مقالات

لا تصفقوا للباطل!

أمل عبدالملك

يُعرف الفساد في اللغة بأنه التلف أو العطب وعدم احترام القوانين والأعراف وسوء الأخلاق، كما أنه الاضطراب والخلل، ويقال في اللغة فلان عاث في الأرض فساداً أي أفسد وأحدث فيها أضراراً أو خراباً، وحذر الدين الإسلامي من الفساد والمفسدين وورد ذكر المفسدين في آيات كثيرة في القرآن الكريم ومنها ما ورد في سورة البقرة: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ”.

وللفساد وجوه كثيرة، فمنها ما يكون فساداً أخلاقياً، اجتماعياً، سياسياً، إدارياً ومالياً، ولكل منها صفاتها وتداعياتها وسلبياتها على الشخص الفاسد وعلى المجتمع، وتحارب الدول بشكل عام، وفي قطر بشكل خاص، الفساد ويتم ملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم ومعاقبتهم لتعديهم على المجتمع، وفي قطر تم إنشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية بقرار أميري عام 2011 وذلك حرصاً منها على محاربة الفساد ومراقبة مؤسسات الدولة في أعمالها ومشاريعها ووضع الحدود للتجاوزات الإدارية والمالية ومحاسبة المخطئين، وكما أن الفساد أنواع، فإن للفساد زوايا يتفنن في استخدامها الفاسدون، فبعضهم يفسد ولكن بطرق لا توحي أنها فساد، بل قد يشعر بها الآخرون بأنها إصلاح، فيبدأ هؤلاء المفسدون بنشر الإشاعات ضد الآخرين واختلاق القصص واتهام الناس زوراً وبطلاناً وإقناع الآخرين، سواء أشخاصاً عاديين أو من المسؤولين وصناع القرار بأفكار مغلوطة محاولة منهم تشويه سمعة الآخرين أو إقصائهم أو نبذهم من الأوساط الاجتماعية.

وحذر القرآن الكريم من اتباع رأي المفسدين بقوله تعالى في سورة الشعراء: “وَلاَ تطيعوا أَمْرَ المسرفين الذين يُفْسِدُونَ فِي الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ”، حيث يتم نشر الأمراض الاجتماعية في البيوت والأعمال ويتم محاربة المصلحين الحقيقيين ووضع العقبات في مسيرتهم وزرع الفتن وإثارة الآخرين عليهم، ناهيك عن تلفيق التهم وإحاكة المؤامرات وخراب البيوت وزرع الشك فيها أو في العمل بين الموظفين، والمشكلة الوحيدة التي تجعل الفاسدين يتمادون في فسادهم هي الإصغاء لهم وعوضاً عن إقصائهم يتم إعطاؤهم امتيازات تجعلهم في طغيانهم يعبثون، فهم لا يخدمون المصلحة العامة، بل يحققون مصالحهم الشخصية وفقاً لأجندات خاصة ويدسون السم في العسل، فينخرون في المجتمع ويجرون غيرهم للدخول معهم في مؤمراتهم وإغرائهم بأمور مادية زائلة وكم من نفوس ضعيفة تفتقر إلى المبادئ والقيم ولا تمانع في تقديم التنازلات من أجل مال أو منصب أو تزكية زائفة!!.

يمكن مراقبة الفساد الإداري والمالي وتأخير تسليم المشاريع بسبب الفساد والتجاوزات الإدارية ولكن كيف يمكن مراقبة الفساد الأخلاقي والنفاق والاستغلال والواسطة وغسيل العقول ونشر الإشاعات وتشويه سمعة الآخرين وانتهاك حقوقهم وحرمانهم مزاياهم، هذه الأمور وغيرها يصعب مراقبتها وملاحقة أصحابها إلا أنها تحتاج إلى فطنة وحكمة في تقدير الأمور وعدم التسرع في اتخاد القرارات والتحري والدقة والأهم عدم إعطاء الفرصة للفاسدين بالتحدث عن الآخرين واتهامهم إلا في وجودهم والعدل في إطلاق الأحكام ومراعاة أمر الله في كل ما ورد!!

* أعلم أننا لا نعيش في المدينة الفاضلة إلا أن البعض لا يلتزم بأبسط قواعد الدين الإسلامي وليس له مبادئ ولا قيم، فيجب أن يتعقل أحدهم ويقف في وجه الباطل ويوقف الفساد وإلا سنعيش في مستنقع الفساد والظلم!.

* اللهم ارزق ولاة أمرنا وصنَّاع القرار البطانة الصالحة التي تعينهم على فعل الخير العام، وامنحنا أصدقاء يقفون معنا في الضراء قبل السراء واكفنا شر الفاسدين والحاقدين!!.

الشرق القطرية

 

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى