسا في كشف أسرار حرب الجزائر رغم مرور 50 عاما

رغم إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإسراع في رفع السرية عن الأرشيفات السرية التي يزيد عمرها على 50 عاما، يقول مؤرخون إن هناك عوائق أمام أبحاثهم حول الحرب الجزائرية، التي لا تزال حساسة في فرنسا.

ورد ذلك في تقرير بصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) عن إعلان ماكرون، الذي تضمن أنه -واعتبارا من أمس الأربعاء- سيتم تنفيذ إجراءات جديدة من شأنها تقصير الوقت اللازم لرفع السرية بشكل كبير من أجل “تشجيع احترام الحقيقة التاريخية”. وأوضحت الصحيفة أن إعلان ماكرون يهدف إلى الرد على الشكاوى المتزايدة من المؤرخين والمسؤولين عن الأرشيف بشأن التعليمات الحكومية الصارمة الخاصة بإلغاء السرية عن المحفوظات. وبموجب الإجراءات الجديدة، سيتم السماح للسلطات بإلغاء السرية عن صناديق الأرشيف دفعة واحدة، مما يسرع عملية رفع السرية عن الوثائق التي كانت تُنفذ ببطء من قبل.

..لا تعالج شكاوى المؤرخين

ومع ذلك، قال بعض المؤرخين إن الإجراءات الجديدة بالكاد تعالج شكاواهم؛ إذ أوضحت مؤرخة الحرب الجزائرية رافاييل برانش أنها ستؤدي فقط إلى تسريع وتيرة إجراء لا ينبغي أن يكون موجودا.

ومن الأمور الرئيسية التي رفضها المؤرخون في شكاواهم إلغاء مطلب الحكومة لعام 2011 بأن يتم رفع السرية “رسميا” عن كل وثيقة مصنفة “سرية” أو “سرية للغاية” قبل إتاحتها للجمهور، مشيرين إلى أن ذلك يتعارض مع قانون عام 2008 الذي يدعو إلى الإفراج الفوري عن الوثائق السرية بعد 50 عاما من إنتاجها.

وقالت الصحيفة إن عشرات الآلاف من الوثائق التي كانت متاحة للعامة تمت إعادة ختمها في وقت لاحق بأنها سرية، مما أعاق البحث التاريخي، وأعاد فرض السرية على المعلومات التي تم الكشف عنها مسبقا.

وطعنت مجموعة من أمناء الأرشيف والمؤرخين -بما في ذلك روبرت أو. باكستون المؤرخ الأميركي الذي كشف عن تعاون السلطات الفرنسية مع ألمانيا النازية- على الإجراء الحكومي عام 2011 أمام المحكمة العليا في فرنسا. وقالت السيدة برانش -التي تقود المعركة القانونية- إن المجموعة ستواصل تحديها رغم إعلان ماكرون أمس.

وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى أنه ليس من الواضح ما الذي دفع الجهود لفرض سياسة رفع السرية العام الماضي، لكن رغبة ماكرون في سحب الستار عن الحرب الجزائرية أغضبت البعض في الجيش، الذي يشرف على معظم المحفوظات المتعلقة بالمسائل الدفاعية.

وفي يناير الماضي، تلقى ماكرون تقريرا عن الحرب الجزائرية نصح بوضع حد للبطء في رفع السرية والعودة “في أقرب وقت ممكن” إلى رفعها عن أي وثيقة سرية يزيد عمرها على 50 عاما، كما هو مطلوب بموجب قانون 2008.

..إضرار بالبحث الأكاديمي

وقالت السيدة برانش -التي كتبت بإسهاب عن استخدام القوات الفرنسية للتعذيب- إن العديد من كتبها لن تكون قابلة للنشر اليوم لأنها تعتمد على وثائق أعيد ختمها بالسرية.  وأشارت إلى أنه ومنذ أن بدأت التدريس في جامعة باريس نانتير عام 2019، اضطر حوالي 10 من طلابها إلى تغيير موضوعات بحثهم بسبب عدم توفر إمكانية الوصول إلى الوثائق الأساسية، مضيفة أن هناك بعض الدراسات التي لم يعد من الممكن تصورها.

وعلقت نيويورك تايمز بأن الحرب الجزائرية لا تزال جرحا عميقا في فرنسا يغذي المشاعر المريرة بين ملايين السكان الذين تربطهم صلات بالجزائر من عائلات مهاجرة إلى قدامى المحاربين، ولطالما أثبت التشكيك في هذا الماضي أنه مهمة صعبة.

وأضافت أن اعتراف ماكرون رسميا الأسبوع الماضي بأن فرنسا “عذبت وقتلت” أحد كبار مقاتلي الاستقلال الجزائريين عام 1957 قد تعرّض لانتقاد شديد من قبل اليمين الفرنسي.

م.ج

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى