في الواجهةوطن

مجموعة الوساطة والحوار تدافع عن نهجها التفاوضي

اختيار “لجنة حكماء” من 41 شخصية

 

أعلن رئيس مجموعة الوساطة والحوار، كريم يونس، أمس، السبت، أن “هيئة الحوار التي يقودها ليست ناطقًا باسم شباب الحراك الشعبي المناهض، وليست في خدمة السلطة الحالية ولا السابقة”.
وقال كريم يونس: “إن الهيئة التي تقوم بمساعي الوساطة “لا تتوفر على خارطة طريق مسبقة، موضوعة من طرف السلطة القائمة“، داعيًّا فعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الوازنة إلى عرض مقترحات جادة وواقعية لجعلها أرضية عمل فريق الوساطة والحوار. ورفض يونس التشبث بمطلب رحيل الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح، لاعتباره “غير منطقي ومخالفًا للدستور، وعواقبه ستكون وخيمةً، من شأنها إدخال البلاد في فراغ مؤسساتي غير مقدور عليه”.
ودافعت مجموعة الحوار عن أحقية بن صالح في قيادة البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية جديدة، باعتباره يخضع لنص البند الدستوري رقم 102، رافضًا بذلك تبني مطلب تنفيذ البندين 7 و8 واللذين يتحدثان عن أن السيادة للشعب “ولكنها سيادة تتم عبر صندوق الاقتراع بواسطة اختيار الشعب لممثليه بكل حرية وديمقراطية”، بحسب المتحدثين باسم لجنة الحوار الوطني.
وقال المتحدثون باسم فريق الوساطة، في مؤتمر صحفي بالعاصمة: “إن أولوية الأولويات هي انتخابات رئاسية تعددية ومفتوحة وشفافة ومستعجلة ولولولاية انتقالية واحدة”. وأضافوا أن “انتخاب رئيس جديد للبلاد سيفضي إلى صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات تشريعية تؤسس برلمانًا مستمدًا من القوى الشعبية”، رافضين إشراك قادة أحزاب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أي محطة من محطات الحوار الوطني. وحذّرت من أن البلاد “دخلت بوضع حرج، سمته الأساسية هي بوادر أزمة اقتصادية، ولذلك يجب الإسراع في الرجوع بالبلد للاستقرار السياسي بإشراك كل الجزائريين؛ لأن الجزائر ليست بلادًا للنخبة بل بلاد الجميع”.
وكان متظاهرون قد احتموا صباح أمس مقر لجنة الحوار والوساطة في العاصمة، وعرقلوا عقد اجتماع مصيري يخص توزيع دعوات المشاركة في جلسات الحوار الوطني لشخصيات وناشطين في الحراك الشعبي. ورفض المحتجون استمرار عمل فريق الوساطة، بمبرر أنه يدعم خطط الحوار برؤية الحكومة الحالية، مطالبين بــ”وقف مسعى الوساطة، والعودة إلى الشعب السيد وصاحب الكلمة”، حسب الغاضبين.
وأعلن فريق الحوار، اختيار ”لجنة حكماء“ ضمت 41 شخصية، منها وزراء سابقون وخبراء ونقابيون وباحثون، لإيجاد نهج توافقي للخروج من المأزق السياسي الذي تشهده البلاد. جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي له بالجزائر العاصمة، السبت. ومن أبرز الأسماء التي ضمتها اللجنة، 3 وزراء سابقين للشباب والرياضة هم كمال بوشامة، ومحمد عزيز درواز، ومولدي عيساوي.
وانضم إلى ”لجنة العقلاء“ خبراء اقتصاديون على غرار فارس مسدور، وفريد بن يحيى، وخبير القانون الدستوري، رئيس لجنة مراقبة الانتخابات الرئاسية لعام 2004 سعيد بوالشعير. كما انضم نقيب القضاة يسعد مبروك، والنقابي بقاط بركاني، وهو عميد نقابة الأطباء، إضافة إلى مسؤول نقابة عمال التعليم الصادق دزيري.
وخلال المؤتمر، نوه يونس بالشخصيات التي قبلت عضوية اللجنة، التي ستكون بمثابة مجلس استشاري لفريق الحوار. واعتبر يونس أن الفريق يسعى إلى البحث عن نهج توافقي للخروج من المأزق السياسي الذي تمر به البلاد، يضمن مسارًا نزيهًا للوصول إلى انتخابات رئاسية. وجدد مطالبة السلطات باتخاذ ”تدابير للتهدئة للمساهمة في إنجاح الحوار (إطلاق سراح الموقوفين في المسيرات وتخفيف الرقابة الأمنية على العاصمة وفتح الإعلام الحكومي أمام النشطاء)“.
