
اختلَفَ العلماءُ في حُكمِ قولِ: (سَمِعَ اللهُ لِمَن حمِده، ربَّنا ولك الحمدُ) في الاعتدالِ مِن الرُّكوعِ، على قولينِ:
القول الأوَّل: أنَّ التَّسميعَ والتَّحميدَ واجبانِ، وهذا مذهبُ الحنابلةِ، وإسحاقَ وداودَ، واختارَه ابنُ بازٍ، والألبانيُّ، وابنُ عُثَيمين.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ)).
وَجْهُ الدِّلالَةِ:
أنَّ قولَه: ((فقولوا)) أمرٌ، والأصلُ في الأمرِ: الوجوبُ.
2- عن رِفاعةَ بنِ رافعٍ في حديثِ المُسيءِ صلاتَه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّها لا تتمُّ صلاةُ أحدِكم حتَّى يُسبِغَ الوضوءَ كما أمَره اللهُ… ثم يُكبِّرُ ويركَعُ حتَّى تطمئِنَّ مفاصِلُه وتسترخيَ ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه)).
وَجْهُ الدِّلالَةِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علَّم المسيءَ صلاتَه، وحديثُه أصلٌ في معرفةِ واجباتِ الصَّلاةِ؛ فكلُّ ما هو مذكورٌ فيه واجبٌ.
3- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه: ((كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قامَ إلى الصَّلاةِ يُكبِّرُ حينَ يقومُ، ثم يُكبِّرُ حينَ يركَعُ، ثم يقولُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه، حين يرفَعُ صُلْبَه مِن الرُّكوعِ، ثم يقولُ وهو قائمٌ: ربَّنا ولك الحمدُ)).
وَجْهُ الدِّلالَةِ: أنَّ هذا فِعلُه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقد قال: ((صلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي)).
ثانيًا: أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واظَبَ على ذلك، فلم يدَعْ قولَ: ((سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه)) بأيِّ حالٍ مِن الأحوالِ.
ثالثًا: أنَّه شِعارُ الانتقالِ مِن الرُّكوعِ إلى القيامِ.
رابعًا: لأنَّ مواضعَ هذه الأذكارِ أركانُ الصَّلاةِ، فكان فيها ذِكرٌ واجبٌ كالقيامِ.
القول الثاني: أنَّ قولَ سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ: سُنَّةٌ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: الحنفيَّةِ، والمالكيَّةِ، والشافعيَّةِ.
الأدلَّة: أوَّلًا: من السُّنَّة:
1- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، قال: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، قال: اللهمَّ ربَّنا ولك الحمدُ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَع، وإذا رفَع رأسَه يكبِّرُ، وإذا قام مِن السَّجدتينِ قال: اللهُ أكبَرُ)).
2- عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا قال الإمامُ: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ؛ فإنَّه مَن وافَق قولُه قولَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنْبِه)).
والحديثانِ يُحملانِ على الاستحبابِ؛ جمعًا بين الأدلَّةِ
ثالثًا: لأنَّه لو كان واجبًا لم يسقُطْ بالسَّهوِ؛ كالأركانِ.