تنمية مستدامة: ضرورة تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية وتثمينها
أكد المشاركون في الندوة الدولية حول “الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة” التي نظمت أول أمس بالجزائر العاصمة على ضرورة تكثيف الجهود من أجل الحفاظ على الموارد الطبيعية وتثمينها سيما الأراضي الفلاحية والموارد المائية التي تتوفر عليها البلاد من أجل ضمان السيادة الغذائية.
وسمحت هذه الندوة التي نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة التي ستستمر على مدار يومين، للمشاركين بتقديم مجموعة توصيات مع التأكيد على التكفل بالظواهر التي تضر بوضعية التربة والموارد المائية وذلك من أجل ضمان السيادة الغذائية في اطار سياسة تنمية مستدامة ومحافظة على البيئة.
في هذا الصدد أكد الأمين العام لوزارة البيئة والطاقات المتجددة، مهماه بوزيان، الذي تدخل حول موضوع “الرهانات والتحديات المستقبلية للموارد الطبيعية المرتبطة بالانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة” على أهمية تثمين الموارد الطبيعية والنفايات المختلفة من أجل مواجهة مشاكل تدهور البيئة والتحدي الطاقوي.
كما أكد على اللجوء الى الحلول التكنولوجية التي تسمح بتحقيق تنمية اقتصادية دون الأضرار بالموارد الطبيعية للبلاد، مضيفا أن الانتقال الطاقوي يفرض اللجوء الى الاستغلال السريع للموارد الباطنية على غرار الحديد والفوسفات والمياه ما يشكل حسب رأيه “معادلة يصعب حلها”. وتابع يقول أنه “في حالة تعذر التقليص من استغلال الطاقات الاحفورية فاننا سنضطر الى استغلال مفرط لمواد أحفورية أخرى”.
وأمام هذه الوضعية فقد دعا ذات المتدخل الى تطوير الهيدروجين الأخضر الذي يبقى -كما قال- “الحل الأمثل والذي يمكن للجزائر أن تصبح قطبا حقيقيا لإنتاجه على المستوى العالمي”. وفي ذات السياق، تطرق السيد ساسي بلقط، أستاذ باحث بكلية الهندسة الزراعية بجامعة مستغانم إلى مسألة حماية الأراضي الزراعية وتثمينها في الجزائر، مؤكدا أن البلاد تواجه عجزا في مجال “مقاومة الأتربة” التي تتطلب اتخاذ عدة إجراءات لتحسينها من جل تعزيز الأمن الغذائي.
وحسب المتحدث، فإن “الجزائر تحوز على 23 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، منها 8.5 مليون هكتار فقط مستغلة حاليا وتبقى مرهونة بتساقط الأمطار لتحقيق المردود المتوقع”. وإذ دعا إلى ضرورة التوصل إلى “حلول عملية وفورية” لتجاوز الصعوبات المتمثلة في ندرة المياه الجوفية ونوعية التربة، أبرز بلقط أهمية وضع استراتيجية بحلول سنة 2030 بهدف استصلاح الأراضي البور وتطوير قدرات تخزين المياه وكذلك حماية مختلف الأصناف النباتية في البلاد”.
من جهتها، حذرت السيدة إلهام بوعيشي من جامعة جيلالي بونعامة في خميس مليانة، إلى ظاهرة تآكل التربة وتراكم الأوحال في السدود، وهي ظاهرة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، لاسيما الأمطار غير المنتظمة.
وحسب الأستاذة بوعيشي، فإن سعة تخزين السدود تبلغ حوالي 9 مليارات متر مكعب، ولكنها لا تزال بعيدة المنال بحيث لا تتعدى 7،7 مليار متر مكعب، بسبب ظاهرة تراكم الأوحال التي تهدد البنى التحتية المائية والتي تمثل تحديا بحيث تبلغ كمية الطين 1،4 مليار متر مكعب. وتحقيقا لهذه الغاية، أوصت السيدة بوعيشي بالتوجه نحو معالجة الأحواض وتنظيم تدفق المياه لوقف تآكل التربة والحفاظ على النظام البيئي.
للإشارة، شهد هذا المؤتمر الدولي المنظم بالتعاون مع مختبر الأبحاث للايكوبيولوجيا وحماية البيئة لجامعة البليدة 1، حضور وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، سامية موالفي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري وكذلك برلمانيين واطارات مركزية في الوزارات والوكالات العمومية، فضلا عن مختصين أجانب مرموقين.
وجددت السيدة موالفي، في تدخل لها عند افتتاح أشغال هذا اللقاء، التزام الجزائر باحترام كل تعهداتها الدولية للحفاظ على الأنظمة البيئية ولحماية الثروات والتنوع البيولوجي ومن اجل دعم الاقتصاد الدائري وخلق مناصب شغل والتصدي للتغير المناخي.
كما أبرزت السيدة موالفي أهمية هذه الندوة التي تأتي عشية الاحتفال بالذكرى ال29 لدخول اتفاقية التنوع البيولوجي حيز التنفيذ والذي يصادف 29 ديسمبر من كل سنة. وبهذه المناسبة، أشارت إلى المجهودات المبذولة من طرف الجزائر لحماية البيئة والتنوع البيولوجي، مؤكدة أن الدولة تعطي أهمية خاصة للبيئة وللطاقات المتجددة كونها عنصرا هاما في تحقيق التنمية المستدامة واقتصاد اخضر.
من جهته، شدد وزير التعليم العالي والبحث العلمي على أهمية هذه الندوة الدولية التي تندرج في إطار المجهودات المبذولة من طرف الدولة لتحقيق التنمية المستدامة، مبرزا أن الأمن الغذائي يعتبر محورا استراتيجيا يضاف إلى المحورين الآخرين المتعلقين بالأمن الطاقوي والأمن الصحي.
ز.ي