وعن مهمة الفريق ولجنة الحكماء، ذكر أنها تتمثل في ”سماع مختلف الفعاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والبحث عن أفق الخروج من الأزمة، وصولًا إلى إضفاء الشرعية على المؤسسات وهياكل الدولة وفق المقتضيات الديمقراطية“. وحسب منسق فريق الحوار، فإن الأخير ”لا يتوفر على أي أرضية معدة سلفًا، وعمله يرتكز على مختلف الأرضيات (مبادرات) التي قدمتها فعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية، إضافة لما سيفرزه الحوار من توصيات“. وكشف أن الفريق يعمل على إعداد ميثاق شرف للانتخابات القادمة، يلتزم فيه المترشحون للرئاسيات باحترام مخرجات مؤتمر الحوار والوساطة.
وقبل أيام أكد فريق الحوار والوساطة، أن كافة مقترحات الفعاليات السياسية والاجتماعية على اختلافها، ستدون وستعرض أمام مؤتمر وطني، يحدد موعد الرئاسيات ويضع شروط نزاهتها.
..فرساوي ينفي مسؤولية جمعيته بشأن احتجاج الطلبة
نفى رئيس الجمعية الوطنية للشباب “راج”، عبد الوهاب فرساوي، مسؤولية مناضليه فيما يتّعلق باحتجاج الطلبة عند اجتماع لجنة الحوار والوساطة السبت، مؤكدا تمسك الجمعية بالخيار السلمي واحترام مبادئ الديمقراطية ودولة القانون.
وقال فرساوي خلال مداخلته في ندوة صحفية لفعاليات المتجمع المدني تم عقدها في العاصمة، “تفاجأنا لما شاهدناه اليوم باتهامنا باقتحام مقر لجنة الحوار. لو كان لنا أي علاقة بهذا التجمع لكنا قد أعلنا عن ذلك، فقد أعلنا سابقا عن عدة تجمعات لكن لسنا نحن الذين نادينا اليوم لهذا التجمع ولسنا مسؤولين إذا كان المحتجون قد دخلوا أو لم يدخلوا، فالمسؤولين الوحيدين هم الطلبة الذين كانوا قد أعلنوا في بياناتهم أمس الجمعة عن تنظيم هذا التجمع”.
وأوضح فرساوي بأن “مقر لجنة الحوار المقابل لجمعية راج في شارع لعربي بن مهيدي، ربما كان السبب في رمي المسؤولية على عاتق الجمعية فيما شهده مقر هيئة الحوار من اقتحام. وفي المقابل أكد فرساوي دعم جمعيته للطالبة والتزامها بدعم الحراك وفق مسارها السلمي ومبادئها المعروفة في الدفاع عن الحقوق والحريات ومبادئ الديمقراطية ودولة القانون”.
..الرئاسيات قد تتأخر إلى أفريل 2020
وضعت هيئة الحوار والوساطة المشكلة، خطة عمل للوصول إلى تنظيم ندوة وطنية يعهد إليها نقاش تنظيم الانتخابات الرئاسية، ووضع القوانين المتعلقة بها، فيما رجح مصدر مطلع لموقع “عربي21” تحديد أفريل المقبل موعدا لإجرائها. وأفاد مصدر مقرب من كريم يونس، منسق هيئة الحوار والوساطة، أن الأخير عمل على إيجاد مقاربة تسمح له بمعالجة معضلة التمثيل في الندوة الوطنية، التي ينتظر أن تتوج جلسات الحوار الحالية مع منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وفواعل الحراك الشعبي.
وأوضح المصدر، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن كريم يونس، يعتزم دعوة خمسة ممثلين من كل ولايات البلاد الـ48، يضاف إليهم ممثلو الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار، وما يعرف بـ “الشخصيات الوطنية”، وممثلو منظمات المجتمع المدني الفاعلة.
