• الهجرة السرية باتت تشكل معضلة في الجزائر**
أكد التقرير الذي نشرته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان” بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين، والذي يصادف 18 ديسمبر، أن خمسة آلاف جزائري تم ترحيلهم من أوروبا وأعيدوا إلى الجزائر، بسبب إقامتهم ودخولهم إلى الدول الأوروبية بطريقة غير قانونية أغلبها عبر البحر.
وأشار التقرير إلى أن عددا آخر من المهاجرين الجزائريين ما زالوا محتجزين في مراكز توقيف في عدد من الدول الأوروبية بسبب الهجرة غير الشرعية، ومهددين بالترحيل القسري في أي وقت. وفي الفترة الأخيرة سرعت إيطاليا وإسبانيا وألمانيا على وجه الخصوص عمليات ترحيل المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، وعبرت الجزائر عن استعدادها لاستقبال رعاياها من هؤلاء المهاجرين في الدول الأوروبية بعد التثبت من هوياتهم.
وأكد التقرير أن عددا كبيرا من المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين جرى توقيفهم عبر حدود القارة الأوروبية البرية والبحرية منذ بداية عام 2017، لافتاً إلى أن الجزائر تعاني من موجات الهجرة غير الشرعية نحوأوروبا، كما أن قوات حرس السواحل تعلن عن عمليات شبه يومية تحبط خلالها محاولات هجرة غير شرعية انطلاقا من السواحل الجزائرية.
وأحصى التقرير “ضبط أكثر من 8217 شخصاً حاولوا الهجرة منذ بداية عام 2015 إلى غاية شهر ديسمبر الجاري، وتسجيل ثلاثة آلاف حالة بين متوفٍ ومفقود منذ عام 2009 حتى اليوم”. وانتقدت الرابطة الجزائرية رفض دول الاتحاد الأوروبي المستقبلة لليد العاملة والكوادر عدم التوقيع على المعاهدة الدولية لحماية المهاجرين وأسرهم. واعتبرت أن “تردد دول الاتحاد الأوروبي في المصادقة على الاتفاقية لحماية حقوق كافّة العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، نتيجة كوننا ما زلنا نخضع لنظام عالمي غير ديمقراطي تمارس فيه الدول المتقدمة والصناعية تمييزا ممنهجا ومنظماً، وتضع قوانين هجرة مشددة بدعوى حماية أمنها القومي والتصدي للإرهاب”. أشار تقرير الرابطة الحقوقية إلى أن “المشاكل الإنسانية التي تنطوي عليها الهجرة وخاصة الهجرة غير النظامية، لا تقل خطورة عن الإرهاب الذي أصبح ذريعة في يد الدول للتضحية بحقوق الإنسان، ويزداد هذا التمييز تطرفا في ظل طغيان عولمة اقتصادية متوحشة”.
.. الهجرة السرية باتت تشكل معضلة في الجزائر
وترى الباحثة في علم الاجتماع فضيلة حاج الطاهر، أنّ الهجرة السرية باتت تشكل معضلة في الجزائر، وخصوصاً عندما نشاهد قوافل لشباب يخوضون مغامرات غير محمودة العواقب، ويعودون جثثاً أو يبقون في عداد المفقودين. تقول إنّ “الوضع يستدعي الاهتمام من طرف السلطات العليا، بهدف تقديم حلول ناجعة لمشاكل الشباب ممن يتجهون نحو المجهول”. تؤكد أنّ “مشكلة الهجرة السرية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة تحتاج إلى مراجعة شاملة لكلّ السياسات الخاصة بالتنمية، وتفعيل دور الشباب بتطبيق مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص”. وتتابع حاج الطاهر أنه “لا فارق بين المهاجر السرّي والمنتحر، فكلاهما يتجه نحو مصير مجهول”، مشددة على “ضرورة تأسيس لجنة وزارية لدراسة هذه الحالة ومعالجة أسبابها، وتجنيد كلّ المؤسسات الاجتماعية والمهنية من أجل الاعتناء بفئة الشباب، وذلك من خلال خلق قطاعات استثمارية تستقطبهم، خصوصاً ذوي الشهادات العليا من بينهم”.
بحسب معلومات شباب كثر، فإنّ شبكات نقل الحراقة تتفق معهم لنقلهم بقوارب صغيرة تقليدية، تحمل ما بين 15 شخصاً و20، وتتقاضى مبلغاً لا يقل عن 400 يورو عن كلّ شخص، مقابل إيصالهم إلى إيطاليا أو إسبانيا. لكنّ البعض يحمل في المركب أكثر من 25 راكباً وربما يصل الأمر إلى 30، ما يؤدي إلى غرقه في أحيان كثيرة وموت المهاجرين. وعقب عمليات التحري التي أجرتها السلطات الأمنية، كشفت التحقيقات شبكات عديدة لتهريب الشباب الباحثين عن بصيص أمل.
وتذكر بيانات متتالية لحرس السواحل، أنّ أعمار المهاجرين تتراوح ما بين 16 عاماً و43. وفي الفترة الأخيرة، توجد نساء وأطفال من بينهم. ومع توالي مغامرات الهجرة السرّية، يبرز كثير من القصص المأسوية لعائلات فقدت أبناءها في رحلات من هذا النوع، آخرهم كانوا المفقودين من مدينة عنابة ومن محلة الرايس حميدو في العاصمة.
م.ج