مراقبون يؤكدون: “الجزائر انتقلت من مرحلة مراقبة الوضع إلى إبعاد شبح حرب جديدة في ليبيا”
يرى متابعون توقيت الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأمن بالجزائر أن يحمل الكثير من الدلالات والذي تزامن مع التحركات التركية المشبوهة، على أنها “تذكير لأردوغان بوجود دول إقليمية معنية بالأزمة الليبية بينها الجزائر”.
وبقراءة الخطاب الأول للرئيس الجمهورية في مراسم تنصيبه التي أعلن فيها “رفض الجزائر التدخلات الخارجية في الجارة الشرقية”، وبأن الجزائر “ترفض إبعادها عن حل الأزمة الليبية” مع اجتماع الخميس، يتضح بحسب مراقبين أن “الجزائر انتقلت من مرحلة مراقبة الوضع إلى إبعاد شبح حرب جديدة في ليبيا لن يكون الخاسر فيها إلا دول المنطقة”.
وذكر محللون سياسيون لـموقع “العين الإخبارية” أن غياب الدور الجزائري خاصة في 2019 عن الأزمة الليبية، فتح المجال أمام تركيا وحلفائها لفرض واقعهم بشكل بات يهدد الحدود الشرقية للجزائر، خاصة بعد زيادة النشاط الإرهابي في الصحراء الليبية، وترحيل أنقرة دواعش من سوريا إلى ليبيا.
وليس الدور التركي فقط من يزعج الجزائر، بل أن الجزائر باتت تنظر للتواجد العسكري الفرنسي في مالي ودورها في ليبيا على أنه تهديد لها، ومرتبط بما قالت “إنها ضغوط فرنسية على الجزائر بعد خسارة جزء كبير من مصالحها ونفوذها في الجزائر”، بالإضافة إلى “رصد الجيش تحركات لجماعات إرهابية منظمة وبشكل غير مسبوق على الحدود مع مالي في الشهرين الأخيرين، وصده لمحاولة اختراق الحدود نهاية الشهر الماضي من قبل جماعة إرهابية”.
ويقول المراقبون، إن قرار الجزائر بالعودة إلى ملفي ليبيا ومالي، يأتي نتيجة لما تراه “أداوراً مشبوهة لتركيا وفرنسا” تستهدف أمنها القومي بالدرجة الأولى، وأمن المنطقة برمتها التي يصفها المراقبون بـ”المنطقة الهشة أمنياً”.
ولم يسبق لرئيس جزائري أن تطرق لموضوع دولي في خطاب موجه للشعب، كما فعل تبون عندما تحدث عن دور الجزائر في حل الأزمة الليبية، وتركيزه عليه في حملته الانتخابية، ما يعني أن الرجل مطلع على خفاياها وما يحاك للمنطقة.
والظاهر أن تحرك الجزائر جاء بعد تأكدها من سعي تركيا لتحويل ليبيا إلى بؤرة حرب جديدة كما فعلت بسوريا، وهو السيناريو الذي قال عنه الرئيس تبون في تصريحات سابقة إنه “تهديد مباشر لدور الجوار الليبي التي كانت أكثر الدول المتضررة من أزمتها منذ بدايتها في 2011”.
واتضح ذلك من موقف السفير الجزائري في ليبيا كمال حجازي الذي أعلنها صراحة بأن بلاده “لن تسمح بظهور حلب جديدة في ليبيا”، وهي رسالة مباشرة لتركيا وأطراف خارجية متدخلة ومتداخلة في الأزمة الليبية، على أن الجزائر “تعرف حقيقة النوايا التركية، من خلال محاولة تكرار سيناريو زعمها إنقاذ المدنيين في حلب”.
وتوقع خبراء أن تشهد المرحلة المقبلة تنسيقاً أكبر بين دول الجوار الليبي الثلاثة وهي الجزائر ومصر وتونس، والتركيز على الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة والقوى الكبرى على رأسها روسيا والولايات المتحدة، بهدف إبعاد شبح الحرب عن ليبيا والمنطقة، والعمل على تحييد الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة.
م.م