اختتمت الأربعاء الندوة الدولية للمنظمات الأفريقية غير الحكومية المنعقدة بالجزائر بإصدار عدة توصيات لمواجهات التحديات التي تعرفها القارة السمراء خاصة في مجالات الهجرة والتنمية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار لشبابها.
وحسب رئيس المؤتمر علي ساحل فإن المشاركين دعوا إلى تطبيق الأجندة الأفريقية لسنة 2063 للإتحاد الأفريقي ودعم المشاريع المسيرة من قبل المجتمع المدني والحوار دون إقصاء بين الشركاء الإفريقيين وتحقيق التنمية المحلية. من جانبه دعا الخبير الدولي عبدالمجيد قدي إلى مراجعة منظومة التكوين وربط المديونية بالإستثمار الحقيقي الذي يجني ثماره المجتمع وفي مقدمتهم الشباب، مضيفا أن الدول الأفريقية تحتاج لإصلاح ضريبي عميق يقلل من التهرب ويعمل على إبقاء رؤوس الأموال في الداخل.
وبدوره جدد المكلف بالهجرة بوزارة الداخلية والجماعات المحلية حسان قاسيمي إلتزام الجزائر بالسماح للطلبة الأفارقة بمواصلة دراساتهم بالجامعات الجزائرية. يذكر أن الجزائر استضافت على مدى ثلاثة أيام أشغال الندوة الدولية الثانية للمنظمات الإفريقية العضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (اكوسوك), تحت شعار: “إشراك إفريقيا في مواجهة أزمة الهجرة”.
وشدد مختصون وخبراء على ضرورة التأسيس لإعلام إفريقي قوي وقادر على مواجهة وتغيير الصورة السلبية التي يروج لها الإعلام الغربي عن القارة الافريقية, وكسر هيمنته على وسائل الإعلام, وحماية الهوية الثقافية الافريقية, بما يخدم مصلحة ومستقبل قارة افريقيا.
حيث أكد الجامعي, لزهر ماروك, المختص في علوم الاعلام والاتصال, أن الاعلام الافريقي يعيش وضعية “حرجة ومعقدة”, بحيث لم يعد قادرا على مواجهة العولمة والتكنولوجيا أو تغيير الأفكار السلبية التي يحرص الإعلام الغربي على ترويجها بخصوص القارة الأفريقية. و أشار في هذا السياق إلى ضرورة وجود “تعاون مكثف” بين دول الاتحاد الافريقي, للتأسيس لإعلام افريقي “قوي وقادر على كسر هيمنة وسائل الاعلام الغربية بما يساعد على حماية الهوية الثقافية للأفارقة ويحمي مستقبلهم”.
وأضاف في ذات السياق, أن الاعلام لديه دور كبير في تكوين الرأي العام وتحقيق الرقابة, ولهذا تمكنت الوكالات الغربية, التي تتحكم في 80 بالمائة من الأخبار المتدفقة إلى افريقيا, من “الترويج لكل ما هو سلبي عن القارة, وأصبح لديها هاجس تغطية النزاعات والكوارث واعمال العنف والفقر والمرض, دون الاهتمام بالتنوع الثقافي والتنمية والمؤهلات البشرية, وهذا خدمة لمصالح دول معينة.
وأرجع الاستاذ ماروك أسباب ضعف الاعلام الافريقي, إلى “افتقاره للإمكانيات والتكنولوجيا وعدم توفر هامش الحرية والمناخ المناسب الذي يساعده على تطوير قدراته المهنية”,مشددا على ضرورة توفير المناخ المناسب من خلال التعاون بين جميع الدول الافريقية لبناء إعلام قوي قادر على إزالة الافكار التي يتلقاها الرأي العام الدولي حول افريقيا ك”نموذج للعنف” وصياغة الأخبار على نحو يخدم مصالح دول القارة من خلال إنشاء وكالات أنباء موحدة تنافس نظيرتها الغربية وتروج للثقافات والحضارات الافريقية المتنوعة. كما أكد على أهمية “توفير بيئة تسمح بالوصول إلى مصادر المعلومة وحماية وصيانة الهوية الثقافية للقارة الافريقية ومواجهة محاولات بعض اللوبيات تشتيت المجتمعات الافريقية على أسس الدين والعرق والقبلية, مما يخلق النزاعات التي غالبا ما يتم استغلالها لنهب ثروات القارة, لأن الصراع الحقيقي هو صراع النفوذ”.
وفي سياق آخر, ركز الأستاذ في الاقتصاد, عبد المجيد طبي, على أهمية لإشراك الشباب الأفارقة في صنع القرارات السياسة والاقتصادية, بما أنهم يمثلون 60 بالمائة من المجتمع, وضرورة تحرر القارة الافريقية من الاستغلال الأجنبي لمواردها وخيراتها, مشيرا إلى ضرورة تحقيق الأجندة الافريقية 2063.
وأوضح ان النزاعات الداخلية القائمة في عدة دول افريقية وغياب التنمية المستدامة وعدم استغلال الموارد البشرية بسبب قلة التكوين, وعوائق أخرى داخلية وخارجية, جعلت النمو الاقتصادي في تلك الدول مرهون بالطلب على المواد الأولية, ما ساعد على ارتفاع نسبة الفقر بسبب البطالة في أوساط الشباب وتهريب الاموال إلى الخارج وغيرها من النتائج التي ساعدت على التدخل الأجنبي عبر المساعدات التي أضحت عائقا امام تطور القارة أكثر من كونها شكلا من أشكال التضامن.
واقترح الخبير في الاقتصاد, ضرورة مراجعة منظومة التكوين والعمل, تشجيع روح المبادرة لدى الشباب الافريقي, وللتخلص من المديونية لابد من إنشاء استثمارات حقيقية تجني ثمارها مختلف فئات المجتمع الافريقي, إلى جانب إصلاح ضريبي عميق وإبقاء الاموال في الداخل ووضع الآليات الكفيلة بضمان مراقبة مستمرة للمسار التنموي.
رضا.ب