ويطرح إشكال حقيقي، يتعلق بكيفية اختيار هؤلاء الممثلين، في ظل التشكيك العام الذي يطال عمل هيئة الحوار بعد انطلاقتها المتعثرة، واتهامها بالمقاولة لصالح السلطة خصوصا بعد اكتشاف أن عددا من أعضائها كانوا مترشحين على قوائم الأحزاب الداعمة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الأمر الذي جعل كل خطواتها محلّ توجس لدى الرأي العام. وزاد من متاعب هيئة الحوار، استقبالها قبل أسبوع لبعض الشباب من عدة ولايات، تم الترويج أنهم من “فواعل الحراك”، لكن تصريحاتهم المطنبة بشكل فاضح في مدح السلطة، طرحت عدة تساؤلات حول طريقة اختيارهم ومدى تمثيلهم حقيقة لشباب الحراك. ويحاول يونس الحصول على بعض المصداقية من خلال إعلانه إقصاء الأحزاب الداعمة للرئيس السابق من الحوار، ولقاء شخصيات تاريخية تتمتع ببعض الرمزية لكسب دعمها في مساعيه.
.. الجدول الزمني
توقع المصدر، بناء على خطة عمل هيئة الحوار، أن يتأخر تنظيم الانتخابات الرئاسية إلى أفريل 2020، إذ سيتطلب الفراغ من إعداد قانون هيئة تنظيم الانتخابات ووضع إطارها العام وكذلك تعديل قانون الانتخابات أربعة إلى خمسة أشهر، حسبه، يتم بعدها استدعاء الهيئة الناخبة التي تعني الشروع رسميا في المرحلة القبلية لتنظيم الرئاسيات على أن تجرى بعد ذلك بثلاثة أشهر.
لكن هذه الأجندة النظرية الموضوعة لتاريخ الانتخابات قد تصطدم بعراقيل عملية على الميدان، متصلة بإصرار الحراك الشعبي على رفض إجراء انتخابات في ظل بقاء رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي الذي تتهمه أحزاب المعارضة بتزوير الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة في 2017 عندما كان وزيرا للداخلية.
..هيئة تنظيم الانتخابات
وتعكف حاليا الخبيرة الدستورية وعضو هيأة الحوار والوساطة، فتيحة بن عبو، وفق مصادر أخرى، على إعداد مسودة قانون الهيئة الوطنية لتنظيم الانتخابات، من أجل عرضه على الندوة الوطنية التي لم يتحدد تاريخها بعد، لغاية إثرائه والوصول إلى نسخته النهاية التي ستعرض على البرلمان للمصادقة عليه. وتعمل بن عبو على وضع الخطوط العريضة لعمل الهيئة، باستلهام تجارب دولة إفريقية شاركت في السابق عبر مساعدتها في استحداث قوانين في إطار التحول الديمقراطي مثل البنين.
وتساعد بن عبو في اللجنة القانونية التابعة لهيئة الحوار والوساطة، المحامية فاطمة الزهراء بن براهم التي تمتلك خبرة دولية، لكنها تواجه عاصفة من الانتقادات بعد تصريحاتها المثيرة للجدل التي نفت فيها وجود سجناء للحراك. وتعول اللجنة القانونية للهيئة على وضع قانون لهيئة تنظيم الانتخابات يستجيب للمعايير التي طرحتها أحزاب المعارضة ونشطاء الحراك، في ضرورة سحب يد الإدارة كليا من عملية التنظيم لسد كل ثغرات التزوير.
..انسحاب تكتيكي للسلطة
ويعتقد زهير بوعمامة أستاذ العلوم السياسية في جامعة تيبازة، أن هيئة الحوار والوساطة، تعتبر بالنسبة للسلطة أداة مفضلة تعوض واجهتها المدنية المرفوضة من قبل عموم الشعب والأغلبية في الطبقة السياسية، ما دام الذهاب للرئاسيات هو قرار قد اتخذته وليس خيارا تريد مناقشته مع باقي الفاعلين. ويقول بوعمامة إن السلطة الفعلية تريد من خلال ذلك بناء مشروعية ظرفية لدى الشركاء في العملية السياسية -بمعنى القبول والالتزام- بكيفية وآليات الانتقال المقترحة بعد أن رسمت حدود وأسقف العملية. وأضاف: “هي بذلك تتحرك برغبة قوية في تأطير عملية الانتقال والتحكم في اللايقين المحيط بها وليس بالضرورة التحكم في مخرجاتها ونتائجها (من سيكون الرئيس القادم)”.
رضا.ب

الحياة العربية

يومية جزائرية مستقلة تنشط في الساحة الاعلامية منذ سنة 1993.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى