سياسةفي الواجهةوطن

في الجمعة الـ11 .. التفاف شعبي والوحدة الوطنية خط أحمر

 

الجزائريون يبحثون عن برنامج جديد للمظاهرات في رمضان

جمعة “لا للاستسلام”.. استمرار الحراك حتى تحقيق المطالب

تواصلت وللجمعة الـ11على التوالي، بالجزائر العاصمة ومختلف ولايات الوطن، المسيرات الشعبية السلمية المطالبة برحيل كل رموز النظام ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد.

بعد شهر على استقالة الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، في الثاني من أفريل، تحت ضغط المحتجين في الشارع بعد 20 عاما من حكم الجزائر، لم تضعف الحركة الاحتجاجية، إذ يرى المحتجون أن مطالبهم لم تتحقق بعد. وبالجزائر العاصمة، بدأ المتظاهرون بالتوجه في ساعات الصباح الباكرة، من يوم الجمعة 3 ماي نحو ساحتي موريس أودان والبريد المركزي، وهما أشهر مَواطنُ الحراك التي يتجمع بها الجزائريون منذ بداية انتفاضة 22 فبراير، إضافة إلى ساحة أول ماي، التي تمتلئ عن آخرها مع انتهاء صلاة الجمعة، وخروج جموع المصلين من المساجد.

ولم يثن تساقط الأمطار على العاصمة المتظاهرين عن التوافد على ساحة البريد المركزي في الجمعة التي أطلقوا عليها “جمعة لا للاستسلام”، للتأكيد على استمرار حراكهم حتى تحقيق مطالبهم كما برز في لافتاتهم. وردد المتظاهرون شعارات عدة، أبرزها “الجزائر حرة ديمقراطة” و”حرروا الجزائر” “ولاش ولاش السماح”، كما جددوا مطالبهم برحيل “الباءات الثلاث” في إشارة إلى الرئيس المؤقت ورئيسيْ الحكومة والبرلمان.

كما ارتدى شباب أقمصة سوداء كُتب عليها مجموعة من المطالب، تتعلق برفضهم الالتفاف على ما أسموها “ثورة الابتسامة”، و”نريد جزائر نوفمبرية باديسية” و”اقلع جذور الخائنين فمنهم كل العطب” و”تبدأ الحرية حيث ينتهي الجهل” وغيرها. وأعربوا عن رفضهم ممارسات “تقييد الحراك” من قبل جهات مجهولة، كما ظهر في تلك الأقمصة، من خلال كتابات حذرت من محاولات تقسيم الجزائريين و”بث الشك واللعب على الأوتار الحساسة للمجتمع الجزائري” مثل “الأمازيغية والجهوية والجيش”.

وأبرز وأكبر لافتة حملها المتظاهرون أمام مقر البريد المركزي والتي نددت بمحاولة تقسيم الجزائريين كُتب عليها “حراكنا من أجل العدالة والحرية، أما الهوية فقد فصل فيها بيان نوفمبر، شعار واحد، راية واحدة، مطلب واحد”، في إشارة إلى بيان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي الذي يعتبره كثير من شباب المظاهرات بالجزائر “مرجعية حراكهم السلمي”.

وحمل متظاهرون آخرون صوراً لشهداء الثورة التحريرية، ضد الاستعمار الفرنسي من بينهم الشهيد العربي بن مهيدي وكُتب أسفل الصورة “الشهيد عمرو ما يموت، نحن الموتى”. وتتزامن الجمعة الـ11 من الحراك الشعبي السلمي الذي بدأ في 22 فيفري الماضي مع اقتراب شهر رمضان المبارك، وسط توقعات بانخفاض مشاركة الجزائريين في المظاهرات، في وقت تراجع زخم الحراك الشعبي في الجمعتين الأخيرتين خاصة بالعاصمة. وعلى غرار الجمعات السابقة، أغلقت قوات الشرطة والمداخل جميع المداخل المؤدية إلى الجزائر العاصمة، وتحولت الطرق إلى طوابير طويلة، فيما فرض الأمن إجراءات مشددة على حافلات نقل المسافرين، وقامت بتفتيش ركابها، كما تم غلق النفق الجامعي بالكامل، تفاديا لوقوع أحداث مماثلة لتلك التي حدث في بعض الجمع الماضية. ولم تشهد العاصمة أي مشادات بين رجال الأمن والمتظاهرين.

