في الواجهةوطن

صبري بوقدوم يجدد رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في ليبيا

  • “مصلحة الجزائر هو استقرار ليبيا ووحدتها”
  • الجزائر الدولة الوحيدة التي لم ترسل السلاح والمرتزقة بل بعثت برسالة أمل لكل الأطراف الليبية
  • ملف الذاكرة أولوية وهناك إرادة إيجابية من الرئيس الفرنسي لتسويته”

جدد وزير الشؤون الخارجية ، صبري بوقدوم، السبت، رفض الجزائر لأي تدخل أجنبي في ليبيا، مشيرا في ذات الوقت إلى أن كافة الاطراف الليبية تطالب “بتدخل الجزائر واستكمال جهودها في إطار حل الازمة الليبية”.

وأكد السيد بوقدوم — خلال نزوله ضيفا على منتدى جريدة الشعب أن الجزائر “تعمل مع مختلف الاطراف المهتمة بالشأن الليبي، لاسيما دول الجوار للوصول في أقرب الآجال إلى إنجاز مخرج يضمن استعادة السلم والاستقرار في هذا البلد الشقيق”.

وقال “ان المقاربة التي تعتمدها الجزائر بالتنسيق والتشاور مع أشقاءها من دول الجوار تهدف الى إيقاف التصعيد بجميع أشكاله وجمع الاشقاء الليبيين حول طاولة الحوار دون  أي تدخل خارجي ” — وأوضح أن هذا المسار “يبدأ بوقف إطلاق النار والتخلي عن الحسابات الظرفية لاستعادة الثقة بين الاطراف الليبية والبدء في حوار يضم مختلف مكونات الشعب الليبي لاستعادة السلم وتحقيق التطلعات المشروعة لهذا الشعب الشقيق”.

كما جدد التأكيد على أن الجزائر “تقف على مسافة واحدة من الفرقاء الليبيين وتحثهم على الانخراط في مسار التسوية السياسية التي يزكيها الشعب الليبي من خلال استشارة واسعة بدعم من دول الجوار وبرعاية أممية “.

وذكر بما أعلنه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، خلال انعقاد مؤتمر برلين حول ليبيا في مطلع السنة الجارية،  حين أكد استعداد الجزائر لاحتضان لقاءات بين الاشقاء الليبيين لاستئناف العملية السياسية تحت رعاية الامم المتحدة في ظل الاحترام التام للارادة السياسية للشعب الليبي.

وأشار إلى احتضان الجزائر لاجتماع تشاوري لوزراء خارجية دول الجوار العربي-الافريقي “الجوار الكبير” في إطار آلية الحوار يوم 23 فبراير الفارط لبحث الازمة الليبية وإيجاد حل ينهي معاناة الشعب الليبي. وأكدت الجزائر خلال هذا الاجتماع على أهمية الحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها ودعوة الفرقاء الليبيين للعودة إلى المسار السياسي برعاية الامم المتحدة وانتهاج أسلوب الحوار الشامل كوسيلة لايجاد حل للازمة في ليبيا.

وعن مسار التسوية للازمة الليبية ودور الجزائر في ذلك، أكد السيد بوقدوم – أمام الحاضرين من برلمانيين ورؤساء جامعات وأساتذة وإعلاميين-  أن “كل الاطراف الليبية تطالب بتدخل الجزائر لان الجزائر – كما قال- “هي الدولة الوحيدة التي لم ترسل ولا سلاح ولا مرتزقة إلى ليبيا إذ بعثت برسالة أمل لكل الأطراف الليبية”.

وأشار بالمناسبة إلى أن وقف إطلاق النار الذي حصل في شهر فبراير الماضي تم الاتفاق عليه في الجزائر بعد العمل الذي قام به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، حيث كان هناك وعد بوقف إطلاق النار والبدء في العمل السياسي.

وقال أن الطلب لمواصلة الجهود الجزائرية في حلحلة الازمة الليبية “لا يقتصر فقط على طرابلس وبنغازي بل من جميع الاطراف المعنية “، مؤكدا أن  “مصلحة الجزائر هو استقرار ليبيا ووحدتها”.

وحذر وزير الشؤون الخارجية من أن “ما يجري من حرب بالوكالة في ليبيا يضر الليبيين أكثر”، مضيفا أن “التدخل الخارجي أصبح مشكلا كبيرا فلو تركنا الليبيين لوحدهم بدعم سياسي لما طالت هذه الازمة بهذا الشكل” .

وأكد في هذا الموضوع قائلا: “نرفض بشكل تام وقاطع أي تدخل أجنبي بليبيا”، داعيا الى “ضرورة احترام حظر تدفق الاسلحة الى هذا البلد واحترام السيادة والقرار الليبيين”.

.. ملف الذاكرة أولوية وهناك إرادة إيجابية من الرئيس الفرنسي لتسويته”

أكد وزير الشؤون الخارجية، صبري بقدوم، أن ملف الذاكرة أولوية بالنسبة للجزائر وعلى رأس الملفات القائمة مع فرنسا، مشيرا إلى وجود “إرادة إيجابية” لدى الرئيس الفرنسي بشأن تسويته.

وقال السيد بوقدوم أن هناك “إرادة إيجابية لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بخصوص هذا الملف” ملفتا إلى أن “المرحلة القادمة ستكشف مدى حسن النية”.

وأعرب السيد بوقدوم عن أمله في “أن نكون شركاء مع فرنسا وليس فرقاء لأن ملف الذاكرة يسبق أي علاقات اقتصادية أوإنسانية والاعتراف بالضرر الذي لحق بالجزائريين جراء الاستعمار الفرنسي سيسهل الامور في المستقبل”.

