سطيف: بوعلام زرواطي.. بائع الكتب المستعملة والقديمة مازال يقاوم

لا يبدو المحل الواقع بوسط مدينة سطيف بشارع سي الحواس للمارة عالي القيمة حين يرونه من الخارج، لكن بمجرد اجتياز عتبته فإنه يستدعي الفضول رغم بساطته.

فعلا لا أحد يظن أنه محل لبيع الكتب المستعملة والقديمة لولا كلمة “كتب” المكتوبة بثلاث عشرة لغة على واجهة بيضاء صغيرة بسيطة للغاية مؤطرة لباب قديم يتقاطع مع ألواح قصيرة بدون زخرفة. فبمجرد تخطي العتبة تنشغل بجو مميز للغاية، على غرار ذلك الذي ينبع من الأماكن المخصصة للقراءة والكتب، حيث تعرض مئات الكتب بقطعة أثاث قديمة ومجموعة من الرفوف البسيطة تشكل مع بعض الطاولات الديكور الوحيد الذي يليق بصاحب المكان بوعلام زرواطي الذي دخل عقده السادس.

ويمارس بوعلام زرواطي الذي كان مدرسا للغة الفرنسية والمحب كثيرا لكتبه هذا النشاط منذ أزيد من 25 سنة. فالطلاب هم الأكثر ترددا على هذا المحل المفتوح للجميع، حيث يجدون ضالتهم هناك نظرا للطبيعة الانتقائية لمجموعة من الكتب القديمة التي تمزج بين الفيزياء والرياضيات والفلسفة والحوليات والمجلات والأعمال الروائية والخيالية، مما يستدعي التحلي بالصبر للبحث من أجل العثور على ما جاء الزبون من أجله.

وإضافة إلى ذلك، فإن الجهد الحقيقي لتصنيف الرفوف المختلفة حسب الموضوع وحسب التخصص لا ينقص من الجانب “المرقع” من الرفوف وذلك ما يجعل سحر المكان أكثر مضاء وجاذبية، حيث يبدو  الجو وكأنه سحري. لكن بوعلام زرواطي يأسف للجاذبية “النسبية للغاية” للكتب لدى فئة الشباب ويرى أنه يجب على المدرسة أن تلعب دورا أكبر لحث وتشجيع تلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسطات وحتى طلاب الثانويات على القراءة، شريطة أن يكون ذلك “بطريقة بيداغوجية.”

فبائع الكتب القديمة هذا يحب كثيرا مهنته لدرجة جعلها قبل بضع سنوات موضوع مداخلة قدمها بجامعة بنسيلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية وذلك بدعوة من جمعية جزائرية التي يوجد مقرها ما وراء المحيط الأطلسي. وقد أثارت مداخلته بعنوان “بائعوالكتب القديمة بمدينة سطيف الجزائرية” اهتماما حقيقيا يزيده فخرا واعتزازا.

وحسب بوعلام زرواطي، فإن اثنين أو ثلاثة يقومون بنفس العمل بشكل متنقل، “حيث يجوبون المدن والقرى لكنهم غير معروفين لأن وسائل الإعلام المختلفة لم تسلط عليهم الأضواء كما ينبغي.” ويلح زرواطي على “عدم الخلط بين بائع الكتب المستعملة ومالك المكتبة”، مضيفا بأن مالك المكتبة “يشتري ويعرض كتبا جديدة ليعيد بيعها، بينما بائع الكتب المستعملة لا يبحث عن الربح التجاري ولا يضعه كأولوية بالنسبة له.”

وبالنظر إلى أن العديد من بائعي الكتب متحمسون للقراءة، فهو يؤكد بأن نشاطه “يسمح له أولا وقبل كل شيء أن يعيش في قلب شغفه أثناء إتاحة الكتب للقراء الذين يمكنهم القراءة في الموقع أو استعارة الكتب بمبالغ صغيرة”. وقال هذا البائع للكتب القديمة المستعملة: ” أحب أيضًا التواصل مع زبائني لمعرفة اهتماماتهم لإرشادهم بالكتب التي يرغبون فيها.”

ويحرص هذا الأستاذ السابق على الاستماع وتقديم المشورة لزبائنه، حيث تبقى أمنيته الغالية هي نقل شغفه إلى أي شخص يتجاوز عتبة متجره الصغير. وخلص بوعلام زرواطي المولع بالحكم الشعبية إلى التذكير بمثل شعبي يعبر، كما قال، عن جمال القراءة وأهميتها بالنسبة للإنسان وهو”الكتاب الجيد حديقة تحملها معك”.

Exit mobile version