مساهل من واشنطن: “ممارسة حرية المعتقد لا يجب أن تستخدم كذريعة للتدخل الأجنبي”
شدد وزير الشؤون الخارجية، عبد القادر مساهل، بواشنطن “أن الدين لا يجب أن يصبح خطا للقطيعة وفضاء للمواجهة بين الأفراد والشعوب كما يريده أصحاب إيديولوجيات التطرف والطائفية الدينية”.
وفي كلمة ألقاها في الندوة الوزارية حول الحريات الدينية أوضح الوزير أن “الاختلاف لا ينجر عنه بالضرورة تهديدا كما أن التنوع ينطوي دائما على إمكانيات كبيرة للإثراء المتبادل”. “ممارسة العقيدة الدينية شكل مهم من أشكال التعبير عن الحرية الفردية ويجب أن تبقى وتكون محمية من اتجاهات عدم التسامح والإقصاء”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “هذه الغاية تتطلب ترقية محيط مؤسساتي موات يرتكز على القاعدة الصلبة لسلطة القانون والمساواة في الحقوق دون أي تمييز أوتفرقة”. وأشار السيد مساهل إلى أن “هذا التحدي المتقاسم الذي يستوقف جميع الأمم يدعو إلى إجراءات أكثر من شانها ان تعزز بشكل متزايد عالمية القواعد التي انضمت إليها البلدان بمحض إرادتها في إطار المعاهدة الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية”.
وفي الأخير، أكد رئيس الدبلوماسية الجزائرية ان “ممارسة حرية المعتقد لا يجب أن تستخدم كذريعة للمساس بالنظام والأمن والصحة العامة، أو الأخلاق والحريات والحقوق الأساسية للغير”، مضيفا “كما لا ينبغي أن تكون أداة ودافعا للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدولي بل على العكس من ذلك لاسيما في هذا العالم غير المستقر، يجب أن تبقى الديانات مصدرا للأخوة والسلم وليس الكراهية والنزاعات”. وخلص وزير الشؤون الخارجية بالقول “هذه هي قناعة الجزائر وغرض عملها في داخل حدودها وعلى الصعيد الدولي”.
وفي سياق ذي صلة، ذكّر وزير الشؤون الخارجية، أن الجزائر لها تاريخ على مدى ثلاثة آلاف سنة يتميز بالتنوع الثقافي، صرح السيد مساهل أن “الجزائر، أرض الإسلام، أنجبت القديس أوغسطين وأعطت للمسيحية أحد أبرز وأروع علماء الدين”.
وذكر في نفس السياق أن “الجزائري بمبادرة من رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، كرمت ذاكرتها عندما تنظمت في 2001 بعنابة بالقرب من مدينته الأصلية تاغست (حاليا سوق أهراس) ندوة دولية كبيرة حول عمله ومساهمته في إثراء الفكر والعقيدة المسيحية”.
وتابع مساهل:”الجزائر أرض الإسلام قد أعطت كذلك للإنسانية الأمير عبد القادر الذي أنقذ في زمنه حياة ألاف المسيحيين خلال منفاه في دمشق، وكان أول من وضع قواعد القانون الدولي الإنساني حسب شهادة الرئيس الحالي اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. وكتب لأعدائه في 1845 لجنرالات فرنسيين خلال المقاومة التي قادها في مواجهة المحتل حول موضوع جنودهم المعتقلين “أرسلوا قسا إلى المخيم ولن ينقصه شيء وسأحرص على أن يكرموا ويحترموا كما ينبغي (…) سيصلي كل يوم مع المعتقلين وسيواسيهم وسيراسل عائلاتهم”. وسيحفظ التاريخ كذلك أنه كان معترفا به كفاعل سلام ديني” لأنه كرر مرارا أنه” لوأن المسلمين والمسيحين أرادوا الالتفات إلي لأوقفت نزاعاتهم وأصبحوا داخليا وخارجيا إخوة”.
وأضاف السيد مساهل أن “الجزائر أرض الإسلام لها تاريخ، حيث وجدت فيها اليهودية ومعتنقوها سواء منهم السكان الأصليون أو اللاجئون الهاربون، لا سيما من الاضطهاد وكما يشهد بذلك قبر وضريح أحد الحاخامات الأكثر شهرة في العالم والموجود يتلمسان بالجزائر واللذان تتم زيارتهما بانتظام من طرف رعايا أجانب يهود”.
كما ذكر وزير الشؤون الخارجية أن الجزائر التي لطالما حرصت على التكفل بالانشغالات المتعلقة ببناء دولة معاصرة ومسامحة مبنية على القيم الشخصية للشعب الجزائري منها تلك التي يحملها الدين الإسلامي في ذاته والتي تعلم انه “لا وجود للإكراه في الدين” وعلى القيم الدولية التي تجمع اليوم بين المجتمع الدولي والإنسانية في مجملها. وأضاف الوزير قائلا انه قد تم تأكيد هذا الانشغال في مرحلة مبكرة وباقتناع عميق من طرف النداء الذي أطلق ثورة 1 نوفمبر 1954 والذي تقرر من خلاله الكفاح من اجل الاستقلال الوطني وإنشاء دولة ديمقراطية واجتماعية مبنية على “احترام كل الحريات الأساسية بغض النظر عن العرق او الديانة”.
س.ب