إسلاميات

غذاء الروح بجانب غذاء الجسد

يعد شهر رمضان من أفضل الأوقات التي يعيشها الإنسان، وجمالها في النفحات الربانية التي خص الله سبحانه وتعالى الشهر بها، والأجواء الروحانية التي فيه، وشهر رمضان فرصة كبيرة لتهذيب النفس والتعود على العبادات والسلوكيات الحسنة، ولكن للأسف انتشر في الآونة الأخيرة التركيز الكبير على أصناف الأطعمة والزينة الرمضانية المبالغ فيهما، قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31].

فليس هناك مانع بالاهتمام بهما ولكن دون إسراف وتبذير، ومن الجميل إدخال السرور والسعادة في قلب المسلم بالزينة والأطعمة الرمضانية، ولكن يجب ألّا يكون على حساب روحانية رمضان والعبادة فيه، فهو ليس شهر الطعام بل شهر الصوم عن كل ما نهى الله عنه، وشهر رمضان فرصة لضبط التغذية والحفاظ على صحة الجسم، وفرصة لشحن الطاقة الروحانية لدينا وسمو النفس عن الشهوات وتغذيتها بالتقوى وتعويدها على الطاعة وتخليصها من العادات السيئة، فيجب ألّا ينقضي الشهر دون أي تغيير حقيقي للروح.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»

لذلك نقترح عليكم تجربة رمضان مختلف هذه السنة، وأن يكون هناك استعداد للتوجه الروحاني، والتزوّد بالتقوى، وتنشئة أبناءكم منذ الصغر على ذلك.

قد يكون من الصعب تغيير عادات اعتدنا عليها وعشناها سنوات طويلة، لكن يقول الله تعالى: “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

كيف تستعد لرمضان روحانيًا مع أبناءك؟

قد لا يتمكن الأطفال صغار السن من الصيام جسديًا خلال شهر رمضان، ولكن لا يزال بإمكانهم فعل الكثير ليشعروا برمضان وأجوائه الروحانية، ويمكن تعويدهم على الصيام من خلال الصيام لمدة قصيرة ويزداد الوقت بالتدريج.

ومن المهم عمل جلسة حوار ونقاش مع الأطفال حول شهر رمضان والصيام والهدف منه، وما أهم الأعمال فيه، فمعرفة الأطفال للهدف من رمضان وأهم أعماله، سيكون مهم للاستعداد واستقبال شهر رمضان وعيش أجوائه روحانيًا، ثم البدء بالتخطيط والتنفيذ والاستعداد معهم لهذا الشهر الفضيل، من خلال بعض الأفكار:

– شهر رمضان شهر القرآن، يجهز الآباء والأمهات بمشاركة أطفالهما جدول لقراءة القرآن، وتجهيز جدول للختم مناسب للصغار والكبار، ويمكن للأسرة أن تتفق على وقت محدد كل يوم يكون فيه تدبر آية يشارك فيه جميع أفراد الأسرة.

– إعداد مصلى في المنزل، فتجهيز مصلى في المنزل سيكون تحفيز رائع للأطفال ليقوموا بالصلاة والعبادات الأخرى، خاصة في ظل الظروف الراهنة والجائحة التي نعيشها وعدم القدرة للذهاب إلى المسجد بسهولة.

– إعداد حصالة للصدقة، فمن المظاهر الرائعة في الشهر الفضيل تعويد الأبناء على العطاء وذلك من خلال تجميع مالًا من مصروفهم والتبرع بها للمحتاجين، وسيكون من الممتع لهم أن يتم عمل الحصالة يدويًا معهم.

– إعداد قائمة لبرامج دينية وهادفة مناسب للكبار والصغار.

– إعداد أنشطة رمضانية مناسبة لعمر الأبناء، يجمع بين المحافظة على الصلاة، قراءة القرآن، حفظ سور قصيرة، حفظ الأذكار، وغيرها الكثير من العبادات والعادات الحميدة التي من المهم أن تُغرس في الأبناء منذ الصغر لينشئوا عليها حتى الكبر، ولا بأس بعمل مسابقات بينهم تضفي لهم المتعة ويكون هناك مكافئة لهم نهاية الشهر.

– توزيع المهام بين أفراد العائلة، وتجهيز قائمة الطعام قبل دخول الشهر، مع إشراك الأبناء في اختيار بعض الأصناف التي يحبون أكلها، فمما يساعد الأم على استغلال رمضان جيّدًا هو إعداد قائمة الطعام مسبقًا، والبدء بتجهيز الطعام مبكرًا حتى يتسنى لها التفرغ وقت كافٍ للعبادة قبل الإفطار، والدعاء والذكر مع أفراد الأسرة قبل أذان المغرب، فرمضان فرصة لغرس الاهتمام في أبنائنا بالطلب من الله والالحاح عليه بما يجوب في خاطرهم، وتعليمهم أن الصائم دعوته لا تُرد، وهنا أيضًا فرصة لتعليمهم الدعاء للآخرين، للوالدين، الأهل، الأصدقاء، وعدم نسيان الأموات المسلمين فهم بحاجة لدعائنا.

– الاتفاق مع الأبناء على جدول رمضاني مناسب، بحيث يتم قضاء شهر رمضان لتطوير أنفسنا روحيًا، وأخلاقيًا، وعدم قضاءه في النوم والكسل واللعب المستمر.

– تجهيز أنشطة تعود بالنفع على المسلمين كمساعدة الفقراء وتفطير صائم، وعلى الوالدين إشراك أطفالهم معهم في إعدادها وتوزيعها.

نصائح ذهبية للوالدين

– ترابط العائلة، حثنا الإسلام على ترابط العائلة، ورمضان فرصة لاكتساب بعض العادات الجيدة التي تعود بالنفع عليهم، فكثير من العائلات بها أفراد يفرطون بالجلوس مع عائلتهم كل يوم، ورمضان الوقت المثالي لاكتساب عادة اجتماع العائلة يوميًا

لذلك على الوالدين وضع بعض القوانين التي تساعد على ذلك، كالاهتمام باجتماع جميع أفراد العائلة يوميًا على مائدة الإفطار والسحور، واجتماعهم فترة المغرب لقضاء وقت مفيد وممتع مع بعضهم أو أي وقت مناسب لجميع أفراد العائلة، ولا يتم ذلك بالأمر، بل ببسط الوجه للأبناء وجعل الجلسة مريحة وخالية من الانتقاد والازعاج.

– صلة الرحم وتهنئة الأقارب والأصدقاء مع الأبناء.

– رمضان فرصة لتهذيب النفس وإكساب الأطفال بعض الصفات والأفعال الحميدة، لذلك على الوالدين الحرص على التحلي بها والتركيز عليها خلال شهر رمضان، كالاحترام، كبح الغضب، التقدير والامتنان، دعاء الله باستمرار، بر الوالدين، الإكثار من الابتسامة، العفو عن الناس، حب الخير للآخرين…. وغيرها.

كيف تصنع رمضان ممتع لأطفالك؟

كما ذكرنا مسبقًا بعض الأفكار التي يمكنك الاستعداد بها لرمضان، نذكر هنا بعض الأشياء التي عليك صنعها مع أطفالك لتضيف لهم المتعة قبل وخلال رمضان، والتي تجعلهم يتحمسون لرمضان كل سنة:

إطار مصلى بكرتون كبير- حصالة للصدقة – صندوق أو ركن صغير ليوضع فيه المصاحف – تقويم للعد التنازلي لرمضان – أطوار القمر خلال رمضان – (فاصل كتاب) للقرآن – لوحة فيها مخطط للأعمال الصالحة – لوحة فيها السلوكيات الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها المسلم – تصميم بطاقات تهنئة لرمضان والعيد – ركن كتب ولوحة خاصة به مكتوب عليها “مكتبة رمضان”.

أخيرًا.. 

تذكروا أنكم قدوة لأطفالكم، فإذا قضيتم رمضان كما ينبغي أن يكون، فستكونون المثال المطلوب لهم، وتذكروا أن إشراك أطفالكم في رمضان يجب أن يكون ممتعًا وجذابًا لهم، لربطهم بهذا الشهر الفضيل بشكل جيّد.

منقول

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى