تقريرٌ لديوان المحاسبة يدين إستراتيجية باريس في الساحل‎

صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية

انتقد تقريرٌ لديوان المحاسبة – دَركي المالية العامة – استراتيجية فرنسا في منطقة الساحل، مؤكداً أن الفجوة كبيرة بين الطموحات التنموية التي وضعتها باريس منذ عام 2009 من أجل منطقة الساحل ضمن استراتيجياتها المختلفة، وواقع التزاماتها، كما أوردت صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية السبت.

جاء في تقرير ديوان المحاسبة أن الإنفاق الفرنسي لصالح دول الساحل الخمس (مالي – بوركينا فاسو – موريتانيا – النيجر – تشاد) تضاعف بين عامي 2012 و2019، من 584 مليون يورو في فجر اندلاع الحرب في شمال مالي، إلى أكثر من 1.17 مليار يورو بعد سبع سنوات.

لكن التقرير أكد أن تحقيق الاستقرار ومساعدات التنمية ‘‘لم تتبع نفس المسار’’. فبين عامي 2012 و2019، انخفض المبلغ السنوي المخصص لدول الساحل من 431 مليون يورو إلى أقل من 325 مليون يورو. وفقًا لديوان المحاسبة، تم تخصيص حوالي 60 في المئة من المبالغ الفرنسية المدفوعة لمنطقة الساحل للأعمال العسكرية، خلال نفس الفترة.

واعتبر التقرير أنه ‘‘لم تتم ترجمة الأولوية المعلنة لصالح منطقة الساحل إلى واقع ملموس: في عام 2018، مثّلت دول الساحل الخمس، 10 في المئة من المساعدة العامة المخصصة للتنمية في إفريقيا ومالي’’.

ووفقاً للتقرير، فإنّ فرنسا والاتحاد الأوروبي فضّلا ‘‘توجيه نشاطاتهما تلقائيًا نحو البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تقدمًا والأوضاع الجيوسياسية الأكثر استقرارًا’’. وقد تجسدت المساعدة التنموية لمنطقة الساحل من باريس والاتحاد الأوروبي في شكل ‘‘قروض بدلاً من منح’’.

كما أن تقرير ديوان المحاسبة الفرنسي شكك إلى حد ما بفعالية التّدخل العسكري الفرنسي في الساحل، الذي انطلق عام 2013 في مالي مع عملية ‘‘سيرفال’’ والتي تحولت إلى ‘‘برخان’’ منذ 2014، حيث لاحظ المقرّرون أن فرنسا ضاعفت سبع مرات استثماراتها العسكرية منذ عام 2012 (من 153 مليون يورو إلى أكثر من مليار يورو حاليًا)، إلا أن النتائج على الأرض تتوافق قليلاً مع الأهداف المحددة. وأيضا قلّل تقرير ديوان المحاسبة الفرنسي من حجم فعالية نشاط الاتحاد الأوروبي، من خلال بعثاته التدريبية للجنود الماليين وقوات الأمن الداخلي لمالي والنيجر.

وتابع التقرير التوضيح أن دفع رواتب العسكريين والقوة الفعلية للجيش تظل غامضة، ما يشجع على الاختلاس المالي بينما الجنود على الأرض يعانون من وطأة التهديد الجهادي المتزايد. في عام 2014، كشف مكتب المدقق العام المالي في دولة مالي، المسؤول عن ضبط الإنفاق العام للبلاد، عن اختلاس أكثر من 9 ملايين يورو في قطاع الدفاع.

وفي فبراير، تعهد رؤساء دول مجموعة دول الساحل الخمس في اجتماع قمة بنجامينا، بإصلاح حوكمة قطاع الأمن من أجل ‘‘زيادة الشفافية، بما في ذلك المالية’’. ورحب شركاؤهم الأجانب، فرنسا والاتحاد الأوروبي في الخط الأمامي، بهذا الوعد. وأعادوا التأكيد، مرة أخرى، على تصميمهم على زيادة التركيز على الاستقرار والتنمية في المنطقة. غير أن هذا الالتزام ما يزال حبراً على ورق.

Exit mobile version