مقالات
“لهذا السبب أقفز: المتوحد الذي حوّل الصمت إلى صوت”
لهذا السبب اقفز” كتاب لا يشبه أي كتاب تقرأه. كما يقوم ديفيد ميتشل في تقديمه، كتاب يدعو مؤلفه ناووكي الى تصور حياتكم وقد حُرمتم فيها ملكة النطق، فلا دردشة مع صديق لأنها فوق حدود القدرة.
ويحاول ناووكي في كتابه أن يقدم ويشرح طريقته، ما يدور في خلد المتوّحدين، ويأمل أن تؤدي قراءة الكتاب إلى بناء صداقات أمتن مع المتوحّدين.
يعتمد ناووكي أسلوب السؤال والجواب في الرحلة في العالم الغامض للمتوّحد، بلغة وأسلوب جذاب مشوق وبليغ، أجاب في السؤال عن كيفية كتابته للجمل من دون الحاجة لاستخدام الصوت، بل استخدام شبكة الحروف الأبجدية كطريقة للتواصل غير الصوتي واستخدام الحاسوب، وبذلك اكتسب طريقة جديدة للتفاعل مع الآخرين. وعن التكلم بصوت عالٍ، فيقول إنه رد فعل لاإرادي، وأنه هو نفسه ينزعج من ذلك، وأنه يريد أن يكون لطيفاً وهادئاً وساكناً. وحول الأسئلة المتكررة، يقول إن السبب هو النسيان، وإن التكرار بالنسبة للمتوّحد أشبه لعبة التقاط الكرة، التي فيها متعة كبيرة له، إنه لعب بالصوت والإيقاع. أما ترديد الأسئلة على السائل كالببغاء فهو للتنقيب عن “صورة الذاكرة” للإجابة، فإن حصّلتها كانت الإجابة. كما أن الحديث عملية صعبة، لأنه “قد يذهب بك الأمر قائلاً عكس ما أردتَ قوله” حسب ما كتب ناووكي.
وتتوالى الأسئلة والأجوبة التي قد تتبادر الى ذهن القارئ حول المتوّحد في حياته اليومية وعاداته وتصرفاته وقدراته فيستفيض بالشرح والإجابة، فيتحدث عن طريقة النطق والتفكير والحركة لدى المتوّحد، كما يغوص في أعماق مريض المتوّحد فيتحدث عن مشاعره تجاه الآخرين وأهله، ويلفت الى ناحية مهمة وهو حب الطبيعة والتمشي في الطبيعة لدى المتوحد.
كتبت ناووكي قصة تضيء على حياته، بأسلوب بليغ وشيق تجعل القارئ في شغف للانتقال الى السؤال التالي، وختم بقصة نرى الحروف والجمل صوراً تمر أمام أنظارنا كفيلم مميز الإخراج.
لقد كتب ناووكي عبر السؤال والجواب معاناة مريض التوحد في البيت والمجتمع، وختم بعبارة رائعة “عندما يشع نور الأمل على هذا العالم كلّه، عندها سيرتبط مستقبلنا بمستقبلكم، وهذا ما أريده أكثر من أي شيء”.