فيلم “ليمبو” يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان الجزائر الدولي للسينما الـ11
للمخرج البريطاني بن شاروك
توج فيلم “ليمبو” للمخرج البريطاني بن شاروك، بالجائزة الكبرى في الدورة الـ 11 من مهرجان السينما الدولي، الذي اختتمت فعالياته أول أمس، بقاعة ابن زيدون بديوان رياض الفتح، كما تحصل على جائزة المجلس الدولي للسينما التلفزيون “غاندي” التابعة لليونسكو.
فيما عادت جائزة لجنة التحكيم لذات الفئة للفيلم الفلسطيني “200 متر” لأمين نايفة من فلسطين وتنويه خاص بفيلم “المجهولون” للمخرج مونتيغاندا وا نكوندا –روندا، أما في فئة مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فقد تحصل فيلم “وداعا ايها الأوغاد” للمخرج رومان دوموند- كندا على الجائزة الكبرى، فيما تحصل فيلم “الصغيرة” للمخرجة الجزائرية أميرة جهان خلف الله الجائزة الخاصة للجنة التحكيم، وتنويه خاص بفيلم “لا تطمعوا الحمام” للمخرج أنتونان نيكلاس من المملكة المتحدة، وفيلم “شيشاق ماريكان” للمخرجة الجزائرية أمال بليدي، والذي سلطت فيه الضوء إلى ما طبع العشرية السوداء من خوف وآلام بعيون الطفلتين سامية ونوارة، فأعادت بذلك في 26 دقيقة، إحياء أحاسيس وأوجاع عاشها الكثير من الجزائريين وميزت يومياتهم العصيبة في تسعينيات القرن الماضي، ويعد “تشبشاق ماريكان” انعكاس لسياق غير مفهوم في نظر أطفال وجدوا أنفسهم شهودا على “جنون الكبار”، فلم يعوا خطورته ولكن رأوا الخوف في عيون أمهاتهم ولمسوا القهر في أصواتهن، ومثلما انتقت “تشبشاق ماريكان” عنوانا لفيلمها، اختارت المخرجة أمال بليدي الأغنية التي يحفظها الجزائريون عن ظهر قلب وتناقلوها جيلا بعد جيل “يا حجنجن يا مجنجن”، لتعود في كلّ مرة تنتقل فيها سامية (بطلة الفيلم) بين الطفولة والكبر، فكلما نظرت إلى ابنتها تسترجع ذكريات طفولتها مع أقرانها مع إيحاءات بالمدّ الأصولي.وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة تحصل فيلم “عدم الانحياز.. مشاهد من بكرات لابودوفيتش” للمخرجة الصربية ميلا توراجليك الجائزة الكبرى، فيما نال جائزة للجنة التحكيم فيلم “زولوواڨا” للمخرجة الايطالية فلاوفيا مونتيني، وفيما يتعلق بجائزة الجمهور فقد عادت في فئة الأفلام الروائية القصيرة للفيلم الجزائري “سيعود” للمخرج يوسف محساس، والذي عاد فيه إلى الأحداث الإرهابية التي تكبدتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، من خلال قصة الفتى “زكي” الذي غاب عنه والده بعد حادث انفجار وقع في أحد المدن، وقد تركه عند الحلاق “سالم” (سليمان بن واري) من أجل دقائق معدودة، لكنها طالت لشهور. في تلك الفترة بقي “زكي” في بيت سالم، ترعاه زوجته “فيروز” (سهى ولهى)، طالت مدة الانتظار وكبر تعلق الزوجين بالولد المميز، خاصة أنهما لم ينجبا بعد 8 سنوات من الارتباط، أما في فئة الأفلام الروائية الطويلة فقد كانت من نصيب فيلم “ليبمو” للمخرج بن شاروك، وفي فئة الأفلام الوثائقية فقد عادت لفيلم “كات وولك” للمخرج جوهان سكوف – السويد.
وبالعودة للفيلم المتوج “ليمبو” فقد اجتمعت فيه المآسي الإنسانية كلها،الحرب و اللجوء والعنصرية والصراع ورفض الآخر وخلطة قدمتها كاميرا المخرج بن شاروك بكل اتقان في 103 دقيقة، حيث نجح في اختيار الشخصيات المؤدية للأدوار خاصة البطل “عمر” الذي أدى دوره الممثل أمير المصري، وتبدو ملامح “عمر” تائهة فيها الكثير من الحزن، وجه حفر الألم تقاسيمه، مأساته متعددة الأبعاد تضرب في عمق الوجود الإنساني، لا مكان معها للفرح، إلا أن بن شاروك المخرج أراد أن يخفف من حجم الوجع وقسوة الآخر بلمسة كوميدية ترسم عبثية المشهد ككل في مشاهد مضحكة مبكية، يتنقل المخرج بين مشاهد متعددة متباينة أحيانا غير مفهومة، لكن تربطها القضية الأساسية اللاجئين، وأمام شاطئ البحر يعلن البطل عمر عن وجوده باسكتلندا ويكتشف المشاهد أنه لاجئ سوري هرب من حرب لازمته في كل خطواته ووجدانه وأحلامه، حرب سرقت منه شقيقه الأقرب إليه، ويفضح المخرج بن شاروك المجتمعات الغربية التي انعدمت فيها الإنسانية، ففي حوار بين لاجئين “واسف” القادم من نيجيريا و”عبدو” القادم من غانا يدور حديث عن الدول التي تعاني الحروب من افغانستان والعراق وسوريا، البشر هناك “سلع منتهية الصلاحية” هكذا يصف المخرج نظرة الغربي للآخر مجرد سلعة، بينما يقدم اللاجئين كبشر يحلمون ويلعبون ويمزحون كما يضحكون مع سلسلة “أصدقاء” الشهيرة ويشجعون فريق تشيلسي.
نسرين أحمد زواوي