ما مدى تعايشنا مع التغير المناخي؟
نبيل صبحي فرج
خلق الله العالم، وأطلق الهواء بمكوناته الغازية اللازمة لتكوين المادة العضوية لبناء الخلية الحية وبنسب متزنة من ناحية الكم.. وهى 80% نيتروجين و20% أكسجين و04. 0% ثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد العناصر الأخرى اللازمة لبعض المخلوقات الأخرى.. وأي اختلال في هذه النسب يدخل في نطاق التلوث.
الثورة الصناعية وتبعاتها وصحوة البلاد النامية والفقيرة «developed and under developed» والمناوءات الاقتصادية بين الجميع… تعرضت بعض الدول التي يخشى من تفوقها وسيطرتها على اقتصاديات العالم مثل الصين والهند، والدول التي في طريقها للنمو، إلى الاتهام بتهمة التغير المناخي!!.. رغم أن المعلوم هو أن التغير المناخي ظاهرة جوية دائمة الحدوث منذ الأزل وذات تأثير تراكمي!!. فانطلاق ثاني أكسيد الكربون والميثان إلى منطقة «atmosphere» لا يضمحلان ويبقيان إلى الأبد.. حتى لو منعت الانبعاثات الأرضية!!. كما أنها تتميز بقصور ذاتي «inertia» بطىء جدًا.. وهنا تكمن المشكلة.
قامت الدول العظمى بالدعوة إلى مؤتمرات دولية للمناخ كان آخرها «COP27» في شرم الشيخ بمصر وذلك لتخفيض الانبعاثات الغازية والحفاظ على البيئة.. وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري!!.. واستعمال مصادر جديدة للطاقة النظيفة الجاري البحث عنها.. وتقرير مساعدات مالية للدول الأكثر تضررًا. وعند الوصول إلى بند التمويل تهربت بعض الدول الكبرى من التزاماتها السابق الموافقة عليها!!.
جدير بالذكر أن الوقود الأحفوري بمفرده ليس هو السبب الرئيسي لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون بل توجد أسباب أخرى منظورة وغير منظورة.. كالتصحر والحرائق بالغابات وإزالة الأشجار والبناء فوق أرضها والتمدن «urbanization» ونشاط الكائنات الحية في باطن الأرض، كلها من العوامل المشاركة في انطلاق ثاني أكسيد الكربون، ومع ذلك وبجانب التمثيل الضوئي لتخليص الطبيعة من الغاز الزائد كانت المسطحات المائية على سطح الكرة الأرضية (71% من السطح) قابلة لاصطياد الزيادة من ثاني أكسيد الكربون وذلك لاستمرار الحياة.. حيث إن شح ثاني أكسيد الكربون أو عدم ذوبانه في المحيطات والأسطح المائية يؤدى إلى تجمدها وموت ما بها من كائنات حية.. كما أن عدم وجود قدر كاف من هذا الغاز يؤدى إلى برودة الجو.. وصولا إلى درجات منخفضة لا تحتمل!!. كما أن ذوبان الغاز لا يؤثر على صحة الأسماك وتسلخاتها الجلدية لأنه من الأحماض الضعيفة جدًا… ولا تؤثر على حموضة (PH) مياه المحيط أو الأسطح المائية.
ومن اللافت للنظر أن معظم التقديرات المعلنة عن التغير المناخي يشوبها عدم الدقة لاختلاف الظروف من منطقة إلى أخرى وتجاهل ذلك!!.. والاعتماد على التقديرات المكتبية في حساب النسب المئوية المقدمة من الدول رغم عدم تحرى الدقة المتعمد!!.
أخيرًا وليس آخرًا فإن الزيادة البشرية في أعداد السكان على مستوى العالم قدرها حوالي 035000- 385000 طفل يوميًا، فكم يكون العدد في نهاية العام؟.. وبمعنى آخر يقال إنه يولد أربعة أطفال كل ثانية كل يوم.. فما مقدار ثاني أكسيد الكربون الناتج عن تنفسهم عند البلوغ!!.. فالشخص البالغ يضخ في الجو سنويًا حوالي 3 أطنان من هذا الغاز الأعجوبة!!، وهذا يفسر لنا لماذا أطلقه الله (04. 0 % في الجو بهذه النسبة البسيطة.. فزيادته ضارة وشحه أكثر ضررًا وكلاهما مشكلة بيئية!!.