وردد المعتصمون شعارات رافضة لاستمرار رموز النظام السابق، الذين يشيرون إلى أن حل الأزمة التي تمر بها الجزائر يكمن مبدئيا في “حل حكومة نور الدين بدوي المرفوضة شعبيا والدخول في مرحلة انتقالية من ثمانية إلى 12 شهرا على الأقل” وفق ما قاله أحمد بن بيتور في تصريح لوسائل إعلام حاضرة أمام البريد المركزي.

وركز المتظاهرين على مبدأ الوحدة وعدم الانسياق وراء مروجي الطائفية بين صفوف الشعب، وهو ما تبينه اللافتات التي رفعها الشباب، خصوصا أولئك الذين جاؤوا من منطقة القبائل. وتظهر الشعارات المكتوبة على حرص الحراك على البقاء في صف واحد تحت الراية الجزائرية الجامعة والتمسك بالهوية الأمازيغية التي تجمع أغلب أطياف المجتمع.

ويأتي ذلك “ردا على محاولات البعض تقسيم صفوف الحراك” وردة فعل ضد رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي وبعض الإعلاميين المعروفين بانتقادهم المتكرر للأمازيغ من الجزائريين. وبالتالي فإن رفع رايات الهوية الأمازيغية أمس، الجمعة وترديد عبارات الجزائريون خاوة خاوة أمام البريد المركزي رد صريح على صالحي.

وطالب المحتجّون بمحاكمات علنية لمن “عرفوا بالفساد”، ومن تم استدعاؤهم من قبل القضاء مؤخرا ويتعلّق الأمر برئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى ومجموعة من رجال الأعمال المقرّبين من نظام الرئيس المستقبل عبد العزيز بوتفليقة إلى جانب وزير المالية الحالي وغيرهم من الأسماء التي تم استدعاؤها لشبهة تورطها في قضايا تبديد المال العام. ودعا المتظاهرون إلى “تغيير بقايا نظام الرئيس المستقيل، رافضين ما وصفوه “بالتّعنّت في عدم الاستجابة للمطالب التي رفعها الشعب خلال الأسابيع الماضية” والرّامية إلى تنحية رئيس الحكومة الحالي نورالدين بدوي وعبد القادر بن صالح.

ويستعد الجزائريون لما يسمونه بـ”إعادة تنظيم الصّفوف وترتيب الأولويات في الحراك خلال شهر رمضان”، حيث يبحث المحتجون عن برنامج جديد للمظاهرات التي تحاول منظمات المجتمع المدني والنّشطاء إيجاد مواقيت جديدة لها. وردد المتظاهرون “مراناش حابسين وفي رمضان خارجين” (لن نتوقف وسنخرج في شهر رمضان) ، وهو دليل قاطع على تصميمهم، مواصلة الاحتجاجات حتى رحيل جميع رموز النظام السابق بالكامل.

رسالة بوشاشي للجزائريين: “يجب أن نصبر”

وجه المحامي والناشط الحقوقي والسياسي مصطفى بوشاشي، من قلب مسيرة أمس، الجمعة، رسالة الى الشعب الجزائري يحثه فيها على الصبر، ومواصلة ثورته السلمية إلى أن تتحقق مطالبه.

وقال بوشاشي: “نحن جزء من هذا الشعب، والذين قاموا بهذا الحراك السلمي هم شباب، ونحن نسير معهم وقوة الشعب في هذه الوحدة”، وأضاف: “يجب أن يكون لدينا الصبر، فالكثير يسألونني إلى متى؟ وما نقوله هو يجب ان نبقى صابرين، فالنظام الذي خرب هذه البلاد وسرق أموال الشعب وأذلنا وسير البلاد بالهاتف لأزيد من 20 سنة ل، فيجب ان نصبر معه ولا يجب أن نقول 10 أسابيع أو شهرين تعبنا”.

ويؤكد بوشاشي أن “الثورة بطريقتنا السلمية دون تكسير أو شتم هو شيء عظيم، لقد أعطينا درسا للعالم ويجب ان نحافظ عليه، هذه الثورة السلمية مسؤوليتنا جميعا، يجب أن نحفاظ عليها ولا يجب ان نتوقف في وسط الطريق”. وبشأن المطالب، يؤكد بوشاشي أنها “ليست تعجيزية”، وهي بسيطة، حيث يقول: “نطالب فقط برحيل رموز النظام الفاسد والسماح لنا بتسيير مرحلة انتقالية حقيقية”.

رضا. ب

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى