عين الدفلى: زراعة الأشجار المثمرة.. اللفحة النارية تفتك بحقول الاجاص
تشكل اللفحة النارية وهي بكتيريا تصيب الاشجار المثمرة، هذه السنة تهديدا حقيقيا بالنسبة لزراعة الاجاص بعين الدفلى التي تحتل فيها هذه الفاكهة المرتبة الثانية بعد زراعة الزيتون، وأضحت التداعيات السلبية لهذه البكتيريا الفتاكة بارزة على المنتوج، كما أكده عدة مهنيين في القطاع.
واشار فلاحون الى احتلال ولاية عين الدفلى خلال العام الفارط المرتبة الاولى وطنيا في انتاج هذه الثمرة ذات الفلقتين بمتوسط انتاج يقدر بحوالي 750.000 قنطار، في حين اضحى موسم هذه السنة مهددا كليا باللفحة النارية، سيما ان موعد انطلاق جني الثمار سيكون منتصف جويلية المقبل.
وحسب موسى سحنون، وهومالك لحوالي 7000 شجرة اجاص بمنطقة عريب (14 كلم شمال عين الدفلى)، فان اللفحة النارية اتت على نسبة 80 بالمائة من حقول الاجاص لديه، ملاحظا “ان بكتيريا هذه السنة اكثر ضررا من المواسم الماضية”.
وأضاف متأسفا “كانت اللفحة النارية سابقا تهاجم الاغصان عموما، لكنها هذه السنة اضرت حتى بالثمار”، مؤكدا أن التحاليل المنجزة على مستوى المعهد الوطني لحماية النباتات “اثبتت ان اللفحة النارية اصابت نسبة 80 بالمائة من حقوله”.
وقال ان “الكثير من منتجي الاشجار المثمرة بمناطق جندل وعين سلطان وخميس مليانة وعين الدفلى وجليدة وبير ولد خليفة، قد اكدوله ان حقولهم اصابتها نفس البكتيريا الفتاكة، بالرغم من استعمالهم للمبيدات الاعتيادية”.
وبخصوص نوعية الاجاص المنتجة بعين الدفلى، افاد ذات المنتج ان شهرة الولاية في المجال تعود الى خصوبة ارضها الغنية بالكالسيوم وملائمة مناخها لهذه الزراعة.
وابرز في السياق خاصية هذه الثمرة المتمثلة في طول مدة الاحتفاظ بها ما جعل تجار ولايتي البليدة والجزائر العاصمة من يملكون غرف تبريد، يقدمون على شراء معظم منتوج السنة ماضية من الاجاص للاحتفاظ به لأكبر مدة ممكنة.
وعن اسباب تفشي هذه البكتيريا بالولاية هذه السنة، اكدت مديرية المصالح الفلاحية بالولاية ان السبب الاول يكمن في الظروف المناخية الخاصة التي ميزت الشتاء الفارط، حيث كان جافا ومعتدلا طوال أشهر ديسمبر 2019 ويناير وفبراير وثلاثة أسابيع الأولى من مارس السنة الجارية.
وحسب المفتش المختص في صحة النباتات بالمديرية، بلعيد سيد احمد، فان “الظروف المناخية الاستثنائية التي ميزت اشهر ديسمبر الى غاية مارس من السنة الجارية، ادت الى فقدان الاشجار لتوازنها الفيزيولوجي، نتج عنه ازهارها قبل الاوان، ما ساعد على انتشار اللفحة النارية”، كما اضاف.
وأشار في هذا الصدد الى ظهور هذه البكتيريا بالولاية عام 2008 بحقول الاجاص بجليدة، جنوب-شرق عين الدفلى، “وبقيت تترصد الظروف المناخية الملائمة للانتشار والفتك بالثمار”.
وحسب ذات المهندس الزراعي، فان توجه معظم المنتجين لزراعة نوع “السانتا ماريا” لأسباب تجارية محضة، كون ان هذا النوع من الاجاص معروف بمردوديته العالية وطول مدة حفظه، لم يكن خيارا صائبا لان البكتيريا تأقلمت مع هذه النوعية وهو ما زاد من ضررها مع توفر الظروف المناخية الملائمة لها.
وتاسف عن تخلي المنتجين عن انواع اخرى اكثر “مقاومة ” مثل “الويليامز” والباسكارا” و”الغيلو”، في ظل اختيار جلهم ل”سانتا ماريا “من اجل مردوديتها. من جهته، اكد رئيس المفتشية البيطرية ومفتشية صحة النباتات بذات المديرية حواس بن يوسف، ان اللفحة النارية قد اضرت هذه السنة ايضا بالفصيلة الوردية (الثمار ذات الفلقتين وذات النواة) على غرار الزعرور والتفاح، مبرزا ان خطر هذا المرض يكمن اساسا في عدم ظهور اعراض له.
وأوضح انه ” لا يمكن الكشف عن اللفحة النارية ان وجدت في الحقول الا بفضل التحاليل المخبرية”، كما اعرب عن ارتياحه ل”عدم اصابة اشجار التفاح بهذه البكتريا الفتاكة”.
بالموازاة، تأسف ذات المسؤول لإصابة “بعض حقول الاجاص باللفحة النارية بنسبة 100 بالمائة، وما زاد الطين بله ان نسبة 90 بالمائة من حقول الاجاص بالولاية هي من نوع السانتا ماريا”، كما اضاف.
كما اعتبر أن وباء الكوفيد19 من بين العوامل التي منعت المزارعين عن الخروج الى حقولهم لتفقدها ومعالجتها للحد من اضرار هذه البكتيريا.
اما السيد عمار سعدي وهومهندس زراعي متقاعد، فقد لاحظ من جهته ان ” بعض الطرق المتبعة في تقليم الاشجار تسرع من انتشار اللفحة النارية بالولاية، داعيا الى ضرورة اقتلاع الشجرات المصابة من اجل” حماية المساحات الجديدة المزروعة في اطار توسيع وتجديد حقول الاجاص بعين الدفلى”.
كما نوه نفس المتحدث- الذي سبق له ان شغل منصب مكلف بالإحصائيات بمديرية المصالح الفلاحية الولائية- ب “اهمية تنظيم لقاءات دورية تضم مسؤولي القطاع من مديرية المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية والمجلس المهني من اجل التفكير سويا” – كما قال – في “استراتجية من شانها الحفاظ على هذه الزراعة وضمان تطويرها بشكل مستدام، من حيث النوعية والمردود والتنوع”.
ودعا السيد سعدي إلى ضرورة اسهام الباحثين بالجامعة وبالمعهد التقني لزراعة الأشجار المثمرة وخبراء من الوطن والخارج، في هذا المسار الذي من شانه، ” الدفع بشعبة الاشجار المثمرة بالولاية إلى الأمام”.