ولإشعال التعاون في تقليل انبعاث الغازات المؤدية للاحترار والتغير المناخي بين الدول، سرت شائعات تؤكد غرق دلتا النيل ومحافظاتها القريبة من البحر الأبيض وبعض الدلتاوات الشهيرة بالعالم.. رغم اختلاف الظروف البيئية تمامًا!!.. وقبلها بعض العلماء على مضض!!.. وملخص تلك الشائعات أن الاحترار يسبب ذوبان الجليد في قطبي الكرة الأرضية وينساب الماء إلى المحيطات فترتفع أسطحها نتيجة الكميات الكبيرة المنسابة من أعلى المرتفعات الجليدية الذائبة.. حيث إنه من المعلوم أن حجم المياه في الثلج يقل بالذوبان ويزيد بالتجمد.. فما هي كمية المياه المنسابة إلى المحيطات والأسطح المائية التي تشغل 71 % من سطح الكرة الأرضية؟.. وما هي المسافة التي تقطعها مياه الجليد الذائب بالأميال حتى تصل إلى حوض البحر الأبيض؟، والذي يعتبر بحيرة مغلقة ومنعدم المد والجزر «high – low tide»؟؟ وما مدى وجود العوائق الطبوغراقية التي قد تعترض سريان المياه المنسابة خلال رحلتها. وما مدى انطباق كل ما سبق على منطقة البحر الأحمر.. الخالية من الموانع تقريبًا!!… والتي يرتفع المد والجزر بها إلى أكثر من متر ونصف… وبعد كل هذا فهل هناك مناورة اقتصادية على دول البحر الأبيض.. ومصر بالذات!!.. لاستنزاف الموارد الاقتصادية المنهكة لمقاومة وهم غرق الدلتا.. بل على العكس تمامًا فإن نحر التربة والإطماء هما من الظواهر الجديرة بالدراسة للدول الشاطئية في هذا الوقت!!.
خلاصة القول وبعيدًا عن الأوهام، يمكن التأكيد على إمكانية التعايش مع التغير المناخي إلى حين!!.. إذا مارسنا بنجاح وسائل تعطيل مشكلتي الاحترار وانبعاث الغازات الضارة، حيث إن تأثيراتهما تراكمية وطويلة الأمد.. وأن التوقعات تشير إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض 4-5 درجات مئوية يحتاج إلى مئات السنين، وأن الفترة الجليدية القادمة تحتاج إلى 80000 سنة!!.. ولما كانت هناك شبهة في عدم دقة التقديرات.. فيمكن للاحتياط مراعاة الآتي:
* الاستمرار في تقليص استعمال الوقود الأحفوري والتوسع في استعمال الطاقة البديلة النظيفة.
* تحجيم كل مصادر التلوث البيئي المؤكدة وأولها زيادة الكثافة السكانية!!.. وعدم التوسع في مشاريع تربية الأبقار!!.. في مزارع مجمعة لإنتاج اللحوم والألبان… واستبدالها بمجترات صغيرة متفوقة في ذلك.. كالماعز عند المزارع.. تجنبًا لزيادة انبعاث غاز الميثان.
* التوسع في إنشاء مخمرات البيوجاز للتخلص من الميثان الدائم الانبعاث في البيئة، واستعمال لهيبه في تجهيز الطعام في القرى التي تحتاج إلى شبكات للصرف الصحي.
* التوسع الكبير واللانهائي في التشجير.. حيث إن زراعة عشرين مليون شجرة على مستوى الجمهورية تضخ 260 مليون طن من الأكسجين اللازم للحياة.. وتمتص نفس الكمية من ثاني أكسيد الكربون في عملية مستمرة تسمى «OFFSET».
المصري اليوم