توتر مستمر في محيط طرابلس وسط غموض مستقبل البعثة الأممية

مازال التوتر وتبادل القصف الصاروخي يسيطران على أوضاع الجبهات في محيط العاصمة الليبية طرابلس، في حين تسابق الأمم المتحدة الزمن لملء الفراغ الذي تركه مبعوثها السابق، غسان سلامة، بعد استقالته.
وسقطت، أول أمس السبت، عشرات الصواريخ من طراز غراد داخل مطار امعيتيقة والحي السكني المجاور له مخلفة أضراراً مادية، وسط اعتراف قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بمسؤوليتها عن القصف.
وقالت القيادة العامة لقوات حفتر إنها استهدفت المطار بصواريخ عدّة، منتصف ليل أمس السبت، زاعمة “تدمير غرفة العمليات المشرفة على تسيير الطائرات التركية المسيّرة بقيادة ضباط أتراك”. كما اعترفت أنّ قصفاً صاروخياً آخر استهدف مواقع قوات حكومة الوفاق في منطقتي العزيزية والهيرة، جنوب طرابلس.
وفي الطرف المقابل، قال المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية “بركان الغضب” التابع لحكومة الوفاق، عبد المالك المدني، إن مدفعية قوات الحكومة استهدفت، مساء أمس السبت، مخزناً للذخائر داخل معسكر في قصر بن غشير، جنوب طرابلس.
وأكّد المدني، في حديث لـ”العربي الجديد”، استمرار تبادل القصف المدفعي حتى صباح اليوم الأحد. وعن قصف المعسكر، قال “لم نتأكد حتى الآن من حجم الأضرار البشرية في صفوف قوات حفتر داخل المعسكر”.
وفيما أوضح المتحدث بأن الاستهداف جاء رداً على قصف قوات حفتر المتكرر للمطار ومحيطه المكتظ بالسكان، رأى الخبير الأمني الليبي، الصيد عبد الحفيظ، أن استخدام الطرفين للمدفعية والصواريخ يؤكد أن كليهما يعد لمرحلة جديدة من القتال.
وأوضح عبد الحفيظ، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أنّ “التراجع الكبير في استخدام الطيران والاقتصار على المدفعية والصواريخ يعني أن الطرفين يدمران ما يستطيعان من القدرات العسكرية على الأرض تمهيداً لمرحلة أخرى من المعركة”، معتبراً أنّ “ما يجري بمثابة جس النبض والتعرف على مدى قوة الطرف الخصم، خصوصاً أن الفترات الماضية شهدت تكديساً للسلاح بشكل واضح لا سيما من طرف حفتر”.
وبينما رجّح الخبير الأمني ارتهان الأوضاع السياسية لما سيفرزه الميدان من جديد، قالت مصادر حكومية متطابقة إنّ الأمم المتحدة تتّجه لتكليف نائبة غسان سلامة، ستيفاني ويليامز، لشغل منصب رئيس البعثة في ليبيا.
وأكّدت المصادر المقرّبة من الحكومة في طرابلس، لـ”العربي الجديد”، أن “أطرافاً دولية وعلى رأسها ألمانيا وإيطاليا لا ترغب في التفريط في المكتسبات التي توصلت إليها البعثة خلال الشهرين الماضيين، لا سيما في مسارات الحل الثلاثة”، مشيرة إلى “اعتقاد الأمم المتحدة بأن تعيين مبعوث جديد يعني احتياج البعثة لوقت أطول للترتيب قبل استئناف جهودها”.
وترجح المصادر، بحسب معلوماتها، بأن الأمم المتحدة ترى في نائبة سلامة الأنسب لاستمرار خريطة الطريق التي عملت عليها البعثة لفترة طويلة، قبل أن تعتمدها الأمم المتحدة بمخرجات للقاء قادة الدول الفاعلة في الملف الليبي في قمة برلين، التي انعقدت في 19 من يناير الماضي.
ويرى الباحث الليبي في الشأن السياسي، بلقاسم كشادة، في ويليامز شخصية أكثر قدرة على التأثير في المشهد إذا تولت منصب رئيس البعثة.
وأوضح كشادة رأيه، قائلاً إنه “رغم التمثيل الأممي إلا أن تلك الشخصيات لا يمكن فك ارتباطها بسياسات دولها، وويليامز سوف يكون لانتمائها الأميركي تأثير وقدرة أفضل على القيادة ليس للأطراف المحلية فقط بل حتى الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في ملف ليبيا”.