وقال الوزير “لن ننسى أبدا ملف الذاكرة، وهذا لا يعني فقط استرجاع الرفات” مشيرا في هذا الإطار، إلى وجود “عمل تقني للتعرف على هوية جماجم الجزائريين الموجودة في فرنسا والتي لا نعلم عددها الحقيقي”.

واضاف السيد بوقدوم أن هناك أيضا مسألة الأرشيف وكذا التفجيرات النووية التي قام بها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وهذه المسألة “مهمة جدا” مشيرا الى أن العلاقات مع فرنسا لها “طابع خاص بسبب التاريخ ووجود جالية جزائرية كبيرة وأشخاص لهم علاقة روحية مع الجزائر، ولهذا فإن التاريخ له وزن كبير في هذه العلاقات إلى حد اليوم”.

..التاريخ المشترك والمصير الواحد لشعوب المنطقة يملي التمسك ببناء اتحاد المغرب العربي

تؤمن الجزائر بأن التاريخ المشترك والمصير الواحد الذي يجمع الشعوب المغاربية يملي التمسك بمشروع بناء اتحاد المغرب العربي ومنحه المكانة التي تليق به، حسب ما صرح به وزير الخارجية.

بوقدوم أوضح أن “الجزائر تؤمن بأن التاريخ المشترك والمصير الواحد الذي يجمع شعوب المنطقة المغاربية يملي التمسك في كل الظروف والأحوال بمشروع بناء اتحاد المغرب العربي بما يسمح بتعزيز المنافع الاقتصادية وجهود التنمية ومنح المنطقة المكانة التي تليق بها على الساحة الاقليمية والدولية”.

وأضاف أن “الدبلوماسية الجزائرية تستمد قوتها وروحها من المرجعيات المرتكزة على ملاحم النضال الجزائري والمثل العليا التي تضمنها بيان أول نوفمبر 1954″، مشيرا إلى أنها “تحث على ترقية مبادئ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والتسوية السلمية للنزاعات وحسن الجوار وتعزيز أواصر التعاون الدولي في  جميع المجالات، إلى جانب مناصرة القضايا العادلة في العالم والعمل على بناء نظام دولي اكثر عدلا وانصافا”.

“وعلى ضوء هذه المبادئ التوجيهية –يضيف السيد الوزير– تتبنى الجزائر مقاربة شاملة وبرغماتية للتعامل مع مستجدات الاوضاع الاقليمية والدولية من خلال التسوية السلمية للأزمات والمعالجة الشاملة للأسباب العميقة لها من خلال دعم جهود التنمية وإقامة علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة”.

وبخصوص التعاون الدولي، أبرز السيد بوقدوم أن مسار التجديد الذي تعرفه الدبلوماسية الجزائرية اليوم في سياق التحولات التي عرفتها البلاد، “سينعكس إيجابا على جهود التنمية والتعاون الثنائي مع مختلف الشركاء عبر استقطاب الاستثمار وتنويع الاقتصاد الوطني ضمن علاقات متوازنة مبنية على مبدأ الكل رابح وفي ظل الاحترام المتبادل”، مذكرا بعلاقات الشراكة التي تجمع الجزائر بالاتحاد الأوروبي وارتباطها بعدة آليات للتعاون والحوار بالفضاء المتوسطي، إضافة إلى تطلعها الى مواصلة العمل من أجل رفع التحديات الاقتصادية، الانسانية والاجتماعية وكذا البيئية “التي أصبحت ملفا هاما على طاولة الشركاء”.

كما أكد وزير الشؤون الخارجية “استمرار الجزائر التي لطالما ناضلت من أجل نظام دولي متعدد الأطراف أكثر عدالة وانصافا، في المساهمة من أجل ترقية واصلاح منظومة الحكامة الدولية، وهوما يبرر سعيها في ظل مختلف الأطر الاقليمية للمساهمة بفعالية في مسار إصلاح الامم المتحدة لتمكينها من القيام بمسؤوليتها في مجال حفظ الأمن والسلم وتعزيز التعاون الدولي عبر تمثيل عادل ومنصف يعيد الاعتبار إلى دول الجنوب”.

وأضاف السيد بوقدوم أن هذا الموقف “يندرج في إطار الموقف الافريقي الموحد المعبر لإصلاح هذه الآلية”، لافتا إلى أن نجاح هذا المسعى “يستوجب تعزيز التعاون جنوب-جنوب وتسريع مسار الاندماج القاري ضمن مسار تنفيذ أجندة الاتحاد الافريقي 2063 ومواصلة تنفيذ مختلف المشاريع الاندماجية ذات البعد القاري”.

وفي سياق متصل، أكد الوزير على “الدور الهام للدبلوماسية في تطوير الاقتصاد الوطني، من خلال جلب الاستثمارات الخارجية”، وأشار إلى “وجود عمل مع دول الجوار خاصة الجنوب كمالي والنيجر لتصدير المنتجات الجزائرية”، داعيا المؤسسات العمومية والخاصة الوطنية إلى “لعب دورها في هذا المجال”.

وبخصوص قمة الجامعة العربية التي كان من المفترض أن تحتضنها الجزائر شهر مارس الماضي، أكد السيد بوقدوم أن جائحة كوفيد-19 حالت دون عقد القمة التي لم يحدد تاريخ آخر لها بعد، مذكرا أن كافة الاجتماعات حاليا تتم عبر نظام التواصل عن بعد.

وأشار إلى أن “ملف إصلاح الجامعة يعد ضمن أهم المحاور المطروحة للنقاش خلال القمة”، منتقدا تراجع دور الجامعة العربية أمام التحديات التي يعرفها العالم العربي.

س.ب

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى